222

১৯ শতকের শুরুতে মিশর (১৮০১-১৮১১) (প্রথম খণ্ড)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

জনগুলি

ومنذ 2 سبتمبر كتب «دروفتي» من القاهرة إلى «سباستياني» أن الإنجليز بالإسكندرية يستعدون لإخلائها، وأن محمد علي قد اتخذ مقره العام بدمنهور، وأنه استطاع قبل هذا التاريخ القيام بعمليات استطلاعية حتى القطع أو الحد الذي بين بحيرتي المعدية ومريوط، ولو أن الإنجليز قد قابلوه بإطلاق المدافع عليه من زوارق مدفعيتهم الواقفة في هاتين البحيرتين.

على أن الباشا عندما دخل إلى دمنهور وجد في انتظاره بها رسولا موفدا من قبل الجنرال «فريزر» يسأله جواز مرور لضابط من رتبة عالية يذهب إلى دمنهور للمفاوضة مع سموه في أمور على غاية من الأهمية، وبعبارة أخرى للاتفاق على شروط الجلاء عن الإسكندرية. (3) اتفاق الجلاء عن الإسكندرية

فقد تسلم «فريزر» في 30 أغسطس التعليمات التي بعث بها إليه السير «جون مور» من «مسينا» في 11 يوليو، وفيها يخبره - كما علمنا - بضرورة الاستعداد منذ الآن لإخلاء الإسكندرية حتى يتسنى تنفيذ ذلك فورا بمجرد سماعه من السير «آرثر باجيت»، ويرجو إذا فشلت مفاوضات «باجيت» مع الأتراك أن يتمكن «فريزر» من الوصول إلى اتفاق مرض مع محمد علي والأرنئود على أساس تسليم الإسكندرية إلى هؤلاء في نظير تسليم الأسرى الإنجليز، وما يكونون قد استولوا عليه من مدافع ومهمات أثناء حربهم مع جيش «فريزر».

فكان بناء على هذه التعليمات أن شرع «فريزر» ينقل العتاد الثقيل وسائر المهمات التي لا تدعو الحاجة إليها إلى السفن سرا ودون أن يثير أية شكوك - كما قال - في أذهان السكان من ناحية أغراض الإنجليز ونواياهم، ولو أنه اضطر في الوقت نفسه إلى إبقاء بعض المهمات الضرورية لاستخدامها في عمليات الميدان والدفاع عن الإسكندرية؛ لأن الباشا كان قد أحضر إلى دمنهور وقتئذ قسما كبيرا من قواته التي بالقاهرة لتحقيق الغرض الذي أعلن عنه، وهو غرض لا يدل على حكمة كبيرة، من حيث تجريدنا من الإسكندرية.

ثم إن «فريزر» لم يلبث أن تسلم يوم 3 سبتمبر رسالتي «باجيت» المحررتين من جزيرة «إيمبرو» في 30 أغسطس، يطلب هذا فيهما منه التهيؤ للانسحاب من الإسكندرية فور وصول الأمر إليه بذلك، وقد ذكر له «باجيت» الأسباب التي دعته إلى إصدار تعليماته هذه إلى «فريزر» وهي - كما ذكرنا - توقعه الوصول قريبا إلى إبرام معاهدة مع الباب العالي سوف تكون نتيجتها المباشرة إخلاء مصر، على أن «باجيت» لم يلبث أن ذكر في إحدى رسالتيه هاتين أنه يعتقد عموما أن الواجب يقتضي «فريزر» عدم إضاعة وقت طويل على الأقل في بدء عملية إنزال الجند إلى السفن استعدادا للرحيل، ثم أضاف أنه لا مانع من أن يستعين «فريزر» بالمعلومات التي ذكرها له بشأن مفاوضاته مع الباب العالي، وتأكيد القبطان باشا له بأن الأسرى الإنجليز سوف يطلق سراحهم فورا، في تدبير الوسيلة التي يراها هو أكثر ملاءمة وأجدى نفعا في تنفيذ الوعد الذي أعطاه القبطان باشا لصالح الأسرى البريطانيين.

ولما كان «ريفارولا» قد عاد من مفاوضته مع محمد علي في إمبابة يحمل للقائد الإنجليزي تصميم الباشا على ضرورة جلاء الإنجليز عن الإسكندرية قبل أي اتفاق يعقد بينه وبينهم سواء بشأن أسراهم أو بشأن غير ذلك من الأمور، فقد صح عزم «فريزر» بوصفه قائد القوات البرية و«هالويل» بوصفه القائد البحري بالإسكندرية على الاستجابة لرغبة محمد علي، والموافقة على إخلاء الإسكندرية لقاء تسليم الأسرى البريطانيين من جهة، وإصدار عفو شامل من جانب محمد علي عن أهل الإسكندرية، وكل أولئك الذين عاونوا الإنجليز من أهل البلاد أثناء حملتهم.

وكان مبعث هذا الشرط الأخير أن الإسكندريين سرعان ما أفزعهم تقرير الإنجليز الانسحاب من الإسكندرية، وصاروا يخشون انتقام الباشا منهم، إذا سلمت إليه مدينتهم بعد مناصرتهم لأعدائه، واستبد بهم الفزع على وجه الخصوص من توقع ما سوف يلقونه على أيدي الأرنئود عند دخولهم إلى مدينتهم من اعتداء على أرواحهم وأموالهم، وتعريض مدينتهم لكل ضروب السلب والنهب التي اشتهر عن الأرنئود اقترافها في كل مكان يحلون به، لا سيما وأنهم كانوا قد منعوهم من الدخول إلى الإسكندرية للدفاع عنها، ومكنوا بدلا من ذلك للإنجليز احتلالها، وصاروا الآن لا يرون خلاصهم إلا في بقاء هؤلاء بمدينتهم أو تسليمها إلى حامية عثمانية، لا يتوقعون أن تعصف بهم.

وتصدى للدفاع عن الإسكندريين وعن قضيتهم كل من «هالويل»، و«فريزر» و«مسيت»، وعقدوا آمالا كبيرة على أن «باجيت» في مفاوضاته مع الباب العالي سوف يتسنى له اشتراط تأمين هؤلاء على سلامة أرواحهم وأموالهم وإنقاذهم من انتقام الأرنئود منهم، فكتب «هالويل» إلى «كولنجوود» في 20 أغسطس أنه قد أدهشه عند عودته إلى الإسكندرية أمس بعد تغيبه عنها ثلاثة أيام في أبي قير أن يجد حالة من الاضطراب والفزع تسود المدينة على أثر رواج إشاعة بأن الجنود البريطانيين سوف يخلون مصر، ولا يمكن وصف الرعب الذي استولى على أهل الإسكندرية، كما استبد بهم لدرجة اليأس الخوف من التخلي عنهم؛ ليقعوا فريسة لغضب الأرنئود الجنوني، ويبدو أن سبب ذيوع هذا النبأ عن رحيلنا هو ما اتبع في إنزال المهمات والعتاد من كل الأصناف إلى السفن في سرعة غير حكيمة ودون إخباري، كما كانت علائف الفرسان من بين الأشياء التي نقلت إليها، فضباط الجيش يتحدثون في ثقة عن انتظار الرحيل فورا، وكان من نتيجة الإجراءات السالفة الذكر على يد المسئولين في الحملة أن باع الضباط خيولهم وحميرهم، وابتاعوا المواشي تهيؤا لنقلها على ظهر سفن النقل وأخذها معهم، ولما كان السكان قد شاهدوا هذه الاستعدادات فقد هاجت خواطرهم بالضرورة وسيطر عليهم الفزع؛ ولذلك فقد وجدت من جانبي أن أبعث إليكم فورا بالسفينة الحربية «أبولو» لأبلغكم مخاوف أهل الإسكندرية ورغائبهم.

فهؤلاء إنما ترغبهم في حالة إبرام الصلح بين إنجلترة وتركيا فكرة التخلي عنهم دون اشتراط شيء في صالحهم، ويرتعدون خوفا من مغادرتنا لهذه البلاد قبل أن تأتي حامية من القسطنطينية لتسلم المدينة وقلاعها؛ حتى تحميهم من غضب الأرنئود وتهورهم، وهم (أي الأرنئود) الذين لا يمكن بحال تهدئة غضبهم هذا على أهل الإسكندرية بسبب ما أظهروه من ولاء ومحبة لنا؛ ولذلك فرجائي ألا أكون قد تجاوزت حدود واجبي إذا أبديت لكم ما أعقده من آمال كبار وباهتمام زائد على إمكان الوصول إلى ترتيب في حالة عقد الصلح مع تركيا، يتسنى بمقتضاه للجنود البريطانيين عدم مغادرة الإسكندرية حتى تصل إليها حامية عثمانية من القسطنطينية لتحل محلهم، وهذا كل ما يرجوه أهل الإسكندرية التعساء، ولا جدال في أنه يحق لهم بفضل ما أظهرناه نحن من ضروب الصداقة، وأكدناه بتصريحاتنا لهم أن يتوقعوا منا العناية بأمرهم. وأيد «كولنجوود» كل ما طلبه «هالويل».

وأما «فريزر» فقد كتب في اليوم نفسه إلى السير «آرثر باجيت» أن «هالويل» قد أبلغه هذه اللحظة بعزمه على إرسال إحدى سفنه فورا إلى «كولنجوود» لإحاطته علما بمقدار الفزع الذي ساد بين الإسكندريين نتيجة لذيوع الخبر عن عزم البريطانيين على إخلاء البلاد والجلاء عن الإسكندرية، ثم راح يؤيد رجاء «هالويل» في ضرورة إرسال حامية عثمانية إلى الإسكندرية عند عقد الصلح مع الباب العالي، حتى تتسلم المكان من البريطانيين، وتحول بذلك دون تعرض الإسكندريين لغضب الأرنئود وانتقامهم منهم.

অজানা পৃষ্ঠা