১৯ শতকের শুরুতে মিশর (১৮০১-১৮১১) (প্রথম খণ্ড)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
জনগুলি
من رشيد في 5 مايو: «إن الأرنئود (جند طاهر باشا الثائرين) هاجموا سراي خسرو وتبادلوا مع حرسه وأعوانه إطلاق المدافع والقنابل، كما استخدم الفريقان البنادق والسيوف، فانتصر الثوار وأحرقوا منزل الباشا - وهو نفس المنزل الذي جعله الفرنسيون مقر قيادتهم العامة بالقاهرة، وكان بيت الألفي القديم بالأزبكية - وانفض جماعة خسرو من حوله، ما عدا بعض الفرنسيين الذين كانوا في خدمته وبعض الضباط الترك، فاضطر الباشا إلى الفرار في 2 مايو، وخرج من القاهرة قاصدا المنصورة ودمياط.»
ولزم محمد علي جانب الحيطة والحذر في أثناء هذه الحوادث ، فترك طاهر باشا يتهور في إعلان عصيانه على ممثل الباب العالي الشرعي في مصر، وقد كان من صالح محمد علي أن يرقب ما يترتب على ذلك من آثار في القسطنطينية، وملاحظة وقع هذا «الانقلاب» على الدول ذات المصلحة في استقرار الأمور في البلاد، ثم موقف البكوات المماليك ومراقبة مسلك الإنكشارية؛ وهم طوائف الأجناد الأخرى الذين لم يشتركوا في هذا الحادث.
وقد دل فرار خسرو من القاهرة على أن العثمانيين عاجزون عن إنشاء تلك الحكومة القوية التي في وسعها صون البلاد من أي غزو أجنبي جديد قد يقع عليها، كما دل عصيان الجند وتمردهم، على أن هذه القوات الألبانية (عماد الجيش العثماني في مصر) لا يمكن الاعتماد عليها في الدفاع عن مصر، وعزز عصيانهم هذا رأي القواد الإنجليز فيهم من أيام القتال ضد الفرنسيين لإخراجهم من هذه البلاد، لا سيما بعد أن دلت هزيمتهم في دمنهور والمنيا على أن المماليك وبكواتهم هم القوة العسكرية المفضلة التي في وسعها رد الغزو الأجنبي، على نحو ما اعتقد القواد والوكلاء الإنجليز خصوصا، فأقبلوا الآن أكثر من ذي قبل على مناصرتهم، وانصرف الوكلاء الفرنسيون بدورهم إلى تعطيل مساعي خصومهم الإنجليز ومحاولة إنشاء الصلات الوثيقة مع البكوات؛ حتى يستطيعوا كذلك تأييد المصالح الفرنسية عن طريقهم، فصارت البلاد مسرحا للصراع بين السياستين: الإنجليزية والفرنسية من أجل الظفر بالنفوذ الأعلى فيها، وكان هذا الصراع من أسباب زيادة حدة الفوضى السياسية في مصر في السنوات التالية.
الفصل الثاني
فرنسا وسياستها «السلبية» في مصر
بدأت المفاوضات بين إنجلترا وفرنسا من أجل الاتفاق على إخلاء الفرنسيين لمصر منذ أن ذاعت وتأكدت أخبار انتصار الإنجليز في موقعة كانوب، فعقدت مقدمات الصلح في لندن في أول أكتوبر سنة 1801 بين الدولتين، على أساس إرجاع مصر إلى تركيا والاحتفاظ بممتلكات العثمانيين للباب العالي بتمامها، وكما كانت قبل الحرب الراهنة. ونجح تاليران وزير الخارجية الفرنسية في عقد مقدمات الصلح بين دولته وتركيا مع السيد علي أفندي السفير العثماني في باريس في 9 أكتوبر من العام نفسه، على أساس إخلاء الفرنسيين لمصر وإرجاعها لتركيا. ولما كانت فرنسا تريد استعادة ما كان لها من سطوة قديمة في حوض البحر الأبيض وأساكل الليفانت، فقد نصت المادة الرابعة من هذه المقدمات على أن يمنع الإنجليز من إطالة بقائهم في مصر، فتبطل بفضل ذلك مساعيهم بها مع البكوات المماليك، وهي المساعي التي خشي بونابرت أن يفيد الإنجليز منها تعزيز نفوذهم بها وإلحاق الأذى بالمصالح الفرنسية، بل إن القنصل الأول في هذه الفترة التي سبقت عقد الصلح العام في أميان في 27 مارس سنة 1802، كان يرى ضرورة طرد البكوات من مصر كلية، وإتاحة الفرصة للباب العالي لإقامة حكومة «عثمانية» قوية في مصر، عقد بونابرت آمالا كبيرة على رعايتها للمصالح الفرنسية، إذا استطاع أن يكسب ود وصداقة الباب العالي بعد عودة السلام بين فرنسا وتركيا.
وعلى ذلك، فقد بادر بإرسال الكولونيل هوراس سباستياني
Sebastiani
إلى القسطنطينية في 21 أكتوبر سنة 1801 مزودا بكتاب من القنصل الأول إلى السلطان سليم الثالث يحمل نفس التاريخ، واستطاع سباستياني في محادثاته مع الريس أفندي ورجال الديوان العثماني أن يوضح لهم مدى الخطر الذي يستهدف له العثمانيون في مصر، وهم الذين لا يحتلون منها سوى القاهرة وما حولها، بينما لدى الإنجليز سبعة آلاف من قوات الهند يحتلون الجيزة والسويس، وألفان وخمسمائة من الإنجليز يحتلون الإسكندرية ودمياط، وأرغم الجنرال هتشنسون القبطان باشا والصدر الأعظم بعد «المكيدة» المعروفة على تسليم البكوات للإنجليز، واستطاع المماليك بفضل ذلك أن يحشدوا قواتهم بالصعيد، واستمع رجال الديوان العثماني لتحذيرات سباستياني، وأكد له «وكيل وزارة الداخلية» بالقسطنطينية أن السير سدني سميث قد عقد معاهدة مع البكوات تحتفظ الحكومة الإنجليزية بالاعتراف بها أو إنكارها حسب الظروف، ورجا الريس أفندي (وزير الخارجية العثمانية) سباستياني ضرورة عدم إغفال هذه المسألة عند عقد مؤتمر الصلح المنتظر في أميان، وأفاد سباستياني من خوف العثمانيين الظاهر من مساعي الإنجليز مع البكوات المماليك، فطلب أن يشترط في معاهدة الصلح النهائية إلغاء «حكومة البكوات» نهائيا وطرد البكوات من مصر إلى الأبد، وتم الاتفاق بينه وبين الحكومة العثمانية على نفس المادة المتعلقة بهذا الموضوع لإدخالها في معاهدة الصلح.
غير أنه سرعان ما تبدل موقف القنصل الأول من البكوات المماليك عند إبرام صلح إميان في 27 مارس من العام التالي، فقد جاء هذا الصلح خلوا من هذه المادة، ولعل السبب في ذلك ما ذكره سباستياني نفسه في تقريره الذي قدمه إلى القنصل الأول عن نتيجة مهمته في القسطنطينية في نهاية عام 1801، أو في بداية العام التالي؛ فقد ذكر في هذا التقرير أن الريس أفندي عندما طلب إليه سباستياني أن يسري مفعول «الامتيازات» على الفرنسيين حتى يستطيعوا الاستفادة منها في معاملاتهم التجارية في مصر كسائر رعايا الدول الأوروبية الأخرى، «لم يخف الريس أفندي أن سكان مصر يشعرون بالود والصداقة نحو الجمهورية الفرنسية، حتى إن اللورد إلجين
অজানা পৃষ্ঠা