১৯ শতকের শুরুতে মিশর (১৮০১-১৮১১) (প্রথম খণ্ড)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
জনগুলি
وعند وصول «لسبس» إلى القاهرة قوبل - على حد قوله - بترحيب عظيم، وأرسل إليه إبراهيم بك يطلب الاجتماع به سرا، وتم هذا الاجتماع في بيت إبراهيم بك في 7 أغسطس، فقال له إبراهيم بك: «إن الفرنسيين تسببوا في إيذاء المماليك وأفقدوهم سلطانهم، وغادروا مصر دون أن يفعلوا شيئا لتمكين البكوات من استرجاع نفوذهم وسلطتهم، ولم يجيبوا بشيء على مقترحات وكلاء البكوات الذين لم يطلبوا سوى مؤازرة من كانوا بالأمس أعداءهم، فقد حارب البكوات وتمسكوا بمعاهدة مراد بك مع «كليبر»، وإذا كان البكوات الآن غير متحدين فإنما ذلك خطؤهم هم وحدهم، وقد كلفهم قصر نظرهم هذا ثمنا غاليا، ولقد عرفوا الآن حقيقة الإنجليز والعثمانلي، وخدعهم الإنجليز بوعودهم الخلابة، ولا غرض لهم سوى صرف البكوات عن صداقة ومحبة الفرنسيين، ولكنهم يعرفون مصالحهم، وهم (أي البكوات) لا يريدون رئيسا لهم وحاميا سوى السلطان العظيم بونابرت.»
ورجا إبراهيم بك «لسبس» أن يوفد رسولا يثق به إلى فرنسا؛ «لأن كل خطابات البكوات التي أرسلوها إلى فرنسا لم تصل، وهم لا يعرفون لذلك نوايا القنصل الأول أو ما يريده منهم، وطلب إبراهيم أن يبلغ هذا الرسول «بونابرت» أنهم على استعداد لقبول أية حلول قد يراها، فإذا شاء إعطاءهم الشام تركوا له مصر وقاموا هم بفتح الشام، وإذا شاء بقاءهم بالقاهرة كما كانوا سابقا في نظير دفع الميري للسلطان كانوا طوع إرادته، وإذا شاء أن يعودوا إلى الصعيد أجابوه إلى ذلك أيضا، وإذا شاء أن يساعدهم سرا ودون أن تفسد علاقته بالباب العالي قبلوا مساعدته ونصحه وإرشاداته، وإذا شاء جهرا أن يستقلوا حاربوا من أجله ومعه وهم واثقون من النصر، وأخيرا إذا فرض عليهم «بونابرت» شروطا فهم يطيعون كل ما يمليه عليهم.»
وكثر اجتماع «لسبس» بالبكوات في القاهرة، وتردد البكوات «أصدقاء» فرنسا عليه، وكان من هؤلاء الأخيرين «حسين بك الزنطاوي»، وهو يوناني الأصل كسب ثقة عثمان البرديسي رئيس المرادية، وأخفقت مساعي الوكيل الإنجليزي «مسيت»
Missett
في استمالته، فنصب نفسه لمقاومة مساعي الإنجليز مع البكوات، ويبدو أنه كان صاحب الفضل في استمالة جماعة البرديسي إلى فرنسا؛ لما كان يؤمله اليونانيون وقتئذ من تحرير بلادهم على يد بونابرت، واسترعى نظر الوكيل الإنجليزي بالقاهرة ما شهده من ترحيب البكوات بخصمه الفرنسي وتردد المماليك عليه واجتماع رؤسائهم به، فكتب «مسيت» إلى حكومته في 25 أغسطس بأن هناك ما يدعو للاعتقاد «أن تعليمات القنصل الفرنسي ليست مقصورة على حماية التجارة «الفرنسية»، بل وهناك من القرائن ما يدعوه لتصديق أقوال أذيعت قبل رحيل الجيش البريطاني من الإسكندرية تفيد أن البكوات قدموا طلبا إلى فرنسا يطلبون حمايتها»، وكان «مسيت» قد كلف قبل ذلك في 8 أغسطس إلى نائب القنصل الإنجليزي في رشيد «بتروتشي»
(أو البطروشي أو بطروش كما سماه الجبرتي) أن يتصل بعثمان بك البرديسي وقت وجوده بتلك الجهة، حتى يقف منه على حقيقة نواياه وأن يصرفه عن صداقة الفرنسيين.
ولكن ترحيب البكوات بالمندوب أو «القنصل» الفرنسي ، وحسن معاملتهم له ما لبثت أن تغيرت في الشهور التالية، وأما سبب تغير مسلك البكوات معه فهو وقوفهم - على ما يبدو - على «خيانة» لسبس و«كشفه» لهم مع الجزائرلي، وقد شكا «لسبس» من مسلك البكوات معه ومع المحميين الفرنسيين في القاهرة.
ولا شك في أن خيانة «لسبس» لثقة البكوات به كانت خطأ جسيما - كما ذكرنا - بل إن «تاليران» وزير خارجية حكومته ما لبث أن وجه إليه اللوم الشديد عندما علم بما فعله، فكتب إليه في 26 سبتمبر أنه أخطأ في إطلاع «علي الجزائرلي» على كتاب عثمان بك، ولما كان تاليران يعتقد أنه ما زال بالإسكندرية، فقد أبلغه إرادة القنصل الأول الذي يطلب منه الإسراع بالذهاب إلى القاهرة. وأما القنصل الأول فقد ثارت ثائرته عندما بلغه ما فعله «لسبس»، فكتب إلى تاليران في 24 نوفمبر أن يبلغ «لسبس» «أنه كان مخطئا عندما أطلع باشا القاهرة (علي باشا الجزائرلي) على خطاب المماليك (عثمان البرديسي)، وأنه يجب عليه أن يرسل إلى فرنسا كل ما قد يعرضه عليه البكوات بعد ذلك، من غير أن يخبر الأتراك بشيء من ذلك.»
وقد ظهر تغير البكوات من ناحيته، عندما فرضت «حكومة القاهرة» في أغسطس إتاوات شديدة على المسيحيين دون استثناء المحميين الفرنسيين، الذين تعفيهم فرمانات الباب العالي - أو الامتيازات - من هذه الإتاوات والمغارم، وتدخل «لسبس» لإعفاء هؤلاء والمحميين التابعين للسويد، والذين لم يكن لهم قنصل بالقاهرة، كما نجح في تخفيف الإتاوات على سائر المسيحيين، وانتهز هذه الفرصة حتى يبلغ إبراهيم بك أنه يعده هو وعثمان البرديسي - الذي كان مع محمد علي بدمنهور وقتئذ استعدادا للزحف على الإسكندرية وحصارها - مسئولين عن أمن الفرنسيين بها عند سقوطها، وطلب إلى إبراهيم أن يصدر «أوامر» صريحة بذلك إلى البرديسي، كما أبدى اهتمامه بصالح وكيل الجمهورية الفرنسية بدمياط «باسيلي فخري» وتعويضه عما ناله من أضرار وقت سقوط دمياط.
وأساء البكوات عموما تمسك «لسبس» بالفرمان - أو الامتيازات - وعندما فرض البكوات في أكتوبر «قرضا» على المسيحيين، لم يفلح «لسبس» هذه المرة في إعفاء «الرعايا» الفرنسيين منه فدفعوا نصيبهم منه، وشكا من عثمان بك الذي وصفه بأنه «رجل أهواء وظالم»، وكان «لسبس» قد أبلغ حكومته عن تقرير هذا القرض وقدره 200 كيس منذ 20 سبتمبر، وقال إنه لم يجد مناصا من قبول «الرعايا» الفرنسيين لدفع نصيبهم منه؛ تفاديا للمخاطر التي قال البكوات: «إن هؤلاء والمسيحيين عموما سوف يعرضون أنفسهم لها إذا امتنعوا عن الدفع.» فقبلوا الدفع أو إقراض «الحكومة» بضمانة الميري «خوفا مما يلحق من أذى بالرعايا الفرنسيين وبالراية الفرنسية.»
অজানা পৃষ্ঠা