شيعته بنظرة متسائلة. واضح أنها لم تستلطفه. ونظرت نحوي فقلت لها: إنه يداعبك، فاعتبري قوله نوعا من الثناء.
ثم قلت باسما: وأنا أيضا من عشاقك يا زهرة.
فابتسمت ابتسامة صافية، فلم أشك في أنها تبادلني مودة بمودة وسررت بذلك جدا. وكانت المدام تدعوها - بعد انتهاء العمل - للجلوس معنا في المدخل حول الراديو، فكانت تختار مقعدا بعيدا بعض الشيء عنا وعلى كثب من البارفان وتتابع أحاديثنا برغبة جادة في الاستطلاع والفهم، واستأنستها بمودتي فصرنا صديقين، وتبادلنا الكلام كثيرا في الفرص المتاحة.
وقصت علينا ذات ليلة قصتها بنفسها وهي تظن أننا نسمعها لأول مرة. ثم قالت تعليقا على بعض ظروفها: أراد زوج أختي أن يأكلني، فزرعت أرضي بنفسي. - ألم يشق عليك ذلك يا زهرة؟ - كلا، إني قوية بحمد الله، لم يغلبني أحد في المعاملة، لا في الحقل ولا في السوق.
فقال طلبة مرزوق ضاحكا: ولكن الرجال يهتمون بأمور أخرى أيضا؟
فقالت بتحد لطيف: أكون رجلا عند الضرورة.
فأمنت على قولها بحماس. وقالت المدام: زهرة ليست غشيمة، كانت تصحب أباها في جولاته، كان يحبها جدا.
فقالت بحزن: وكنت أحبه أكثر من عيني، أما جدي فلا يفكر إلا في الانتفاع من ورائي.
ولكن طلبة عاد إلى معاكستها قائلا : لو كان باستطاعتك أن تكوني رجلا فلم اضطررت إلى الهرب؟
فقلت مدافعا عنها: يا طلبة بك، أنت أدرى بجو القرى، وقداسة الأجداد، والتقاليد الرهيبة، كان عليها أن تبقى لتصير زوجة زائفة أو أن تهرب.
অজানা পৃষ্ঠা