============================================================
ل259 ربع العبادات / حتاب العلم الوظيفة الثامنة: أن يكون قصد المتعلم في الحا تحلية باطنه وتجميله بالفضيلة، وفي المآل القرب من الله سبحاته، والترقي إلى مجاورة المقربين، ولا يقصد به الرياسة والمال، ومباهاة الأقران، ومتى صح قصده هذا لم يطلب إلا علم الآخرة، فعلم الآخرة بالنسبة إلى غيره من العلوم، كقصد المجاهد وجه الله سبحانه، فهذا له المغنم(1) في الدنيا، والأجر في الآخرة، ولا شك في أن للرده(2) في الجهاد ثواب، ولساقي الغزاة الماء أجر، ولحافظ الدواب، إلا أن الأعلى هو الصادق في جهاده.
الوظيفة التاسعة: أن يعلم نسبة العلوم إلى المقصد، ليؤثر الرفيع القريب على البعيد، والمهم على غيره، فإن علم الفقه كإعداد الزاد والراحلة، وتطهير الباطن عن الكدر كسلوك البوادي وقطع العقاب(2)، والعلم بالله وصفاته وأفعاله يجري مجرى نفس الحج وأركانه، ولكل قوم مرتبة، فليس من أخبر فصدق كمن شاهد وتحقق.
واعلم أن الساعي إلى الله عز وجل لينال قربه هو القلب دون البدن، ولسنا نعني بالقلب اللحم المحس، بل هو سر من أسرار الله تعالى، لا يدركه الحس، ولطيفة من لطائفه، تارة يعبر عنها بالروح، وتارة بالنفس المطمئنة.
وقد عبر الشرع عنه بالقلب؛ لأنه المطية الأولى، كذلك السر، وبواسطته صار جميع البدن مطية وآلة لتلك اللطيفة، فهو كالناقة للبدن في طريق الحج.
فالمتجرذ لعلم الفقه إذا لم يجاهذ نفسه ولم يصلخ قلبة، كالمتجرد لشراء الناقة وعلفها، وشراء المزادة وخرزها(4)، ولم يسلك بادية الحج.
(1) في الأصل: "النعيم".
(2) الرذه: المعين والناصر، والقوي الذي يعتمذ عليه، وفلان رذه لقلان، أي: ينصره ويشد ظهره. "القاموس واللسان": (ردء).
(3) العقاب: جمع عقبة، وهي: طريق في الجبل وغر، أو هي: جبل طويل، يعرض للطريق، وهو صعب شديد "لسان العرب": (عقب) 4) الخرز: خياطة الجلد بعضه على بعض (لسان العرب): (خرز).
পৃষ্ঠা ৫৯