256

মিরকাত মাফাতিহ শরহ মিশকাত আল-মাসাবিহ

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

প্রকাশক

دار الفكر

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

প্রকাশনার স্থান

بيروت - لبنان

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ بَعْدَ انْضِمَامِ أَهْلِ الدِّينِ إِلَى الْحِجَازِ يَنْقَرِضُونَ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ فِيهِ أَحَدٌ (إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ): بِالْهَمْزَةِ هُوَ الصَّحِيحُ (غَرِيبًا): أَيْ: كَالْغَرِيبِ أَوْ حَالٍ (وَسَيَعُودُ)، أَيْ: غَرِيبًا (كَمَا بَدَأَ)، يَعْنِي: إِنْ أَهَّلَ الدِّينِ فِي الْأَوَّلِ كَانُوا غُرَبَاءَ يُنْكِرُهُمُ النَّاسُ وَلَا يُخَالِطُونَهُمْ، فَكَذَا فِي الْآخَرِ (فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ): أَيْ: أَوَّلًا وَآخِرًا، وَسُمُّوا غُرَبَاءَ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمْ بِالدُّنْيَا وَأَهْلِهَا (وَهُمُ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي) . أَيْ: يَعْمَلُونَ بِهَا وَيُظْهِرُونَهَا بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
١٧١ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ﵄، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي كَمَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى إِنَّ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً، لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ. وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً " قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
١٧١ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو): بِالْوَاوِ ﵄ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي): الْإِتْيَانُ الْمَجِيءُ بِسُهُولَةٍ، وَعُدِّيَ بِعَلَى لِمَعْنَى الْغَلَبَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الْهَلَاكِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ﴾ [الذاريات: ٤٢] وَالْمُرَادُ بَعْضُ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ إِمَّا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ أَضَافَهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، أَوْ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ مِلَلَ الْكُفْرِ أَيْضًا) (كَمَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ): فَاعِلُ لَيَأْتِيَنَّ مُقَدَّرٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ، وَالْكَافُ مَنْصُوبٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى الْمَصْدَرِ)، أَيْ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ إِتْيَانًا مِثْلُ الْإِتْيَانِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مُخَالَفَةٌ لِمَا أَنَا عَلَيْهِ مِثْلُ الْمُخَالَفَةِ الَّتِي أَتَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أَهْلَكَتْهُمْ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ الْكَافُ فَاعِلًا أَيْ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مِثْلُ مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ (حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ): حَذْوَ النَّعْلِ اسْتِعَارَةٌ فِي التَّسَاوِي، وَقِيلَ: الْحَذْوُ: الْقَطْعُ، وَالتَّقْدِيرُ أَيْضًا يُقَالُ: حَذَوْتُ النَّعْلَ بِالنَّعْلِ إِذْ قَدَّرْتَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ طَاقَاتِهَا عَلَى صَاحِبَتِهَا لِتَكُونَا عَلَى السَّوَاءِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ يَحْذُونَهُمْ حَذْوًا مِثْلَ حَذْوِ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، أَيْ: تِلْكَ الْمُمَاثَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي غَايَةِ الْمُطَابَقَةِ وَالْمُوَافَقَةِ كَمُطَابَقَةِ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ (حَتَّى إِنَّ كَانَ مِنْهُمْ): حَتَّى ابْتِدَائِيَّةٌ وَالْوَاقِعُ بَعْدَهُ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ الْآتِي (لَكَانَ) إِمَّا جَوَابُ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ وَالْمَجْمُوعُ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَإِمَّا إِنْ بِمَعْنَى (لَوْ) كَمَا يَقَعُ عَكْسُهُ، وَلَيْسَتْ (إِنْ) هَذِهِ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الْمُثَقَّلَةِ كَمَا زَعَمَ، كَذَا نَقَلَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ عَنْ زَيْنِ الْعَرَبِ، وَفِي الْأَزْهَارِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ مُخَفَّفَةٌ أَيْ حَتَّى إِنَّهُ، كَذَا ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ حَذْفُ ضَمِيرِ الشَّأْنِ مِنْ إِنَّ الْمَكْسُورَةِ فَمَنَعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ مَالِكٍ (مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً): إِتْيَانُهَا كِنَايَةٌ عَنِ الزِّنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا زَوْجَةَ الْأَبِ لَوْ مَوْطُوءَتَهُ وَسَائِرَ مَنْ حُرِّمْنَ عَلَيْهِ بِرِضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَرَابَةَ وَالِاسْتِبْعَادَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَلِذَا قَيَّدَهُ بِعَلَانِيَةٍ (لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ)، أَيْ: يَفْعَلُ (ذَلِكَ)، أَيِ: الْإِتْيَانِ (وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ): يَعْنِي النَّصَارَى أَوْ أَهْلَ الْكِتَابِ.

1 / 258