قالوا: لأنه لو ولده لولده في محله إذ لا جهة له، ولولده في الوقت الأول إذ لا مقتضي لتأخره، فكان يلزم وجود ما لا يتنافى من العلوم في حالة واحدة، إذ لا وجه يقتضي الحصر. وأيضا فليس العلم الجملي بأن يولد اعتقادا أولي من صده، ولأبي الحسين أن يقول ما قولكم يولد ما لا يتناهى، فلا يلزم؛ لأن المولد عندي هو الجملي لا كل علم، وهو أن ولد في الوقت الأول، فالمبق له تفصيلي، والتفصيلي لا يولد عندي، فلا يلزم وجود ما لا يتناهى.
وأما قولكم بأن يولد اعتقادا أولي من صده فلا يلزم أيضا كما لا يلزم في النظر إذا ولد العلم أن يولد ضده. إذا ثبت هذا فالأقرب /13/ والله أعلم إن لم يصح ما قاله أبو الحسين من كون، الثالث متولدا أن يكون ضروريا من جهة الله تعالى بفعله ابتداء عند حصول العلمين الأولين .
فإذا قيل: طريقة العادة، فكان يجوز أن لا يفعله الله تعالى بأن تختلف العادة.
قلنا: هو كذلك، لكنه معدود في كمال العقل، فيكون العلم بقبح الظلم المعين في ذلك كالعلم بقبح الظلم على الجملة، وليس لزوم زواله عند أن لا يختار الله فعله بأبلغ من لزوم زواله عند حصول صارف يزيد على الداعي.
الوجه الخامس: زاده أبو عبد الله أيضا وهو يذكر العلم، فإذا ذكر أحدنا أنه كان عالما ثم فعل اعتقادا، كان ذلك الذكر وجها في كونه علما، وهذا إنما يستقيم على مذهبه في أن العلم بالعلم ليس علما بالمعلوم، وإليه ذهب القاضي وأبو إسحاق.
فأما الشيخان أبو علي وأبو هاشم، فعندهما أن العلم بالعلم علم بالمعلوم، فإذا علم أحدنا أنه عالم بالشيء فقد علم الشيء ولا حاجة إلى فعل علم آخر.
والحق ما قاله أبو عبد الله وإلا لزم، إذا ذكر أحدنا أنه كان عالما بالله، وقد ثبت أن الذكر علم ضروري أن يكون قد علم الله ضرورة.
পৃষ্ঠা ২০