والإيمان بالرسول، إيمانه في نفسه من الشقاق عليه بإظهار التصديق له، والإيمان بالملائكة والكتب إيمان المخبر عنها من الخلاف بإظهار الوفاق.
وقد يجوز أن يكون إيمان من آمن بالله من الملائكة لا عن رسول كان إليه إيمانه بنفسه يحسن الإعتقاد لما أوجبه استدلاله من أن يكون الذي وقع له وسوسة أو ظنا، ويدخل في هذا إيمان المستدلين من الناس أيضا، وذهب بعض الناس إلى أن معنى آمنت بالله، أمنت نفسي من عذاب الله بالاعتراف به والتوحيد له، وهذا لا يصح لأنه لا سبيل لأحد من المؤمنين إلى القطع بأنه قد أمن عذاب الله، وقد قال الله تعالى ﷿: ﴿فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون﴾، ولأن الأمور بعواقبها ولا يدري أحد بماذا يختم له، ولأن لقطة الإيمان ليست تستعمل فيما يعقب الذهاب عنه عذابا فقط، ولكنه مستعمل حيث لا يتوهم فيه عذاب، لأن معنى الإيمان التصديق، فقد يجوز أن يقول القائل لصاحبه فيما يحدثه: لا أؤمن بما تقول، كما يقول: لا أصدق: ثم لا يكون المعنى لا أؤمن نفسي من العذاب بتصديقك. فبان أن ليس تأويل الآية ما قاله هذا القائل والله أعلم.
فصل
ثم إن الإيمان الذي يراد به التصديق لا يعدو إلى من يضاف إليه ويلصق به إلا بصلة وتلك الصلة قد تكون باء وقد تكون لاما. أما ما جاء بحرف الباء فمنه قول الله تعالى: ﴿والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك﴾، وقوله: ﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله﴾، وقوله جل وعز: ﴿آمنوا بالله ورسوله﴾، وأما ما جاء باللام فمنه قوله تعالى في قصة إبراهيم صلوات الله عليه: ﴿فآمن له لوط﴾، وقوله حكاية عن نوح صلوات الله عليه: ﴿أنؤمن لك واتبعك الأرذلون﴾، وعن قوم فرعون أنهم قالوا لموسى وهارون
1 / 20