المقدمة
لماذا أنت حبيبتي يا مصر؟
نيلك يا مصر أجمل الأنهار
أرض مصر «تنباس»
أموت وتحيا مصر
مصر أرض الأديان
مصر أم المصريين أجمعين
ما أحلى شمسك يا مصر!
حمى الله شعب مصر العظيم
شدي حيلك يا مصر
অজানা পৃষ্ঠা
مصر مئذنة مضيئة
أنت قبس ونور يا مصر
مصر الأمل
الحب بد وحب مصر بدان
مصر للمصريين وطن مكين
مصر العبور
مصر مع الجميع
مصر هي التاريخ
مصر الهرم
مصر العمل
অজানা পৃষ্ঠা
مصر التي في خاطري
مصر قلب الشرق
مصر الخلود
مصر أرض العمالقة
قبرص الحقيرة الصغيرة ومصر العظيمة الكبيرة
مصر تحت المجهر
مصر جنة الولهان
مصر العجوز العذراء
مصر متحف العالم
الكل في حب مصر سواء
অজানা পৃষ্ঠা
مصر لا تنام
مصر لا تعرف الخوف
مصر فوق النقد
مصر للسلام درع وسيف
بالإرادة سنبني مصر
مصر لن تموت
أنا ومصر كيان واحد
مصر .. مصر .. مصر
يا مصر، أنت حلوة عذبة
هواؤك يا مصر منى الأرواح
অজানা পৃষ্ঠা
مصر الكرامة
من يبصر مصر فقد أبصر الدنيا كلها
لا حياة بغيرك يا مصر
مصر عروس الشرق
مصر الاشتراكية
مصر النضال
مصر الشهداء
مصر بدر البدور
مصر النور والأمل
حكايتي مع مصر
অজানা পৃষ্ঠা
مصر البداية هي مصر النهاية
المقدمة
لماذا أنت حبيبتي يا مصر؟
نيلك يا مصر أجمل الأنهار
أرض مصر «تنباس»
أموت وتحيا مصر
مصر أرض الأديان
مصر أم المصريين أجمعين
ما أحلى شمسك يا مصر!
حمى الله شعب مصر العظيم
অজানা পৃষ্ঠা
شدي حيلك يا مصر
مصر مئذنة مضيئة
أنت قبس ونور يا مصر
مصر الأمل
الحب بد وحب مصر بدان
مصر للمصريين وطن مكين
مصر العبور
مصر مع الجميع
مصر هي التاريخ
مصر الهرم
অজানা পৃষ্ঠা
مصر العمل
مصر التي في خاطري
مصر قلب الشرق
مصر الخلود
مصر أرض العمالقة
قبرص الحقيرة الصغيرة ومصر العظيمة الكبيرة
مصر تحت المجهر
مصر جنة الولهان
مصر العجوز العذراء
مصر متحف العالم
অজানা পৃষ্ঠা
الكل في حب مصر سواء
مصر لا تنام
مصر لا تعرف الخوف
مصر فوق النقد
مصر للسلام درع وسيف
بالإرادة سنبني مصر
مصر لن تموت
أنا ومصر كيان واحد
مصر .. مصر .. مصر
يا مصر، أنت حلوة عذبة
অজানা পৃষ্ঠা
هواؤك يا مصر منى الأرواح
مصر الكرامة
من يبصر مصر فقد أبصر الدنيا كلها
لا حياة بغيرك يا مصر
مصر عروس الشرق
مصر الاشتراكية
مصر النضال
مصر الشهداء
مصر بدر البدور
مصر النور والأمل
অজানা পৃষ্ঠা
حكايتي مع مصر
مصر البداية هي مصر النهاية
مصر التي في خاطري
مصر التي في خاطري
تأليف
أمين سلامة
المقدمة
حقا كل شيء مرهون بأوان .. عشت الدهر كله فما جال بخاطري أنني سأكتب - في يوم ما - هذا الكتاب الصغير .. غير أن فكرته راودتني فجأة .. كان حب مصر كامنا في باطني، متغلغلا في أحنائي، وجاريا مع دمائي .. كان في كل طرفة من طرفات عيني، وفي كل سكنة وكل حركة من حركاتي .. كان ماردا جبارا بالغ الضخامة، أخذ يؤرقني دون أن يحدثني .. ولكن أنا الذي تحدثت إليه فحدثني .. كلمته فكلمني، فكان الذي خرج منه هو الذي ستقرؤه في هذا الكتيب.
لا أظن أن مصريا واحدا لا يحس بأحاسيسي ولا يشعر بمشاعري، ولا يفهم صحة كل كلمة من كلماتي. فالكل مصريون مثلي، يهيمون بحب مصر مثلي، بل وأكثر مني، ولكني سبقتهم في التسجيل والتحبير، وفي نشر الكلمة الصريحة المعبرة عما يعتمل في باطني، وعما يخالج نفسي من مشاعر قوية عارمة بلغت ذروتها عندي، فخرجت لتجد طريقها إلى القرطاس لتسجل هذا الحب الجياش في كلمات من نور ونار، قوامها الصدق والحق والصراحة والوفاء نحو أعظم أم أرضعتني وغذتني وآوتني وحمتني وعلمتني وقومتني .. نحو مصر بلدي العظيم ووطني الغالي الذي عشت في أحضانه أحلى أيام طفولتي، وأجمل أيام شبابي، وأهدأ أيام شيخوختي إلى حين أن تأتي منيتي؛ وعندئذ لن أعدم منه مساحة.
مصر الحبيبة أغلى من كل حبيبة؛ لذا أخصها بأغلى كلام وأحلى عبارات، وأجمل الأوصاف وأعذب الألفاظ.
অজানা পৃষ্ঠা
ومصر كأم رءوم، لا يكفيني في هذا الكتاب أن أقبلها وحدي، بل أريدك أن تقبلها معي وتلثم يديها وقدميها، وتسجد عندهما لتقدم فروض الشكر والعرفان والامتنان.
ومصر كوطن ولدت فيه وفيه أموت، هو عندي أغلى بقعة في الدنيا برمتها، بل هو عندي الدنيا بأركانها الأربعة، ببحارها ومحيطاتها ووديانها وجبالها .. وأمام وطني يهون كل شيء .. الدم والروح والمال والممتلكات .. أنا أمام وطني راكع خاشع وساجد عابد؛ أتعبد تماما كما يتعبد الناسك في محرابه، والشيخ في مسجده، والقس في كنيسته، والراهب في قلايته.
كتبت هذا الكتاب للشباب علهم يقرءونه فيستفيدون ويفيدهم .. ولعلهم يجدون فيه ضالتهم ويعلمون أن مصر فوق كل شيء .. فوق كل حب .. وفوق كل غادة حسناء فاتنة يشتهونها، وفوق كل وجبة دسمة يتناولونها، وكل جرعة شراب يشربونها.
من يجعل مصر قبلته، قبلة الله في فسيح جناته، ومن خاف أن يدنس أرض مصر، أغناه الله وأثراه وأغدق عليه وافر نعمه، ومن ذاد عن حمى مصر، حماه الله ووقاه من كل سوء، ووقاه شر ذلك اليوم ...
فيا قارئ هذا الكتاب، شيخا كنت أم فتى، إنني أناشدك أن تكون به رحيما كريما، محافظا عليه وحافظا له .. تعطيه ولدك من بعدك، أو تتركه لأخيك أو أختك فهو كتاب لا يموت؛ لأنه عن مصر الخالدة التي هي كنانة الله في أرضه، من مسها بسوء قصم الله ظهره .. وأي كلام عن مصر لا يمكن أن يموت أو يتطرق إليه الفناء فيبلى ويفوت .. هذا كلام سرمدي أبدي، كتاريخ مصر الضخم اللازب، الذي خلده الزمن وخلدته الأعمال الجسام التي قام بها شباب مصر وكهولها وشيوخها ونساؤها، قام بها فتيان مصر وفتياتها.
لم أضمن هذا الكتاب إحصائيات، ولم أذكر به أسماء إلا فيما ندر، فما هذا كتاب تاريخ أو تأريخ، بل جرعة من الأحاسيس الكريمة، اعتملت في باطني، فأخرجتها لأسجلها على الزمن كي تبقى على مر العصور .. عبرة لمن يعتبر وهداية لمن يهتدي، وقبسا لمن عاش في الضلال والظلام، ونسي في طياتهما جمال الزهر الباسم، وطلعة القمر المنير، ومشرق الشمس الأبلج، ومجرى النيل الطويل، وتاريخ مصر العريق الأصيل لهذا ولغيره من أهل مصر الأمجاد المباركين، أترك هذه السطور العارمة بحب مصر، والناطقة بمحاسن مصر، والمعبرة عن مفاتن مصر .. أتركها لهم ليستمتعوا بها ويرددوها في منامهم قبل صحوهم، وفي غفلتهم قبل سكرتهم لعلهم يهنئون ويهدءون ويستكينون ويلينون، ويغرقون في حبها مثلي، ويعشقونها أضعاف عشقي، ويموتون من أجلها كما مات غيرهم وغيري .. ولعلهم يفتقدونها وهم مسرورون مبتهجون جذلون، ويسهرون من أجلها كأي عاشق مفتون برح به الهوى.
هذا كتاب لكل مصري، يحب مصر ويعيش على أرض مصر، ويحلم بها كما أحلم بها أنا وأراها في منامي، ويذوب في حبها كما أذوب أنا .. ودعني أخيرا أقول معك: نموت وتحيا مصر ...
أول يناير 1979م
أمين سلامة
لماذا أنت حبيبتي يا مصر؟
অজানা পৃষ্ঠা
إنها فعلا حبيبتي، ولا أجد غيرها حبيبي .. فهي أبي وأمي وأهلي وأرضي ومزرعتي وترعتي ومائي وهوائي وسمائي، وستكون في يوم ما لحدي وكفني، فكيف بالله عليك، لا أحبها؟
كيف تطلب مني - كمصري - ألا أحب بلدي الأصيل وليد الفراعين العظام .. مصر هي بحق أم الدنيا .. مصر الحبيبة.
فيا مصر، يا حبيبتي .. يا كل حبي، يا حياتي وروحي وقلبي وجناني .. يا عيني ورأسي .. ويا كبدي وأحشائي .. يا قلبي النابض وجناني الخفاق وأنفاسي المنطلقة، وروحي الطاهرة، ويدي العاملتين، وعيني الثاقبتين، وكبدي الحي المملوء عشقا لك .. كيف لا أكون لك محبا؟
يا مصر .. كيف تطلبين مني أن أعشق غيرك .. أو أحدا سواك أو قبلك؟ .. أنت أولا، وأنت قبل كل شيء .. فأنا لا أحبك مخدوعا لأنني أعرف جيدا ويعرف العالم كله من حولي، أنك أصدق أرض، وأطهر بقعة خلقها الله على ظهر البسيطة.
ما غابت شمسك يوما، ولا جفت أرضك يوما .. ولا نضب نيلك يوما .. وما اشتهاك أحد غيري إلا استضفته ولفظته كي تحضنيني أنا وحدي .. أنا صاحبك المصري، وحبيبك الأول الذي لم يحدث في تاريخك العريق أن تنكبت لي، أو أوليتني ظهرك طويلا .. فأنت صادقة وفية، وأمينة شريفة طاهرة، وخيرة مباركة، وودودة ولودة سمحاء جميلة، ورقيقة رفيقة محبة .. قوامك الدين والشرف وحسن المعاملة، ومن شيمك الحميدة: الصبر والجلد والصمود، والوفاء والشمم وعلو الهمة.
لذا كنت حبيبتي المفضلة، يا مصر .. أنام في أحضانك، وتنامين في أحضان أفكاري وفي خزائن قلبي وأغوار روحي، حيث أحتفظ لك بعرش من دمي النقي الذكي، يفديك ساعة الفداء، وينهمر من أجلك مدرارا؛ كي يرويك ويشفيك ويحميك من غوائل المعتدي الأثيم، الطامع فيك.
هذه هي علاقتي بك، يا مصر، يا حبيبتي، فيا لها من علاقة سامية عالية علو النجوم في قبة السماء.
نيلك يا مصر أجمل الأنهار
ما أكثر الأنهار التي رأيتها في رحلاتي وأسفاري إلى شتى بلاد العالم! .. كلها جميلة تحمل الماء جاريا، ولكنني - وايم الحق - لم أر أجمل من النيل، ولا أروع منه نهرا في هذا الوجود طرا .. النيل عظيم بجد .. فهو شامخ قوي عتيد عنيد فريد في طوله وعرضه .. شواطئه قوية متينة خضراء منبئة، تتكلم بجميع اللغات واللهجات والنبرات .. النيل عظيم القدر والمكانة والمهابة .. هو رجل بمعنى الكلمة، يحترم نفسه وكلمته .. في مشيته قوة وجبروت، كما أن فيها بركة وخيرا .. النيل دائم العطاء، يعطيك باستمرار، ولا يأخذ منك أبدا .. إنه يهبك الحياة والوجود والبقاء، ويسهر على ذلك بنفس راضية وقلب نقي وروح صافية وبجود حاتمي فذ .. إنه يسقي الظمآن، إنسانا كان أم حيوانا أم نباتا أم أرضا، بطريقة تكاد تكون فريدة .. فمياهه حلوة عذبة مقبولة الرائحة، لا تشم فيها إلا رائحة الحياة والقوة. ومن أعظم سعادتي أنني ولدت على شاطئيك أيها النيل العظيم، وأن أول جرعة ماء ذقتها جاءوني بها في قدح مصري .. ملئوه من نبعك الفياض ومجراك السخي، وكنت وقتها تبتسم لهم ابتسامة حلوة تنم عن الرضا والحب العميم لي دون أن تعرفني، وكأنك كنت تعرف أنني من أرض مصر التي أنت مسئول عنها ليل نهار. مسئول عن كل حشرة تدب فوق أرضها وكل روح موجودة في ربوعها، تسقيها من مائك الرقراق الصافي بلا حساب ولا شح .. فكل ما في مصر من هوام وحشرات ونبات وحيوان وبشر، أنت لهم أب رحيم ووالد كريم وحاكم عادل، تهبهم مياهك بالقسطاس وبلا معيار ولا مكيال .. فيشرب من مائك من يريد وما يريد أن يشرب، ويعب من فيضك كل من يرغب وما يرغب في أن يعب .. المهم أنك تحس أخيرا بأن الجميع قد شربوا وارتووا واستراحوا وذاقوا حلاوتك. فسرت حلاوتك في حلاوة ألسنتهم وحلاوة معاملاتهم وحلاوة أعمالهم وحلاوة آمالهم وأهدافهم .. فيا نيل مصر، لقد شربت منك بحق أول جرعة ماء ففعلت بجسمي ما لم يفعله لبن ثدي أمي .. فإن أمي منعت لبنها عني يوما ما، أما أنت فلم تقطع .. يا نيل .. إن مصر التي أنت حبيبها هي أيضا حبيبة لك، وإنني لأحبها لأنك مثلي تحبها وهي تحبك. وإن ثلاثتنا - ولا شك - لفي عشق جميل هني.
أرض مصر «تنباس»
অজানা পৃষ্ঠা
الأرض حينما تقوم وتتواجد، تجد لها حبيبا عاشقا مولعا بها، متيما بحبها ومغرما بترابها .. وقد يصل به فرط الحب إلى أنه يحبها أكثر من حبيبة القلب والعين معا .. كما أن الأرض تجد لها أيضا من يريد اغتصابها واقتناءها والاستحواذ عليها .. وأرض مصر دون سائر الأراضي جميعا هي الدرة الوحيدة البراقة والمتلألئة في تاج الدنيا بأسرها؛ لذا كانت طمع الطامعين ومحط أنظار الغاصبين؛ اشتهاها هواة السلب والنهب والجشع .. وتاريخ مصر حافل بأسماء هؤلاء الغازين الغاصبين الناهبين، وأنا لست بصدد ذكر أسمائهم، فليس هذا مقالا تاريخيا .. وإنما هو مجرد كلمة حب كتبتها من أجل مصر، قلب مصري يعشق أرض مصر؛ لأنه ترعرع في كنفها، وجرى فوق بساطها الأخضر السندسي، وعلى رمالها الصفراء الذهبية، وفوق طينها الذي أروته أحلى مياه جادت بها السماء وأعذب ماء موجود في الدنيا .. «ماء النيل» الطويل الجليل، البالغ الجبروت، والعذب السلسبيل.
وأرض مصر، يا سادة، أرض كثيرة العطاء، تعطيك بلا حساب وبلا توقف .. إنها جوادة سخية تعرف واجباتها والتزاماتها في مواعيدها وفي غير مواعيدها. وأنا لا أتذكر أنه حدث في تاريخ مصر القديم أو الحديث، أن أجدبت أرض مصر أو أصابها قحط، باستثناء قصة السنين السبع العجاف، وهي قصة قديمة قدم الزمان، ولم تتكرر مرة ثانية لعلة غير خافية .. لأن الله سبحانه وتعالى جعل أرض مصر، بعد هذه الحادثة، أرضا مشتهاة، مطلوبة ومرغوبة من دون سائر أراضي الدنيا قاطبة؛ لأنها أرض مباركة وزرعها وفير ممتاز، ولا ضريب لقطنها في كافة بلاد العالم، وقمحها أبيض ناصع البياض، وذرتها وأرزها وقصبها الحلو من أجود الأصناف وأرقاها. ثم إن الله جل وعلا قيض لهذه الأرض بالذات أمهر الفلاحين ذوي المجد العريق والجد والاجتهاد والصبر والجلد، المحبين لأرضهم والعاشقين لها والمهيمنين عليها، والعالمين ببواطنها وأسرارها وخفاياها، والسادة عليها بلا سيادة ولا تعليم ولا ثقافة، ولا تدريس ولا تلقين .. فلاح مصر فلاح فنان أصيل، يهندس بلا هندسة ولا آلات ولا عدد ولا ماكينات .. يهندس ويبدع ويفلح؛ لأن أرض مصر المباركة تخضع من تلقاء نفسها لمشيئته وإرادته، ويسرها أن ترضخ لسيطرته ولتوجيه يديه المباركتين الرفيقتين ... أرض مصر زوجة لهذا الفلاح تطيعه طاعة عمياء، تأتمر بأمره، وتسعد لسعادته وتهنأ لهنائه .. يهمها أمره، ويعنيها رخاؤه وراحته ونعمته؛ لذلك فهي تعطيه بسخاء وبأقل جهد ممكن؛ لأنها أروع زوجة في ميدان الوفاء والعطاء والإباء والطاعة والهمة والمعاملة والتعامل، والشرف والعزة والكرامة.
مباركة أنت يا أرض مصر، فدعيني أقبلك بفمي وقلبي قبلات المعترف بجميلك والشاكر لفضلك العالم بقدرك والهائم بحبك، الممتن، الممنون، حافظ الجميل العزيز .. ودعي الملايين الرابضين فوق صدرك يقبلونك معي، فهم أيضا يشعرون بمثل شعوري ويحسون بنفس أحاسيسي، ولعلهم مثلي تواقون إلى ما أتوق إليه أنا شخصيا، فأنت، يا أرض الفراعين، أهل لهذا، بل ولأكثر من هذا.
أنا فداك يا أرض مصر .. أنا لك .. أنا أهواك وأهوى ذرات ترابك وطينك الطري، ورمال صحاريك العسجدية .. إن فمي ليقبلك كما يقبل أجمل امرأة في الوجود. كما أنني أشتهي أن «أبوسك» فأطبع ألف «بوسة» على وجنتيك؛ حتى أحظى بأسمى شرف يمكن لمصري أن يحظى به.
أموت وتحيا مصر
ما من مصري يحجم عن الموت في سبيل الحبيبة مصر .. ما من مصري يضن بروحه وأنفاسه وأمواله من أجل العظيمة «مصر» .. ما من حنجرة في حلق مصري لا يسعدها أن تهتف وتقول: «نموت وتحيا مصر».
ليس هذا وطنية صادقة أصيلة فحسب، بل هو حق وإعزاز وشكر وامتنان، وإحساس حقيقي نحو الحبيبة الوافية المخلصة، التي لم تمسك يديها يوما عن بنيها وأهلها وعشيرتها .. فمصر بلد عجيب .. بلد ثابت الأركان وآية في الأمان ومفخرة للأوطان .. مصر لا تشرب دماء بنيها ثم تنكرهم أو تنساهم .. ما مات من أجلك مصري إلا وخلد ذكره، وأصبح اسمه قدوة للأجيال والأقوام.
وكم يسعدني أنني أعيش في زمن فيه الموت من أجل مصر أمنية كل شاب وشابة .. وكم يسعدني أيضا أنني خرجت من بيتي مرات كثيرة لأهتف باسم مصر، قائلا: «أموت وتحيا مصر». وكان قلبي يتوق إلى الموت فعلا وحقيقة، وليس مجرد نزوة عابرة، ولكنها كانت حقيقة واقعة، فالموت من أجل مصر ربح أي ريح. فالنفس رخيصة فداء لها، والروح مشتاقة إلى لقياها والارتماء في أحضانها .. كنا نتسابق إلى الموت من أجل مصر الغالية .. وكان إحساسا صادقا قويا صادرا من قلوب مؤمنة بزعامة مصر وخلود مصر وأصالة مصر وعظمة مصر عبر التاريخ والأجيال.
وكم من شاب يافع ممتلئ قوة وشبابا وحيوية، مات من أجل مصر معرضا صدره لرصاص الإنجليز، وكان وهو يلفظ آخر أنفاسه، يهتف بقوة يقول: «نحن فداك يا مصر .. أموت وتحيا مصر».
حقا، ما أحلى الموت! وما أعظم الاستشهاد من أجل هدف جليل! وما أجمل الموت من أجل تحرير الوطن العزيز! وما أسعد الذين ماتوا من أجل مصر .. فماتوا شهداء كأحلى ما يموت الشهداء!
অজানা পৃষ্ঠা
فاسعدي يا مصر وقري عينا وثقي بأن المصريين جميعا مستعدون للموت من أجلك، كل بطريقته: فمنهم من هو مستعد للجود بالمال والممتلكات، ومنهم من يريد بذل النفس والنفيس وتقديم كل ما هو مرتخص وغال في سبيل حياة مصر وبقائها، وآخرون يقدمون على الموت الزؤام فداء لك .. فأنت تستحقين ذلك بجدارة؛ لأنك أهل لكي يضحي بنوك بدمائهم وأرواحهم من أجلك، بل وأنت أهل لأكثر من ذلك ولأضعاف ذلك، أيتها الأرض المباركة من دون سائر بلاد الدنيا والمعمورة.
مصر أرض الأديان
من نعم الله على هذه الأرض التي أنتمي إليها، أن خصها الله القدير - من دون سائر الأراضي - بشرف الرسالات السماوية .. كان أول رسول تكلم الله معه وإليه، هو سيدنا موسى عليه السلام .. كلمه هناك في طور سيناء؛ ليكون إيذانا ببداية عصر الرسل والأنبياء، ومهد الأديان والأخلاق والقيم السماوية الربانية.
وانتشرت اليهودية وشق موسى عليه السلام البحر الأحمر ليهرب من أعدائه .. وجاء ذكر مصر في التوراة بدل المرة مرات ومرات، على أنها أرض السلام والأمان والاطمئنان للرسل ولغيرهم من بني الإنسان.
وقامت المسيحية وانتشرت ديانتها، وتعرض المسيح عليه السلام للخطر، فجاء الأمر الإلهي لأمه بأن تفر به إلى أرض مصر للنجاة من اليهود الذين أزمعوا أن يقتلوه .. فقدمت السيدة العذراء مع ابنها إلى مصر لتحتمي بأرض الكنانة حيث دخلتها راكبة أتانا، فارتاحت هناك في ناحية المطرية تحت النخلة التي باركها الله فأثمرت لتطعم الوليد رطبا جنيا .. وللمرة الثانية يذكر الله سبحانه وتعالى اسم مصر عنوانا للراحة والأمان والسلامة من الشرور والأخطار .. وللمرة الثانية يختار الله أرض مصر؛ لتكون ملاذا لرسله من الأنبياء الصادقين؛ فموسى عليه السلام، أكل من تراب مصر، وشرب من نيل مصر .. وعيسى عليه السلام أكل من رطب مصر، وشرب من ماء النيل العذب .. فحلت عليهما البركة، وتمت لهما النجاة والسلامة لإتمام الرسالة.
وجاء الإسلام، ودخل مصر ليتربع على عرشها، ويستوي في قلبها، فيجعل له منها ركيزة متينة بين خير الأقوام وأكرم خلق الله وأتقاهم وأكثرهم أصالة وعراقة وأشرفهم منبتا ونجارا .. جاء الإسلام ليستظل بأرض مصر، ويجد في واديها السمح ملاذا ومأوى وبيتا ظليلا دافئا .. ومن مصر انطلق الإسلام وانتشر في ربوع العالم العربي كله، وأصبحت مصر للإسلام منارة مشرقة مشرفة ساطعة مبهرة بضياء الإيمان والطهارة .. ولم يعد يذكر الإسلام بدون ذكر مصر كمهد قوي تربى في كنفه وبين ربوعه، ونشأ وترعرع بين أهله، ونما وازدهر وانطلق كالمارد القوي السامي الخلق المزود بالتعاليم الدينية القويمة السمحاء الشماء، التي أكسبت مصر على مر الأعوام مناعة وحصانة وأصالة يتحدث بها الركبان، وتفخر بها البلدان والأوطان .. فإذا بأرض مصر تخرج الأبطال الشجعان والعلماء في الأديان وفي كل مشاكل الإنسان .. وإذا بالأديان الثلاثة تحيا في ربوع مصر بالأحضان، وفي حب ووئام وحنان ...
أيها العالم، إن أرض مصر هي حقيقة أرض الأديان، وهي أقوى من جميع البلدان في جمال الخلقة والكيان، وفي الرفعة وحسن المكان، الكل عندها سواء وسيان .. والعالم محب لها ولهان، مشتاق إلى شمسها المشرقة عطشان، بقدر ما هو إلى نيلها لهثان وظمآن.
مصر أم المصريين أجمعين
لكل فرد منا أم، وما أغلى الأم! فهي عزيزة على كل إنسان .. وأمي أعز ما عندي .. من أمي ولدت، ومن لبنها رضعت، وبفضلها كبرت وترعرعت .. ومن أجل أمي أعيش ما حييت .. ولكل واحد منا أمه .. وأمي غير أمك .. أمك بدينة وأمي نحيلة .. أمك حلوة القسمات، بينما أمي دميمة الخلقة .. هذه حال الدنيا .. أمهاتنا مختلفات متباينات .. ولكن صه يا خال .. لي ولك أم أخرى .. هي أمنا جميعا .. هي أم المصريين بحق .. الأم الكبرى التي أرضعت أمك وأمي قبل أن ترضعانا.
تلك الأم الكبرى هي أم المصريين جميعا .. إنها مصر .. البلد الأم .. أم الجميع .. الأم التي لا تكبر ولا تشيخ .. الأم الفتية القوية، والصالحة النقية السوية، العامرة الخيرة الآمنة ... المخلصة الوفية .. عندها من الوفاء بحور وأنهار، ومن الإخلاص بحار وبحار، والحمد لله أنها أمك وأمي .. تلك الأم التي لا تتغير ولا تتبدل، ولا تتشكل ولا تتنكر، ولا تتدثر إلا بلباس واحد، ولا تنتعل إلا فعلا واحدا .. لباسها أخضر جميل في لون الزروع السندسية الناضرة ... وخدودها حمراء في حمرة الورود المتفتحة .. شعرها فاحم طويل في سواد الليل الطويل الكحيل ... أمي وأمك جميلة فاتنة حسناء، وفتاكة فتانة، رشيقة مياسة، ذات قد خيزراني بديع، ملفوف يتثنى في خفر وحياء، ويتمايل كما تتمايل الأغصان في فصل الربيع إذا ما هب عليها نسيم الريح .. تلك الأغصان الحساسة المياسة، عروقها منتشية مملوءة صحة وعافية.
অজানা পৃষ্ঠা
ومصر كأم لنا جميعا؛ تستحق منا كل فخر وإعجاب، وكل حب وإعزاز وتقدير، وكل تضحية وفداء .. فهي ترعانا ولا تنسانا، ترانا ولا تغفل عنا، تسهر علينا ولا تهملنا، تهوانا ولا تكرهنا، تعبدنا ولا تنبذنا .. إنها كأي أم رءوم .. تكن لنا جميعا حبا دونه كل حب، وتغمرنا بأفضالها العميمة ، وتتركنا نرتع في ربوعها، نحصد من زرعها ونعب من نيلها، ونستدفئ بشمسها، ونستنشق هواءها النقي العليل .. هي التي تكسونا بصوفها وقطنها وكتانها .. وهي التي تنعم علينا بحريرها وقزها .. هي أم ولا كل أم، إنها فوق جميع الأمهات .. فهي أم الدنيا التي كم تغنى بحبها الشعراء! والمصريون ينشدون معا: «يا مصر يا أم الدنيا حبك في القلب سكن، كلنا تحت أمرك وخدامين للوطن» .. نعم، هي بحق أم الدنيا؛ لأنها أحسن أم جاد بها الزمان على بني الإنسان.
عشت لي يا مصر، يا أمي وأم أخي وأختي، وأم عمي وعمتي، وخالي وخالتي، وصديقي وصديقتي، وأم جاري وجارتي .. وأم كل هاربة أو غير هاربة، وشاردة أو غير شاردة .. يا أم الملتاعين وغير الملتاعين .. يا أم الملايين، لك مني كل حب وتقدير وإخلاص مبين.
ما أحلى شمسك يا مصر!
ما أعظم نعم الله علينا! فهي لا تحصى ولا نألوها شكرانا، وتزداد علينا في كل يوم وكل ليلة تظاهرا .. ومن أجل هذه النعم أن جعل الشمس لنا علامة واضحة تنظم حياتنا، وترتب لنا أوقات عملنا وراحتنا .. وطالما هناك شمس فهناك صحة وعمل، وكد وكفاح ونضال هذا مدلول أول، لا ننعم به وحدنا، ولكن تنعم به معنا دول الأرض قاطبة.
ومن أفضل نعم الله التي تفضل بها على أرض مصر بالذات، أن حباها بشمس مشرقة، شمس ساطعة تنتشر ظاهرة فوق ربوعها في كل يوم من أيام السنة بلا استثناء، بينما هناك بلاد لا ترى الشمس إلا لماما، وتتوق وتتحرق شوقا إلى أن ترى شمس مصر ولو ساعة واحدة في كل عام؛ إذ لو طلعت شمسها لبدت ضعيفة واهنة مسكينة، كأنما هي لا ترغب في أن تظهر لهم لينعموا بدفئها ونورها وأشعتها الذهبية وقرصها الوهاج الملتهب ...
وهناك من البلاد ما تشتد فيها حرارة الشمس إلى درجة تجعلها كانونا ملتهبا، تهدد الصحة وتثبط الهمة، وتجلب الكسل والنعاس والوهن.
بيد أن مصر من دون بلاد الله جميعا، خصها سبحانه وتعالى بشمس من أجل الشموس.
تظهر فيها الشمس من غير عجب
كأنها في الأفق قرص من ذهب
لذلك اشتهرت مصر في جميع بلاد العالم بشمسها حتى أطلقوا عليها اسم «أرض الشمس المشرقة»، فقرص شمسها حنون بلا قيود، يدفئك شتاء وينير يومك ساطعا صيفا دون أن يوهن من عزمتك أو ينال من صحتك وقوتك، ولا يفتك بجسدك أو يقضي على حياتك ...
অজানা পৃষ্ঠা
شمسك يا مصر من أعظم الشموس جلالا ورفعة ورواء، وقيمة ورونقا وبهاء .. إنها الشمس الوحيدة التي بوسعك أن تضع عينك فيها وتثبتها دون أن تصاب بأذى .. إنها شمس مشمسة خلقت علاجا للأبدان، وشفاء من الأمراض، وعنوانا لليقظة والعمل والكدح اللذيذ.
شمس مصر لا تغيب أبدا، فهي دائما هناك تبتسم لشعب مصر .. تدعوهم في الصباح إلى العمل الشريف، وتناديهم عند الليل إلى الراحة والاستجمام، وهي طوال النهار رحيمة شفيقة، لا تعرف القسوة الضارية، ولا تحارب إنسانا في رزقه، ولا تعوقه عن السعي الكريم وراء لقمة العيش الحلال.
شمس مصر تحب مصر كل الحب، وتحب أهل مصر من أجل مصر .. فهي لهم في الشتاء وطيس معتدل الحرارة، تقيهم لفحات البرد إن اشتدت وقست .. هي جنة فيحاء، إن لجأ إليها عاشقوها فزاروها في أسوان والأقصر، استقبلتهم هناك بدفء لا مثيل له في الوجود، كأنها تقول للعالم: إنني أجد متعة كبرى في أن أحيل صعيد مصر إلى مشتى عالمي وإلى مزار يؤمه الناس من كل الأجناس ومن جميع أنحاء المعمورة، لا ليروا الآثار فحسب، بل وليروا الشمس في ملكوتها السماوي الجبار، وفي أبهى صورها وأكرمها وأحسنها وأحبها إلى القلوب.
وجو مصر معتدل جميل دائم النور، رحيم الحرارة صيفا وشتاء:
لحرها وبردها مقدار
لم يكتنف حدهما الإكثار
نهارها من أجمل النهار
في غاية الإشراق والإبدار
ففي الصيف تنتقل الشمس إلى المصيف لتخلق لنا منه جنة أخرى لا يمكن أن ننعم بها لولا وجود الشمس وظهورها سافرة واضحة ساطعة، فهي خالقة هذا النعيم المقيم، وهذه الجنة المكنونة .. وهذا فضل عظيم من عند الله صاحب النعم والآلاء، أن جعل عين الشمس الأولى .. عين الصباح، ترتفع فوق ربوعك يا مصر، في حنان ودفء ووفاء وأمان يجعلنا من أسعد شعوب الأرض طرا. نحن سعداء فعلا بشمس مصر، وإن مصر لأرض الشمس الأولى في هذا الكون الفسيح .. وإننا لنعتز بهذه الشمس اعتزازنا بهذه الأرض الخيرة .. وما خيرها إلا بفضل شمسها الساطعة على مدار العام في كل عام.
حمى الله شعب مصر العظيم
অজানা পৃষ্ঠা
على مر السنين، وبإجماع الغازين والغاصبين، قال القائلون: إن شعب مصر شعب كبير عظيم جليل القدر .. خطير في بساطته، قوي بتواضعه، ذكي بفطرته، قادر بفرعونيته، صامد صمود جرانيته وتربته .. فهو كالطود الشامخ لا تؤثر فيه الزلازل، ولا تنال منه الكوارث .. إنه شعب كبير جدا بصمته وإيمانه، وقوة احتماله وجلده، ووقوفه ثابتا أمام عوادي الدهر والنازلات والمصائب .. وهو في هديره شعب كبير أيضا .. إذا زأر أرهب، وإذا ثار حطم، وإذا غضب كشر عن أنيابه وثار كالليث الهصور:
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسم
وإذا صرخ هذا الشعب العريق أزعج، وإذا تدفق فإنه لا يبقي ولا يذر.
أما في حربه، فهو شعب عتي مريد في جبروته لا يخاف الموت ولا يرهب ظلمة القبر، ويتلقى الضربة بصدر من حديد، ويذود عن حماه، ويدافع عن عرضه وشرفه إلى آخر نقطة من دمه الزكي.
بضرب يذوق الموت من ذاق طعمه
وتدرك من نجى الفرار مثالبه
إنه في حربه كالحراب المسنونة، يقتل ولا يقتل، يفتك بالعدو ولا يفتك به .. يكر ولا يفر، يتقدم ولا يتأخر .. وليست حرب أكتوبر المجيدة ببعيدة؛ إذ كر المصريون البواسل كالصاعقة فحطموا الجبال وأزالوا الحصون، فلم يعرف العدو من أين تنزل كل هذه الضربات والجنود الذين في عداد الجراد، حتى نزلت رئيسة وزراء إسرائيل من عليائها، وجأرت بأعلى صوتها تستغيث بأمريكا من ضربات هذا الشعب الأصيل المجيد وانقضاضه على جنودها كالسيل الجارف من كل حدب وصوب ... وهذه شهادة من العدو بتفوق الجندي المصري على الجندي الذي قيل عنه إنه لا يقهر .. شعب مصر في الحرب شعب جبار مقدام شديد البأس، لا يعرف الخوف أو اليأس .. يشرب الموت بالطاس والكأس، ويصيح قائلا: لا بأس .. لا بأس .. هذا هو الجندي المصري من قديم الزمان وحديثه، وهذا هو شعب مصر العظيم العريق العتيد.
والشعب المصري كبير أيضا في سلامه، إذا سلم قال: «السلام عليكم» .. وإذا رد السلام رده بأحسن منه، فقال: «وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته»، وهو يدرك تماما أن رد التحية فرض واجب؛ عملا بالآية الكريمة:
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها .. ويعلم أن من لا يرد التحية يكن مثل من يرفض حياة السلام والمحبة والوئام.
অজানা পৃষ্ঠা
والشعب المصري مسالم بطبعه وطبيعته .. قد يتشاجر، ولكن الشجار ينتهي بالقبلات والأحضان، عاملا بقول بعضهم «لا محبة إلا بعد عداوة» .. فالمحبة غاية وهدف، وهي أمل منشود، يتبعه في حياته صغيرا وينشده كبيرا .. وهو لا يؤمن بالعداء ويؤثر عليه السلام والأخوة .. وأكبر دليل على صدق ذلك، مبادرة السلام العالمية التي تقدم بها الرئيس المؤمن محمد أنور السادات، فهزت العالم من أقصاه إلى أقصاه، وأثنت عليه من أجلها جميع دول الدنيا، وتحدثت عنها كافة صحف العالم، وعرفوا أن شعب مصر بحق شعب سلام ووئام، فحتى شعب العدو نفسه شهد بمحبتنا للسلام وقام يتظاهر ضد رئيس وزرائه، معترفا بأصالة شعب مصر المسالم الذي يعرف حق الجار والجوار، والذي يضع نصب عينيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى خيرا بسابع جار .. هذا ما يؤمن به المصريون جميعا «مسيحيين ومسلمين» .. حب الجار وحب الجوار وحب السلام بين الناس والأصدقاء، وبين الأقارب وبين أهل البيت الواحد وبين أبناء الوطن الواحد .. وهكذا نرى السلام والمحبة لدى المصريين دينا وعقيدة يؤمنون بهما، ويعملون على استمرارهما في صدق وإخلاص.
وشعب مصر شعب ممتاز، له طباع تميزه عن سائر شعوب الدنيا .. فهو يتصف بالشهامة والرجولة والمروءة، لا يعرف الخسة ولا النذالة ولا الجبن .. تزامله فتلقى منه كل ترحيب وترحاب، وتعامله فتجد منه أنبل معاملة، وتستشيره فيمنحك المشورة المجدية الصادقة، وتستنجد به فيسرع النهضة لنجدتك متطوعا ومضحيا لا يريد منك جزاء ولا شكورا .. وقد تطلب منه مالا فيعطيكه دون سؤال كثير .. إنه شعب بسيط على السليقة، سريع الغضب لكن في حلم وسريع البديهة، ولكن في دهاء ومكر .. شعب يحب الفكاهة والدعابة؛ لأنه شعب مرح بشوش، يلقاك بنكتة، ويودعك بأخرى .. هو شعب مؤمن بالقدر والستر والأجر والعمل والعقاب والثواب .. هو شعب يضع كل اتكاله على الله، فيعمل بغير خوف، ولا يفزعه المستقبل، ولا تخيفه الشيخوخة أو المرض؛ إذ يعلم أن كل شيء من عند الله:
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .. كما يعلم أن الدواء والشفاء من عند الله أيضا .. إذن، فلا خوف عليك يا مصر، مع مثل هذا الشعب المؤمن ...
شدي حيلك يا مصر
لك الله يا مصر! يا حلوة ويا قرة العين .. يحميك ويحفظ من الحسد والعين .. يا مصر يا طيبة .. يا أميرة .. يا ملاذ الجميع ومأوى الفقير .. يا مهد الحضارة .. يا أمل الطغاة الطامعين والغزاة الغاصبين .. كوني على قدر المسئولية، وتنبهي وتيقظي وانفضي عنك غبار الخمول و«شدي حيلك» .. واعلمي أن أرضك مقدسة مباركة، لا يمكن أن تضام أو تجدب أو تنهب أو تسلب .. عليها أسود كواسر يحمونها، ورجال بواسل يدافعون عنها، ويذودون عن حياضها ويسهرون عليها ...
أيا مصر العزيزة .. أيتها السيدة الفاضلة .. يا صاحبة المهابة والجلالة .. يا ذات العرض الشريف والصيت العظيم والسمعة العطرة الطاهرة .. بأشبالك تنهضين، وبرجالك تصمدين، وبعقولك الراجحة تغلبين وتنتصرين وتهزمين ...
لا تهتزي يا مصر ولا تتذبذبي أو تترنحي، اثبتي وقاومي وقومي بدور الأسد الغضنفر .. ما زلت في مركز القوة وموقف السيادة بفضل أبنائك الأبطال المغاوير ورجالك البواسل الظافرين .. أنت صاحبة الكلمة، وصاحبة الأمر والنهي .. لا تهتمي بتلك الشرذمة التي أعمى الله قلوبها، وغشى على بصائرها فلم تعد تعرف الباطل من الحق، ولا أفش الرأي من صحة الحكم، واختلط لديها الجهل بالعلم، فلم تفرق بين الصالح والطالح، ولا بين الحسن والخبيث.
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار والظلم
تاريخك زاخر بقصص الأبطال والصمود الباهر .. فكم من غاز خرج منك عاري الجسد، مدحورا مكسورا محسورا! وكم من عدو وصل إلى حدودك فعاد على أعقابه فاشلا مغلوبا، يجر أذيال الهزيمة، ويفر هاربا مهزوما! وكم من معتد جبار غره صلفه وغروره، وظن أنه سينال منك مقتلا، فخيب الله ظنه! إذ وقفت له بالمرصاد، وسقيته المر والحنظل، ولفظته لفظ النواة الشريرة حتى صار للعالم أجمع عبرة العبر!
অজানা পৃষ্ঠা
هذا هو تاريخك يا مصر العظيمة .. شدي حيلك يا مصر، وقومي قومتك، وبرهني على وجودك، وأثبتي لكل طامع أنك لست نائمة، بل يقظى مفتوحة العينين .. عارفة بما يجري في الخفاء، ومدركة لما يدبر ضدك وما يحيكه للإيقاع بك قوم من الأقزام الصعاليك، باءوا بالفشل وانقسموا على أنفسهم، وتفرقوا أباديد وصاروا أضحوكة الدنيا، فما هم الذين عملوا فغنموا، ولا هم الذين سكتوا فسلموا .. قومي وانهضي .. وثبي وثبة الليوث والنمور، وانقضي على أعدائك المتربصين بك، وافتكي بهم، ومثلي بأجسادهم، واشربي من دمائهم، وتخلصي من أشلائهم النجسة .. بارك الله فيك يا مصر، وزودك بنصر من عنده .. والحمد لله رب العالمين.
مصر مئذنة مضيئة
لو كان بمصر مئذنة واحدة، لكانت أرضها مباركة، فما بالك وفيها ألف مئذنة ومئذنة، ومئات الكنائس المقدسة .. حقا، أنعم بها من بلد! وأنعم بها من أرض! وأنعم بها من وطن! هي وطن ولا كل الأوطان .. يقيم فيها الشيخ المسلم ويقيم معه فيها القس المسيحي، كلاهما يأكل من صحفة واحدة .. إنها أرض التسامح في أرقى صوره، وأنصع أشكاله وأجمل مناظره، وأزكى روائحه ونسائمه .. هي بلد للجميع؛ بلد يجذب إليه المسلم والمسيحي ليجدا لهما فيه مكانا .. المسلم تحت قبة المسجد، والمسيحي تحت قبة كل كنيسة .. هلال الإسلام يعانق فيها صليب المسيحية عناقا مباركا، قوامه المحبة والسلام والوئام وحسن التفاهم وتوحد الآراء والمشارب والأهداف.
كلمات الله في مصر واحدة، الكل يرددها وينطق بها .. فالمسيحي يقرأ القرآن، والمسلم يردد كلمات السيد المسيح وآيات الإنجيل .. الكل يؤمن بإله واحد، وتجد صورة العذراء مريم في كل بيت تحكي رواية السيد المسيح في صدق وإخلاص، وبحلاوة ما بعدها حلاوة .. تدل على الإيمان الصادق بالسيد المسيح، وعلى المحبة والتسامح على الأرض كلها .. قرآن واحد يحكم مصر العزيزة، قرآن في كتابين .. بل قل في سفرين عظيمين .. الكل ينهل منهما، والكل يؤذن بهما ولهما، والكل يجاهر بالحب لهما، فكلاهما حبيب إلى القلوب المصرية الزاخرة بالتسامح والحب والأمان.
أنت، يا مصر، مئذنة مضيئة للإسلام والمسيحية على حد سواء، في مصر وفي جميع الأقطار العربية وغير العربية المؤمنة مثلنا .. يكفيك يا مصر مآذن الأزهر الشريف وقباب الكاتدرائية المسيحية، كل منها معقل قوي يشع نورا قدسيا يملأ القلوب عمارا وسدادا وإيمانا ومحبة في الله ولله، ولا أحد سوى الله جل وعلا.
أنت قبس ونور يا مصر
مصر علم يقف على سارية شاهقة متينة .. مصر أشهر من نار على علم .. مصر قبس ونور .. مصر تعلم من لا يتعلم .. تعلمه الأخلاق والصبر والإيمان، والجلد والصمود، والقناعة والرضا والأمل.
مصر نور الشمس في وضح النهار .. مصر نور لا يخبو ضوءه، ومشعل لا تنطفئ جذوته، ومنارة دائمة الإضاءة إلى الأبد.
مصر قبس مشع يسطع نوره في كل مكان، يراه الأعمى قبل غيره من الناس.
مصر مهد الحضارة، وهي التي أنارت العالم بحضارتها العريقة وعلومها وعلمائها وسادتها الكرام.
অজানা পৃষ্ঠা