[منحة الخالق]
(قوله: ولا يخفى أن المشايخ) تعقب لما قدمه عن فتح القدير من قوله فكان جميع ما يخرج من بدن الإنسان إلخ حيث عم (قوله: ومرادهم أن يتجاوز إلى موضع تجب طهارته أو تندب إلخ) قال في النهر: هذا وهم وأنى يستدل بما في المعراج وقد علل المسألة بما يمنع هذا الاستخراج فقال ما لفظه لو نزل الدم إلى قصبة الأنف انتقض بخلاف البول إذا نزل إلى قصبة الذكر ولم يظهر، فإنه لم يصل إلى موضع يلحقه حكم التطهير، وفي الأنف وصل، فإن الاستنشاق في الجنابة فرض كذا في المبسوط اه.
وقد أفصح هذا التعليل عن كون المراد بالقصبة ما لان منها؛ لأنه الذي يجب غسله في الجنابة وكذا قال الشارح لو نزل الدم من الأنف انتقض وضوءه إذا وصل إلى ما لان منه؛ لأنه يجب تطهيره وحمل الوجوب في كلامه على الثبوت مما لا داعي إليه وعلى هذا فيجب أن يراد بالصماخ الخرق الذي يجب إيصال الماء إليه في الجنابة وبهذا ظهر أن كلامهم مناف لتلك الزيادة أن ملاحظتها في المجاوزة إلى موضع من بدن أو ثوب أو مكان يقتضي أن الدم إذا وصل إلى موضع يندب تطهيره من واحد من الثلاثة انتقض، وهذا مما لم يعرف في فروعهم عرف ذلك من تنبهها بل المراد بالتجاوز السيلان ولو بالقوة كما قال بعض المتأخرين اه.
وأقول: يتعين أن يحمل قول المعراج، فإن الاستنشاق في الجنابة فرض على معنى أن أصل الاستنشاق فرض وأن يبقى أول كلامه على ظاهره من غير تأويل لما سيأتي قريبا عن غاية البيان أن النقض بالوصول إلى قصبة الأنف قول أصحابنا وأن اشتراط الوصول إلى ما لان منه قول زفر وأن قول من قال إذا وصل إلى ما لان منه لبيان الاتفاق، وكأن صاحب النهر لم يطلع على ذلك حتى قال ما قال: وأما قوله مع أن ملاحظتها في المجاوزة إلخ مما لا يتوهم من كلام صاحب البحر فضلا عن اقتضائه ما ذكره إذ لا شك أن مراده بالتجاوز السيلان كيف وقد قال في آخر كلامه والمراد بالوصول المذكور سيلانه فعلم أنه لا وهم في كلامه وأن قولهم لا ينافي تلك الزيادة وأنه يتعين حمل الوجوب على الثبوت فتدبر منصفا
(قوله: بحيث لم يتلطخ رأس الجرح) أي لم يتجاوز إلى محل يلحقه التطهير من البدن، وإنما قيد به ليبين أنه غير مقيد بالبدن بناء على ما ذكره من التعميم السابق وفيه أنه يقتضي والحالة هذه أنه لو سال إلى غير ما ذكر كبحر أو نهر مثلا أو عذرة أو غيره ذلك لا ينتقض، وهو باطل فكان الظاهر إبدال قوله أولا فناقض بشرط أن يصل إلخ بقولنا بشرط أن يسيل ظاهر البدن أو يصل إلى موضع تجب طهارته أو تندب من البدن فيدخل في شرط السيلان ظاهر البدن مسألة الافتصاد حيث لم يتلطخ رأس الجرح ومسألة الأنف والأذن مما سال داخله تدخل في قولنا أو يصل إلخ ولا يرد عليه ما مر فتدبر (قوله: وقد أوضحه في غاية البيان والعناية) قال في غاية البيان قوله إلى ما لان من الأنف أي إلى المارن وما بمعنى الذي، فإن قلت لم قيد بهذا القيد مع أن الرواية مسطورة في الكتب عن أصحابنا أن الدم إذا نزل إلى قصبة الأنف ينقض الوضوء ولا حاجة إلى أن ينزل إلى ما لان من الأنف فأي فائدة في هذا القيد إذن سوى التكرار بلا فائدة؛ لأن هذا الحكم قد علم في أول الفصل من قوله والدم والقيح إذا خرجا من البدن فتجاوزا إلى موضع يلحقه حكم التطهير قلت بيانا لاتفاق أصحابنا جميعا؛ لأن عند زفر لا ينتقض الوضوء ما لم ينزل الدم إلى ما لان من
পৃষ্ঠা ৩৩