মিরকাত মাফাতিহ শরহ মিশকাত আল-মাসাবিহ
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
প্রকাশক
دار الفكر
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
প্রকাশনার স্থান
بيروت - لبنان
رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ; أَيْ: إِلَى لِقَائِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إِلَى الْمَقْعَدِ الْمَعْرُوضِ، أَوْ إِلَى الْمَقْعَدِ الَّذِي هُوَ الْقَبْرُ وَ(إِلَى) بِمَعْنَى مِنْ، أَيِ: الْمَعْرُوضُ عَلَيْكَ مَقْعَدُكَ بَعْدُ، وَلَا تَدْخُلْهُ الْآنَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ، أَوِ الْقَبْرُ مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ مِنْهُ إِلَى مَقْعَدِكَ الْآخَرِ الْمَعْرُوضِ عَلَيْكَ اهـ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ.، أَيْ: هَذَا الْآنَ مَقْعَدُكَ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ فَتَرَى عِنْدَ ذَلِكَ كَرَامَةً أَوْ هَوَانًا تَنْسَى عِنْدَهُ هَذَا الْمَقْعَدَ. (يَوْمَ الْقِيَامَةِ): بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَهَذَا لَفْظُ " الْمَصَابِيحِ " وَقَدْ رُوِيَ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ: «حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .، أَيْ: هَذَا مُسْتَقَرُّكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى مَحْشَرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ اهـ.
وَفِي " الْأَزْهَارِ: الْمُرَادُ بِالْقِيَامَةِ هُنَا النَّفْخَةُ الْأُولَى لَا الْأُخْرَى، لِأَنَّ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: (هَذَا مَقْعَدُكَ) مُطْلَقٌ مُتَنَاوَلٌ لِلْعَذَابِ وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ النَّفْخَةَ الْأُولَى حَالَةُ إِمَاتَةِ الْمَخْلُوقَاتِ وَغَشَيَانٍ لِلْأَمْوَاتِ، وَمَا ثَمَّ هُنَاكَ بَعْثٌ فَتَأَمَّلَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
١٢٨ - «وَعَنْ عَائِشَةَ، ﵂، أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَقَالَ: (نَعَمْ، عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ) . قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
١٢٨ - (وَعَنْ عَائِشَةَ): ﵂ (أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا)، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ رُؤْيَةُ الْيَهُودِيَّةِ لِعَائِشَةَ الْمُحَرَّمُ عِنْدَنَا لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] الْمُقْتَضِي لِحُرْمَةِ كَشْفِ الْمُسْلِمَةِ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهَا لِكَافِرَةٍ لِأَنَّهَا قَدْ تَصِفُهَا لِكَافِرٍ فَيَفْتِنُهَا اهـ.
وَمَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ عِنْدَنَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ ﷺ وَالصَّحَابَةِ كُنَّ يَحْتَجِبْنَ عَنْ نِسَاءِ الْكُفَّارِ (فَذَكَرَتْ)، أَيِ: الْيَهُودِيَّةُ (عَذَابَ الْقَبْرِ، فَقَالَتْ)، أَيِ: الْيَهُودِيَّةُ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا أَوْ تَفْرِيعًا (لَهَا)، أَيْ: لِعَائِشَةَ (أَعَاذَكِ اللَّهُ)، أَيْ: حَفِظَكِ وَأَجَارَكِ (مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)، جَازَ عِلْمُ الْيَهُودِيَّةِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ لِقِرَاءَتِهَا فِي التَّوْرَاةِ، أَوْ لِسَمْعِهَا مِمَّنْ قَرَأَ فِي التَّوْرَاةِ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَمْ تَعْلَمْ وَلَمْ تَسْمَعْ ذَلِكَ (فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)، أَيْ: أَحَقٌّ هُوَ؟ («فَقَالَ: نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ») .، أَيْ: ثَابِتٌ وَمُتَحَقِّقٌ وَكَائِنٌ وَصِدْقٌ (قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعْدُ)، أَيْ: بَعْدَ سُؤَالِي ذَلِكَ («صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ») . وَهُوَ يَحْتَمِلُ دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرٌ، وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَ ذَلِكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ. قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلُ، أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَتَعَوَّذْ حَتَّى سَمِعَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ فَتَعَوَّذَ، أَوْ كَانَ يَتَعَوَّذُ وَلَمْ تَشْعُرْ بِهِ عَائِشَةُ، وَقِيلَ: كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُ قَبْلَ هَذَا سِرًّا، فَلَمَّا رَأَى تَعَجُّبَهَا مِنْهُ أَعْلَنَ بِهِ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ; لِيَثْبُتَ فِي قَلْبِهَا وَلِيَقْتَدِيَ بِهِ أُمَّتُهُ، وَلِيَشْتَهِرَ ذَلِكَ بَيْنَ الْأُمَّةِ وَيَتَرَسَّخَ فِي عَقَائِدِهِمْ، وَلِيَكُونُوا عَلَى خِيفَةٍ مِنْهُ، وَجَازَ أَنَّهُ ﵊ كَانَ قَبْلَ هَذَا يَتَعَوَّذُ مِنْهُ سِرًّا مُتَوَقِّفًا فِي شَأْنِ أُمَّتِهِ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ تَعَوَّذَ مِنْهُ أَعَاذَنَا اللَّهُ بِلُطْفِهِ مِنْهُ.
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: رَوَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ ﵊ سَمِعَ الْيَهُودِيَّةَ قَالَتْ ذَلِكَ فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَوَجَدْتُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: «لَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَعَوَّذُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ أَشْعُرْ بِهِ، أَوْ تَعَوَّذَ بِقَوْلِ الْيَهُودِيَّةِ»؟ قَالَ الطِّيبِيُّ: فَعَلَى
1 / 207