174

মিরকাত মাফাতিহ শরহ মিশকাত আল-মাসাবিহ

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

প্রকাশক

دار الفكر

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

প্রকাশনার স্থান

بيروت - لبنان

بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: الصَّحِيحُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي جَدِّهِ رَاجِعٌ إِلَى شُعَيْبٍ، وَكَثِيرًا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَغَيْرِهِمَا بِلَفْظِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ، فَحَدِيثُهُ لَا طَعْنَ فِيهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ شُعَيْبًا سَمِعَ مِنْ مُحَمَّدٍ لَا عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَيَكُونُ حَدِيثُهُ مُرْسَلًا، لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَحَدِيثُهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ مُتَّصِلٌ لَكِنْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِجَدِّهِ فِي الْإِسْنَادِ مُحَمَّدٌ لَا عَبْدُ اللَّهِ لَمْ يَدْخُلْ حَدِيثُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي الصِّحَاحِ، وَإِنِ احْتَجُّوا بِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: تَرْجَمَةُ عَمْرٍو قَوِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ حَيْثُ لَا تَعَارُضَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. كَذَا حَرَّرَهُ مِيرَكُ شَاهْ ﵀.
١٠٠ - وَعَنْ أَبِي مُوسَى ﵁، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: («إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ، وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ، وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ، وَالطَّيِّبُ») رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
١٠٠ - (وَعَنْ أَبِي مُوسَى) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: («إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ»: بِالضَّمِّ وَيُفْتَحُ، وَمِنْ: ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِخَلَقَ، أَوْ بَيَانِيَّةٌ حَالٌ مِنْ آدَمَ (قَبَضَهَا) أَيْ: أَمَرَ الْمَلَكَ بِقَبْضِهَا، وَالْقُبْضَةُ بِالضَّمِّ مِلْءُ الْكَفِّ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِفَتْحِ الْقَافِ كَذَا فِي الصِّحَاحِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْقَبْضَةُ: وَضَمُّهُ أَكْثَرُ مَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ، وَفِي النِّهَايَةِ الْقَبْضُ الْأَخْذُ بِجَمِيعِ الْكَفِّ، وَالْقَبْضَةُ الْمَرَّةُ مِنْهُ، وَبِالضَّمِّ الِاسْمُ مِنْهُ (مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ): يَعْنِي: وَجْهَهَا أَيْ: مِنْ جَمِيعِ مَا قَدَّرَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُنَهُ بَنُو آدَمَ مِنَ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ لِأَنَّ مِنَ الْأَرْضِ مَا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ قَدَمُ آدَمِيٍّ، وَالْقَابِضُ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ هُوَ عِزْرَائِيلُ ﵊، فَنُسِبَ الْفِعْلُ إِلَيْهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ بِأَمْرِهِ، وَإِرَادَتِهِ، وَلَمَّا كَانَ عِزْرَائِيلُ مُتَوَلِّي الْقَبْضَةَ، وَلِيَ قَبْضَ الْأَرْوَاحِ مِنْ أَجْسَادِهَا لِيَرُدُّوا وَدِيعَةَ اللَّهِ الَّتِي قَبَضَهَا مِنَ الْأَرْضِ إِلَيْهَا كَذَا قَالَهُ زَيْنُ الْعَرَبِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى آيَةِ ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: ٥٥] هَذَا، وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ ﵀ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خُلِقَتِ الْكَعْبَةُ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ. قَالُوا: كَيْفَ خُلِقَتْ قَبْلُ وَهِيَ مِنَ الْأَرْضِ؟ قَالَ: كَانَتْ خَشْفَةً عَلَى الْمَاءِ، وَهِيَ بِالْخَاءِ، وَالشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَالْفَاءِ أَيْ: حَجَرَةٌ، أَوْ أَكَمَةٌ، أَوْ جَزِيرَةٌ عَلَيْهَا مَلَكَانِ يُسَبِّحَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَلْفَيْ سَنَةٍ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ دَحَاهَا مِنْهَا فَجَعَلَهَا فِي وَسَطِ الْأَرْضِ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بَعَثَ مَلَكًا مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ يَأْتِي بِتُرَابٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَلَمَّا هَوَى لِيَأْخُذَ قَالَتِ الْأَرْضُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ أَنْ لَا تَأْخُذْ مِنِّي الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ مِنْهُ لِلنَّارِ نَصِيبٌ غَدًا فَتَرَكَهَا، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ بِمَا أَمَرْتُكَ؟ قَالَ: سَأَلَتْنِي بِكَ فَعَظِّمْتُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا سَأَلَنِي بِكَ، فَأَرْسَلَ آخَرَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَرْسَلَهُمْ كُلَّهُمْ، فَأَرْسَلَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: إِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي أَحَقُّ بِالطَّاعَةِ مِنْكِ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ كُلِّهَا مِنْ طَيِّبِهَا، وَخَبِيثِهَا حَتَّى كَانَتْ قَبْضَةً عِنْدَ مَوْضِعَ الْكَعْبَةِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ فَصَبَّ عَلَيْهِ مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ فَجَاءَ حَمَأً مَسْنُونًا فَخَلَقَ مِنْهُ آدَمَ بِيَدِهِ. الْحَدِيثَ. («فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ») أَيْ: مَبْلَغِهَا مِنَ الْأَلْوَانِ وَالطِّبَاعِ («مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ، وَالْأَبْيَضُ، وَالْأَسْوَدُ»): بِحَسَبِ تُرَابِهِمْ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ أُصُولُ الْأَلْوَانِ، وَمَا عَدَاهَا مُرَكَّبٌ مِنْهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (وَبَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ: بَيْنَ الْأَحْمَرِ، وَالْأَبْيَضِ، وَالْأَسْوَدِ بِاعْتِبَارِ أَجْزَاءِ أَرْضِهِ (وَالسَّهْلُ) أَيْ: وَمِنْهُمُ السَّهْلُ أَيِ: اللَّيِّنُ (وَالْحَزْنُ): بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَسُكُونِ الزَّايِ أَيِ: الْغَلِيظُ (وَالْخَبِيثُ) أَيْ: خَبِيثُ الْخِصَالِ (وَالطَّيِّبُ): عَلَى طَبْعِ أَرْضِهِمْ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى لَوْنًا، وَطَبْعًا، وَخُلُقًا. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَمَّا كَانَتِ الْأَوْصَافُ الْأَرْبَعَةُ ظَاهِرَةً فِي الْإِنْسَانِ وَالْأَرْضِ أُجْرِيَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَأُوِّلَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ لِأَنَّهَا مِنَ الْأَخْلَاقِ الْبَاطِنَةِ، فَإِنَّ الْمَعْنِيَّ بِالسَّهْلِ الرِّفْقُ وَاللِّينُ، وَبِالْحَزْنِ الْخَرَقُ وَالْعُنْفُ، وَبِالطَّيِّبِ الَّذِي يَعْنِي بِهِ الْأَرْضَ الْعَذْبَةَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي هُوَ نَفْعٌ كُلُّهُ، بِالْخَبِيثِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْأَرْضُ السَّبْخَةُ الْكَافِرُ الَّذِي هُوَ ضُرٌّ كُلُّهُ، وَالَّذِي سَبَقَ لَهُ الْحَدِيثُ هُوَ الْأُمُورُ الْبَاطِنَةُ؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي حَدِيثِ الْقَدَرِ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَأَمَّا الْأُمُورُ الظَّاهِرَةُ مِنَ الْأَلْوَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّرَةً فَلَا اعْتِبَارَ لَهَا فِيهِ اهـ.

1 / 176