وأما الذي نزل خاصا في ظاهر التنزيل، وثبت حكمه عاما علي الخلق بدليل، فمثل قوله تعالي: " فلينظر الإنسان مم خلق"، وقوله تعالي: " أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين"، وقوله: " وبدأ خلق الإنسان من طين"، وقوله: " والعصر إن الإنسان لفي خسر"، فهذه الآيات كلها في لفظ الخصوص في الظاهر، إذ الذكر فيها وقع باسم الإنسان، ولم يقع باسم الناس، ومتيقن حكمها في معني العموم، لأن دخول الألف واللام في الإنسان: دال علي التعريف، والمعرفن إذا لم يتقدم له ذكر لنفسه، فيكون التعريف له: إشارة إلي الجنس كله.
وأما قوله: " وبدأ خلق الإنسان من طين"، فآدم (- عليه السلام -)، وإذا كان آدم من طين، فالناس كلهم مبتدأون من طين، لأنهم ذريته إلا حواء وحدها، فإنا لا ندري ما نسبها؟ {هل} تسمي ذرية له أولا؟ غير أنا نعلم أنها خلقت منه، لقوله تعالي: " خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ".
وأما قوله تعالي: " والعصر إن الإنسان لفي خسر"، إلا من استثني- يدل علي ما قلنا، لأن الاستثناء: لا يكون إلا من جملة.
وأما قوله تعالي: "أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة"، يخرج لفظه مخرج الخصوص، ومعني العموم، وخرج آدم (- عليه السلام -) من هذه الجملة، بدليل قوله تعالي: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن "، فحرم جميع المشركات بهذه الآية، ثم خص من جملة ما حرم- نكاح الشركات الكتابيات بقوله: " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " فحص المشركات الكتابيات بالتحليل من جميع ما حرم من المشركات.
পৃষ্ঠা ৫৯