344

১৯ শতকের শুরুতে মিশর (১৮০১-১৮১১) (প্রথম খণ্ড)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

জনগুলি

قال: هي أن تدخلوا تحت حكمه وطاعته، وهو يوليكم المناصب التي تريدونها بشرط أن تقوموا بدفع الفرض التي يقررها على النواحي، والغلال الميرية، والخراج، وتعيين من يريده منكم صحبة العساكر الموجهة إلى البلاد الحجازية لفتح الحرمين، وتكونوا معه أمراء مطيعين، وهو يعطيكم الأمريات والإنعامات الجزيلة، ويعمر لكم ما تريدون من الدور والقصور التي لكم ولأتباعكم على طرفه، ولا يكلفكم بشيء من الأشياء، وقد رأيتم وسمعتم ما فعله من الإكرام والإنعام على شاهين بك، وما أعطاه من المماليك والجواري الحسان، وشفعاته عنده لا ترد، وأطلق له التصرف في البر الغربي من رشيد إلى بني سويف والبهنسا، مما هو تحت حكمه، ويراعي جانبه إلى الغاية.

فقال له إبراهيم بك: نعم إنه فعل مع شاهين بك ما لا تفعله الملوك، فضلا عن الوزراء، وليس ذلك لسابق معروف فعله شاهين بك معه ليستحق به ذلك، بل هو لغرض سوء يكتمه في نفسه، وشبكة يصطاد بها غيره، فإننا سبرنا أحواله وخيانته، وشاهدنا ذلك في كثير ممن خدموه، ونصحوا معه حتى ملكوه هذه المملكة.

قال: ومن هم؟

قال: أولهم مخدومه محمد باشا خسرو، ثم كتخداه وخازنداره عثمان آغا جنج الذي خامر معه، وملك مع أخيه المرحوم طاهر باشا القلعة، وأحرق سرايته، ثم سلط الأتراك على طاهر باشا حتى قتلوه في داره، وأظهر موالاتنا وصداقتنا ومساعدتنا، وصير نفسه من عسكرنا، واتحد بعثمان بك البرديسي، وأظهر له خلوص الصداقة والأخوة، وعاهده بالأيمان حتى أغراه على علي باشا الطرابلسي، وجرى ما جرى عليه من القتل، ونسب ذلك إلينا، ثم اشتغل معه على خيانته لأخيه الألفي وأتباعه، ثم سلط علينا العساكر بطلب العلوفة، وأشار على عثمان بك بطلب المال من الرعية، حتى وقع لنا ما وقع، وخرجنا من مصر على الصورة التي خرجنا عليها، ثم أحضر أحمد باشا خورشيد ، وولاه وزيرا، وخرج هو لمحاربتنا، ثم اتضح أمره لأحمد باشا، وأراد الإيقاع به، فعجل العود إلى مصر، وأوقع بينه وبين جنده حتى نفروا منه ونابذوه، وألقى إلى السيد عمر مكرم والقاضي والمشايخ أن أحمد باشا يريد الفتك بهم، فهيجوا العامة والخاصة، وجرى ما جرى من الحروب وحرق الدور، وبذل السيد عمر جهده في النصح معه بما يظهره له من الحب والصداقة، وراجت عليه أحواله، حتى تمكن أمره وبلغ مراده، وأوقع به ما أوقع، وأخرجه من مصر (القاهرة) وغربه عن وطنه، ونقض العهود والمواثيق التي كانت بينه وبينه، كما فعل مع عمر بك (الأرنئودي) وغيره، وكل ذلك معلوم، ومشاهد لكم ولغيركم، فمن يأمن لهذا ويعقد معه صلحا؟

واعلم يا ولدي أننا كنا بمصر نحو العشرة آلاف أو أقل أو أكثر بين مقدمي ألوف وأمراء وكشاف وأكابر وجاقات ومماليك وأجناد وطوائف وخدم وأتباع، مرفهي المعاش بأنواع الملاذ، كل أمير مختص ومعتكف بإقطاعه، مع كثرة مصارفنا وإنعاماتنا على أتباعنا ومن ينتسب إلينا، وأسمطة الجميع ممدودة في الأوقات المعهودة، ولا نعرف عسكرا ولا علوفة عسكر، والقرى والبلاد مطمئنة، والفلاحون ومشايخ البلاد مرتاحون في أوطانهم، ومضايفهم مفتوحة للواردين والضيفان، مع ما كان يلتزم علينا من المصارف الميرية، ومرتبات الفقراء، وخزينة السلطان، وصرة الحرمين، والحجاج، وعوائد العربان، وكلف الوزراء المتولين، والأغوات، والقبالجية المعينين، وخدمهم، والهدايا السلطانية، وغير ذلك، وأفندينا محمد علي ما كفاه إيراد الإقليم، وما أحدثه من الجمارك والمكوس، وما قرره على القرى والبلدان من فرض المال والغلال والجمال والخيول، والتعدي على الملتزمين، ومقاسمتهم في فائظهم ومعاشهم، وذلك خلاف مصادرات الناس والتجار في مصر وقراها، والدعاوى والشكاوى، والتزايد في الجمارك، وما أحدثه في الضربخانة من ضرب القروش النحاس، واستغراقها أموال الناس، بحيث صار إيراد كل قلم من أقلام المكوس بإيراد إقليم من الأقاليم، ويبخل علينا بما نتعيش به نحن وعيالنا، ومن بقي معنا من أتباعنا ومماليكنا، وقصده صيدنا وهلاكنا عن آخرنا.

فقال حسن باشا: حاشا لله، لم يكن ذلك، ودائما يقول والدنا إبراهيم بك، ولكن لا يخفاكم أن الله أعطاه ولاية هذا القطر، وهو يؤتي الملك من يشاء، ولا ترضى نفسه من يخالف عليه، أو يشاركه بالقهر والاستيلاء، فإذا صار الصلح ووقع الصفا أعطاكم فوق مأمولكم.

فهز إبراهيم بك رأسه وقال: صحيح يكون خيرا.

ويزيد غير الشيخ الجبرتي على هذا الحديث، أن إبراهيم بك اختتم كلامه متسائلا بعد أن سرد خيانات الباشا وعددها، وأوضح أن غرضه الفتك بالبكوات فحسب: والآن أية ثقة تلك التي تريد (مخاطبا حسن باشا) أن تكون لنا في رجل كهذا الرجل؟ لقد كنا سادة البلاد، ولكنه أفقدنا كل شيء! ثم ماذا يعرض علينا في نظير ذلك؟ كلمته ووعوده؟ لا شك أن هذا قليل! وعقد محالفة صادقة مع محمد علي أمر غير ممكن؛ لأن ما جرى من دم بيننا كثير!

وهكذا انفض المجلس، ورجع حسن باشا وصالح قوج، وعديا إلى بر مصر.

وكان ما سمعه حسن باشا كلاما خطيرا ترك أثره العميق في نفسه، فخرج من عند إبراهيم وهو يعتقد تماما أن لا جدوى مطلقا من أي اتفاق يبرمه الباشا مع المماليك، لا لأن محمد علي - كما يزعم إبراهيم - يريد الغدر بهم، ولكن لأن البكوات أنفسهم لا يريدون هذا الاتفاق الذي إذا حدث وأرغموا على قبوله اليوم، فهم حتما سوف ينقضونه غدا عند سنوح أول فرصة، واعتقد حسن باشا أن السيف وحده الكفيل بإنهاء هذا الخلاف المستحكم بين البكوات ومحمد علي، وأبلغ حسن باشا هذا الكلام لمحمد علي.

অজানা পৃষ্ঠা