وأما إذا كان القول فيما يجوز فيه الرأي، وكان فيه اختلاف - يخرج فيه الرأي كله صواب؛ فإن كان الحاكم ممن يبلغ علمه إلى تمييز ذلك، والنظر في عدله، وإلى ما هو أقرب منه مما هو أبعد في نظره - فعليه الاجتهاد في النظر في ذلك.
كما كان على العالم القائل بالرأي - الاجتهاد في ذلك، ليس له أن يتخير ما شاء من الآراء، إذ كان على هذه الصفقة؛ إلا أن تكون الآراء في ذلك متساوية في العدل معه.
فإذا تساوت في العدل معه في نظره - وهو ممن يبصر العدل فله أن يختار ما شاء، ويحكم به؛ لأنه خارج كله في العدل عنده، وليس شيء أعدل من شيء.
وإن لم تتساو الآراء عنده؛ فعليه أن يختار الرأي الواحد - من الآراء - الذي يري أنه صواب، وإلى الحق أقرب؛ فيحكم به في ذلك الحكم الحاضر، وفيما يستقبل؛ حتى يتبين له أن غيره من الآراء أصوب، وإلى الحق أقرب، ثم يرجع إليه، ويدع هذا؛ فلا يزال على هذا ما ابتلي بالحكم، وامتحن به.
ولا يحكم بالاختيارات على سبيل اتباع الهوى، ولا إهمال النظر؛ فيحكم لهذا بهذا القول، ولغيره بغيره، وهو يري أن الأول أصوب، أو غيرهما. وليس هذا سبيل الرأي؛ فإذا فعل الحاكم هذا - فقد خرج من سبيل الرأي. وأما إذا كان كل ذلك عنده عدلا، وهو ممن يبصر عدل ذلك، فذلك له جائز ويحكم بما شاء؛ لأن ذلك كله عدل.
وإن لم يكن الحاكم يبصر العدل - فتمييز ذلك بنظره، و [إن] كان بحضرته من العلماء من يبصر عدل ذلك، وتمييزه - فعليه مشاورة أهل العلم ممن يبصر ذلك؛ فإن ذلك من النظر والرأي؛ لأنه قد وجد السبيل على الدلالة على حكم الرأي، وسبيل الرأي، فيضع الرأي في موضعه، ويستدل عليه بغيره؛ كما يستدل عليه بنفسه؛ إذا يبلغ هو على الاستدلال عليه.
পৃষ্ঠা ৯৮