ورغبة مني في القيام بالمهمة الخطيرة الملقاة على عاتق المؤرخ الحقيقي:
تلك المهمة التي ما زال لم يضطلع بها أي واحد من المؤلفين الذين كتبوا عن إيالة الجزائر، وعزما مني على عدم إخفاء أي شيء، بعيدا عن الزعم بأنني أكتب أحسن من غيري، ولكنني مقتنع من أن لفرنسا رجالا لن بهملوا، لاكتشاف الحقيقة، أية وسيلة تقدم لهم ونمكنهم من التأمل في عواقب تجاوزات السياسة، ومتأكد من أن هؤلاء الرجال المعتبرين سيهتمون أساسا بمجد الأمة الفرنسية وذلك بالقضاء على جميع الأعمال المنافية لذلك المجد الذي يجب أن تهتم به فرنسا كل الاهتمام لكي تحظى بثناء الأجيال المقبلة. على هذا الأساس، فإنني أتوجه خاصة لهؤلاء الرجال الذين يضحون بسعادتهم لإسعاد الآخرين ولمضاعفة العلاقات الاجتماعية وتدعيمها.
إن المدنية الحقة لا تكون بالكلام فقط، ولا يمكن أن تطبق إلا بواسطة أناس مجربين يميزون بين احترام الإنسان ومصالحهم.
ومن جهة أخرى، فإنني أجنبي ولا أريد أن أعرض نفسي لانتقاد السوقة أو الفضوليين، خاصة وأن واجبي يتمثل في قضية مقدسة لها علاقة بسعادة الإنسانية. إنني لست مرتاح البال، بل على العكس فإن مصائب بلدي تقلقني باستمرار، ولقد كنت في كثير من الأحيان، وأنا أسجل تلك المصائب، أجبر على التوقف عن الكتابة لأترك المجال لدموعي تنساب. وعلى الرغم من أن كتابي رواية تاريخية، فإنه قد كتب ليقرأه أشخاص من ذوي الرحمة والإحساس.
لقد قال أحد الفلاسفة: (إن كل جملة تصاغ بعبقرية تدل في نفس الوقت على الجوهر وعلى مساوىء الإحساس، إن الإنسان الذي يقلقه الحب
1 / 9