১৯ শতকের শুরুতে মিশর (১৮০১-১৮১১) (প্রথম খণ্ড)

মুহাম্মদ ফুআদ শুকরি d. 1392 AH
143

১৯ শতকের শুরুতে মিশর (১৮০১-১৮১১) (প্রথম খণ্ড)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

জনগুলি

وما إن ذاع خبر القبطان باشا مع محمد علي ووصول إبراهيم بك إلى الإسكندرية يحمل الهدايا للقبطان، وتأكد لدى الألفي انحياز هذا الأخير إلى جانب خصمه نهائيا، حتى صار هذا يبغي الدخول في مفاوضة جديدة مع الصدر الأعظم والاتصال لهذا الغرض بأحد رجال الصدر الموجودين بالإسكندرية.

ويقول «مسيت» - في رسالته إلى «أربثنوت» في 25 سبتمبر - إن الألفي يريد أن يعرض على الديوان العثماني ألفي كيس يدفع نصفها عند خروج محمد علي من مصر وما يتبع ذلك من تأسيس حكومة البكوات، والنصف الثاني عندما يتم فعلا هذا الأمر الأخير، ويريد من السفير الإنجليزي أن يضمنه في هذا المبلغ لدى الباب العالي، ولكن «مسيت» الذي رأى أن الفرصة قد أفلتت من يد الألفي سرعان ما أوضح له أنه من المتعذر على السفير أن يشترك في أية مفاوضات قد تقوم بين الباب العالي والمماليك، كما كتب لأربثنوت يقول إنه يميل للاعتقاد بأن محمد علي قد نجح بفضل هداياه التي لا ينقطع عن إرسالها للقبطان باشا وللوزراء العثمانيين في استمالة هؤلاء إليه بحيث قد صار مقضيا بالفشل على جهود الألفي في هذا السبيل.

وحاول الألفي في الوقت نفسه أن يدخل في مفاوضات أخرى مع محمد علي، من أجل الصلح والاتفاق معه، وأوقف القبطان باشا بطريق غير مباشرة على رغبته هذه، كما أبلغ «مسيت» أنه يميل لعمل اتفاق مع محمد علي يقوم على أسس مشرفة، وبضمانة «مسيت» نفسه قبل أن يرضى بها، وكان من الواضح أن تأكد الألفي من استحالة الاعتماد على القبطان باشا في تأسيس مشيخته بعد اتفاقه مع محمد علي وتعذر امتلاك القاهرة تبعا لذلك ثم بسبب استطالة الحرب التي أنهكت قواه والتي هددت بحرمانه شيئا فشيئا من مماليكه، وبسبب حاجته الملحة إلى الأسلحة والذخائر وعتاد الحرب وأدواتها عموما، قد جعله يبغي الظفر باتفاق مع محمد علي يعطيه فسحة من الوقت لتجديد قواه من جهة، ويتيح له الفرصة لرفع الحصار عن دمنهور والانسحاب عنها بكرامة.

وأدرك «مسيت» أن الألفي لهذه الأسباب جميعها سوف يقبل بسهولة أية شروط يعرضها محمد علي ويرضى بأي إقليم قد يقطعه إياه للعيش فيه في سلام، على الأقل حتى يسترد قوته إذا رفض «مسيت» التوسط في هذه المفاوضة وإعطائه الضمانة المطلوبة، ولقد كان أخشى ما يخشاه «مسيت» أن يفلح الألفي في مفاوضته مع محمد علي ويحصل منه على اتفاق ينجم عنه خمود حركة الألفي وابتعاده عن ميدان العمليات العسكرية المقبلة عندما كان «مسيت» يتوقع انفصام العلاقات بين تركيا وإنجلترة واضطرار الإنجليز في آخر الأمر إلى إرسال حملة لاحتلال الإسكندرية على نحو ما ظل «مسيت» نفسه يكرر المطالبة به من مدة طويلة، فلا يجد الإنجليز عند حضورهم جيش الألفي وفرسانه لتعزيز نشاطهم العسكري، وعلى ذلك فإن «مسيت» لم يكتف بإظهار استعداده لضمان أي اتفاق يحصل بين الألفي ومحمد علي، بل عرض على الألفي أن يأخذ هو على عاتقه مسألة هذه المفاوضات المزمعة برمتها على أساس أنه إذا تقدم الألفي بمقترحات معينة من أجل الوصول إلى تسوية مع محمد علي، فمن المحتمل أن يرى الأخير في ذلك دليلا على أن الألفي أصبح ضعيفا، وبدلا من الصلح معه يقوى عزمه عندئذ على متابعة النضال معه بنشاط أكبر وأعظم، وقبل الألفي وساطة «مسيت».

وقد أوضح «مسيت» الأسباب التي حدت به إلى الهيمنة على هذه المفاوضة وتوجيهها إلى الغاية التي يريدها هو منها أي إحباطها، في رسالة له إلى «أربثنوت» من الإسكندرية في 29 سبتمبر 1806 قال فيها: وأما الأغراض التي توخيتها من هذه الوساطة فهي منوعة أرجو أن تحظى منك بالقبول، أولها - أنه إذا أخذنا بعين الاعتبار الأخبار التي بعثت بها إلي عن الخلافات القائمة بين بريطانيا وروسيا من جانب، والباب العالي من جانب آخر، وأنه لا معدى عن وصول هذه الخلافات إلى مرحلة فاصلة تحسمها، فقد صار من الحكمة كما هو في رأيي أن أحول دون عقد أية معاهدة بين محمد علي والألفي، وأن أبذل كل ما وسعني من جهد وحيلة لاحتجاز جيش الألفي في الوجه البحري حتى تهدأ كل المخاوف من وقوع انفصام العلاقات بين الدول المذكورة؛ وذلك لأنه في حالة إذا ما رغبت الحكومة الإنجليزية في احتلال هذه البلاد، صار في وسعها أن تجد فرسان الألفي على قدم الاستعداد أو لاستقبال جيشها وأمكنها أن تنتفع نفعا كبيرا بهم ، وثانيا - أن هذه المفاوضة من شأنها تزويدنا بالوسيلة الفعالة التي بها يتعطل ذلك النفوذ العظيم الذي حازه أخيرا الوكيل الفرنسي «دروفتي» لدى محمد علي بفضل ما أظهره من ضروب التأييد له عندما حضر القبطان باشا إلى الإسكندرية يحمل أمر الباب العالي بعزل محمد علي، فإذا تسنى لي أن أكون أداة سلام بين الألفي ومحمد علي فاعتقادي أني سوف أحظى بشكر هذا الأخير وممنونيته؛ لأني أعرف أنه يريد حقا السلام، وفضلا عن ذلك فإن هذه الوساطة سوف تكون بمثابة ضابط لسلوك محمد علي يمنعه من إظهار ميله للفرنسيين أو انحيازه العظيم لهم؛ لأن خوفه الطبيعي - وهو خوف قائم اليوم - من أن أحرض البكوات على الثورة عليه وأثير بسبب ذلك في وجهه متاعب ومصاعب مشابهة لتلك التي سوف تكون مهمتي الآن إقناعه بأنه لا يستطيع الخلاص منها إلا بمساعدتي سوف يجعل ممكنا الضغط عليه وصرفه عن انحيازه الظاهر للفرنسيين، وثالثا - فهناك إلى جانب المزايا السابقة، ذلك النفع الذي سوف يعود على سمعة بريطانيا وزيادة تعلق الناس بها بسبب الدور الذي أقوم به من أجل إعادة الهدوء والسكينة إلى هذه المقاطعة المنكوبة، وسوف تجني الحكومة الإنجليزية في المستقبل فوائد عديدة من حيث تأييد آرائها ووجهات نظرها الخاصة بمصر، ورابعا - أما فيما يتعلق بالضمان الذي يريد الألفي أن آخذه على عاتقي، فإن ما هو معروف عن خلقه وخلق إخوانه يجعل من الحكمة عدم قبوله وبالرغم مما يظهره في رغبة ملحة في أن أفعل ذلك، فإني متأكد من أنه لن يصر على هذا الضمان عند إتمام معاهدته نهائيا مع محمد علي، وقد اختتم «مسيت» رسالته هذه بقوله: وعلى كل حال فحيث إني أقوم بدور الوسيط بين الطرفين ففي وسعي تعطيل أو وقف المفاوضة حتى تصلني تعليماتك.

وبدأ «مسيت» سعيه من فوره، وكلف يوسف عزيز ترجمانه بالقاهرة مقابلة محمد علي ومفاتحته في شأن الصلح مع الألفي، وبعث عزيز إلى «مسيت» في أول وثاني أكتوبر يقول: إن الباشا ممتن من مسعى «مسيت» في الصلح، وإنه حتى يبرهن على ما يكنه له من ود ومحبة قد اعتزم عند عقد السلام تسريح قسم من الجند، الأمر الذي سوف يساعد على استتباب الهدوء والسلام في القاهرة. ولكنه بالرغم من هذا الامتنان لم تلبث هذه المفاوضات أن اصطدمت بعقبة كأداء كانت خير ما يبغيه «مسيت» نفسه لإطالة أمد المفاوضة؛ ذلك أن الباشا رفض أن يعقد صلحا منفردا مع الألفي، واشترط أن تكون المفاوضة مع الألفي وسائر البكوات مجتمعين؛ أي مع الألفي وبكوات الصعيد البرديسي وإبراهيم وعثمان وحسن خصوصا؛ وعلى ذلك، فقد بعث «مسيت» بتعليماته إلى عزيز في 6 أكتوبر، أنه لما كان متعذرا بسبب الانقسام السائد بين البكوات إقناعهم بعمل صلح عام مع محمد علي، ففي وسع الباشا أن يعقد صلحا مع جماعة منهم في مبدأ الأمر، وسوف تجد الجماعة الأخرى نفسها مرغمة على النضال منفردة مع جنده، ولا تجد مناصا حينئذ من الصلح معه، وعلاوة على ذلك فإن بكوات الصعيد قد بعثوا منذ ستة شهور بأحمد كاشف مندوبا عنهم إلى فرنسا لطلب النجدة من بونابرت، ويؤكد «مسيت» أن نابليون سوف يبذل وعودا كثيرة للبكوات، ولو أنه يعرف تماما أنه يتعذر عليه تنفيذها بسبب وجود الأسطول الإنجليزي في البحر الأبيض وسيطرته فيه، وطلب «مسيت» من ترجمانه أن يبلغ محمد علي أن اثنين من التراجمة الفرنسيين الموفدين إلى القنصلية الفرنسية العامة في مصر قد صدرت لهما أوامر بالذهاب إلى معسكر الألفي أينما يكون، وأما هذان الترجمانان اللذان أشار إليهما «مسيت» في تعليماته هذه فكانا المترجم الأول «فاس»

Vasse

والمترجم الثاني «أسكلان»

Assclin ، وقد أبلغ «دروفتي» في رسالته إلى حكومته في 15 نوفمبر عن وصولهما إلى الإسكندرية، وأمر «مسيت» عزيز أن يقول للباشا: إنه سوف يبذل قصارى جهده لحمل الألفي على الانضمام إلى البكوات الآخرين لعمل الصلح معه، ولكنه إذا أخفق في مسعاه فإن مبعث ذلك سوف يكون استحالة تنفيذ هذه الرغبة، وعندئذ لن يستطيع الباشا أن يتهم «مسيت» بالإهمال والتقصير، وهو أي «مسيت» عن نفسه وبوصفه ممثلا لحكومة إنجلترة في مصر إنما يريد أن يسود الهدوء بها.

ولكنه ما إن أتم «مسيت» كتابة تعليماته هذه حتى بلغه نبأ وصول الططر من القسطنطينية يحملون البشارة والتهاني لمحمد علي لتثبيته في الولاية، كما بلغه أن الباب العالي قد أعطى للبكوات بعض الأقاليم لإقامتهم من جرجا إلى الشلالات؛ وعلى ذلك، فقد أضاف «مسيت» في ذيل تعليماته السابقة ملاحظة فحواها أنه لم تعد هناك بسبب هذا الترتيب الأخير ضرورة - كما قال - لأن يبذل الآن أي مسعى من أجل عقد السلام بين البكوات ومحمد علي، ولو أن الأخير في وسعه الاعتماد عليه بأنه لا يدع فرصة تمر دون النصح للألفي بالرضا بما يعطيه له السلطان العثماني، وفي 7 أكتوبر كتب «مسيت» إلى «وندهام» يبلغه أن الباب العالي حسب ما وصل إليه قد أعطى البكوات أقاليم معينة في الصعيد، وأن هذا الترتيب من شأنه أن ينهي مفاوضته لعقد السلام بين الألفي ومحمد علي، ولكنه يشعر بسعادة كبيرة؛ إذ يبلغه أن محمد علي لم يرحب بواسطته فحسب، بل وطلب إليه كذلك أن يبذل جهده لإقناع البكوات الآخرين بأن يحذوا هم أيضا حذو زميلهم وأن يعقدوا بالاشتراك معه تسوية وسلاما عاما مع الباشا، وكانت الأقاليم التي أعطاها الباب العالي للبكوات تمتد من جرجا إلى أسوان الشلالات - كما سبق ذكره، وكما عاد فذكره «مسيت» في رسالة أخرى إلى «وندهام» في 13 أكتوبر، وقد ذكر «مسيت» في رسالته هذه أنه يشك كثيرا في أن يقبل البكوات هذه التسوية التي تضع حدا لمفاوضاته بينهم وبين الألفي، ولكن «مسيت» وقد قبل محمد علي وساطته لم ير بدا من استئناف مفاوضته، وكان من رأيته الذي نصح به الألفي في 21 أكتوبر أن يقبل هو وسائر البكوات هذه الشروط أو ما أعطاهم إياه الباب العالي ولكن دون طائل، فأبلغ «مسيت» السفير الإنجليزي بالقسطنطينية في 26 أكتوبر أن بكوات الصعيد قد رفضوا الأقاليم التي عرضها عليهم الباب العالي في الصعيد وأنهم يعتزمون الإغارة على البلاد وتخريبها - على حد قولهم - بمجرد أن تنحسر مياه الفيضان ويتسنى لهم استئناف عملياتهم العسكرية ضد جند الباشا، ولما كان محمد علي يدرك تماما خطورة النتائج المترتبة على رفض البكوات لمقترحات الحكومة العثمانية، فهو يريد بإلحاح عقد معاهدة معهم، ولكنه يبغي أن ينضم إلى هذه المعاهدة كل فرد من البكوات؛ لأنه يخشى إذا هو عقد صلحا منفصلا مع الألفي وحده أن ينحاز جنده إلى بكوات الصعيد لتوقعهم استغناء الباشا عندئذ عن خدماتهم، فيحاربون ضده، غير أن انقسامات البكوات تجعل متعذرا تنفيذ خطط محمد علي ورغباته من أجل عمل صلح وتسوية عامة، فمع أنه يريد إعطاء البكوات أرضا أوسع من تلك التي أعطاها لهم الباب العالي فإنه لا يجد من الحكمة السماح لهم بامتلاك الوجه البحري، زد على ذلك أن الألفي والبرديسي لن يوافقا على احتلال إقليم أو جهة واحدة بالاشتراك فيما بينهما؛ لأن كبرياءهما وتحاسدهما وخوفهما من بعضهما بعضا كل ذلك يقتضي كلا منهما أن يقيم في مديرية بعيدة عن مديرية الآخر ينفرد فيها بالسلطة الكاملة مستقلا عن زميله، ثم استطرد «مسيت» يقول إنه يعرف أن الألفي يعتبر الفيوم ملكا له ويريد امتلاك بني سويف والجيزة علاوة على ذلك مما لا ينتظر أني يرضى به محمد علي وهو الذي لا يمكن أن يوافق على وجود أي مملوك من المماليك على أبواب عاصمته.

অজানা পৃষ্ঠা