وقلت للباشا: يا دولة الزعيم، ليس الرجل ذا كفاءة ممتازة ولكنه فقد ابنه في الجهاد وهو جدير بأن يرشح عن الدائرة.
وافق على اقتراحي، أسكنه الله أعز مكان في جنته. كان يحبني ويتابع مقالاتي باهتمام صادق. ومرة قال لي: أنت كلب الأمة الخافك.
كان رحمه الله ينطق القاف كافا. وسمع بها بعض الزملاء القدامى من رجال الحزب الوطني؛ فكانوا كلما رأوني صاح صائحهم: «أهلا بكلب الأمة.»
لكنها كانت أيام المجد والجهاد والبطولة.
كان عامر وجدي شخصا فريدا، له في الرجاء جانب يرده الأصدقاء، وفي الخوف جانب يتجنبه الأعداء. •••
في الحجرة أتذكر أو أقرأ أو أستسلم للنعاس. وفي المدخل مجال سمر مع الراديو وماريانا. وإن شئت تنويعا في التسلية ففي أسفل العمارة مقهى الميرامار. من البعيد جدا أن أعثر على أحد أعرفه أو يعرفني، ولا في التريانون نفسه. ذهب الأصدقاء وذهب زمانهم . وإني لأعرفك يا إسكندرية الشتاء. تخلين ميادينك وشوارعك مع المغيب فيمرح فيها الهواء والمطر والوحشة، وتعمر حجراتك بالمناجاة والسمر. ••• - ذلك العجوز الذي يخفي جسده المحنط تحت بدلة سوداء من عهد نوح.
وقال من عينه الزمن الهازل رئيسا للتحرير: زمن البلاغة ولى، هل عندك عبارة تصلح لراكب طيارة؟
راكب طيارة! أيها «القره جوز» المفعم شحما وغباء .. إنما خلق القلم لأصحاب العقول والأذواق لا للمجانين المعربدين من ضحايا الملاهي والحانات .. ولكن قضي علينا طول العمر بالسير في ركاب زملاء جدد في المهنة، لقنوا علمهم في السيرك ثم اجتاحوا الصحافة ليلعبوا دور البهلوانات. •••
جلست على الفوتيل مرتديا الروب، استسلمت ماريانا إلى مسند الكنبة الأبنوس تحت تمثال العذراء، وانبعث من المحطة الإفرنجية موسيقى راقصة. وددت أن أسمع لونا آخر، ولكني تجنبت إزعاجها. استرخت جفونها كمن تحلم وحركت رأسها في طرب كأيام زمان. - كنا وما زلنا أصدقاء يا عزيزتي. - طول العمر. - لم نتبادل العشق ولا مرة!
ضحكت ضحكة عالية وقالت: ذوقك بلدي، لا تنكر. - عدا مرة عابرة، هل تذكرين؟
অজানা পৃষ্ঠা