فهذه حال المتقدمين مع قرب زمانهم من أيام المسيح ووجود أخباره فيهم، والدولة دولتهم، والكلمة كلمتهم، وعلماؤهم إذ ذاك أوفر ما كانوا، واهتمامهم بأمر دينهم واحتفالهم به كما ترى.
وهم حيارى تائهون ضالون مضلون، لا يثبت لهم قدم، ولا يستقر لهم قول في إلههم، بل كل منهم قد اتخذ إلهه هواه، وصرح بالكفر والتبري ممن اتبع سواه، قد تفرقت بهم في نبيهم وإلههم الأقاويل، وهم كما قال الله تعالى: ﴿قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ .
فلو سألت أهل البيت عن دينهم ومعتقدهم في ربهم ونبيهم لأجابك الرجل بجواب وامرأته بجواب وابنه بجواب والخادم بجواب، فما ظنك بمن في عصرنا هذا؟ وهم نخالة الماضين، وزبالة الغابرين، وثفالة المتحيرين، وقد طال عليهم الأمد، وبعد عهدهم بالمسيح ودينه.
وهؤلاء هم الذين أوجبوا لأعداء الرسل من الفلاسفة والملاحدة أن يتمسكوا بما هم عليه، فإنهم شرحوا لهم دينهم الذي جاء به المسيح على هذا الوجه. ولا ريب أن هذا دين لا يقبله عاقل.
1 / 178