মিন ওয়ারা মিনজার
من وراء المنظار: صور انتقادية فكهة من حياتنا الاجتماعية
জনগুলি
وإنما أعني بطلاب القوت أولئك الذين «يسرحون» من بنين وبنات وفتيان وكهول بأوراق «اليانصيب»، أو بالصحف أو بصناديق مسح الأحذية أو بصناديق الحلوى أو أدوات الحلاقة أو السكائر أو غيرها؛ ثم أولئك الذين لا تجد في أيديهم شيئا من هذا، وتراهم يتساقطون على الموائد تساقط الذباب، أو يقعون على مقربة منها إقعاء القطط وغير القطط من الدواب، ينتظرون لقمة أو يفتشون في قمامة، أو يلتقطون ما يلقى من أعقاب السكائر ...
وطلاب القوت هؤلاء وبخاصة من يطلبونه بغير عمل، قذى في العيون بأسمالهم وأذى للنفوس بألفاظهم ومعاركهم وصخبهم ...
ولكن أكبر ظني أن ولاة الأمر قد اقتنعوا أنهم زينة ينقص بغيابهم جمال العاصمة نقصا كبيرا، أو لعلهم أيقنوا أنهم باتوا بحق من تراثنا القومي ومن تقاليدنا الأهلية، فلو خلت الشوارع منهم بمعجزة من المعجزات لبثت الحكومة عينوها، وأرصدت أعوانها حتى يأتوا بهم طائعين، فيعود للعاصمة جمالها الذي غاضت بشاشته ورونقها الذي انطفأت بهجته ...
وأما طلاب الموت فأحسب ذهنك أيها القارئ قد وثب إلى أولئك الجنود الذين كانوا يدبون بالعاصمة كالجراد المنتشر، ولكني لست أقصد هؤلاء فقد أراحنا الله - سبحانه - من عفاريتهم الحمر والسمر والسود إلى غير رجعة إن شاء الله ...
إنما طلاب الموت هم أولئك العظام الملقاة على طوارئ الشارع، والذين يعدون في الأحياء وهم من الموتى لولا أنفاس ضئيلة في صدورهم تتردد.
رأيت خمسة من هؤلاء على مسافات متقاربة، أما أولهم فقد تكور في ثيابه كالقنفذ، وبجانبه زجاجة لعله كان يدور بها في نهاره على المستشفيات، وتحسبه في الثمانين وقد لا يزيد عن الأربعين.
وأما ثانيهم فغلام في نحو الخامسة عشرة بسط إحدى ذراعيه على الأرض ووضع الثانية على بطنه، حيث موضع الألم أو موضع الجوع، وفي وجهه الذابل المتجه إلى السماء صفرة الموت، وفي ساقيه أو في عظمتيه الممدودتين فقاقيع حمراء مخيفة تشيع في صفرتها، ولقد حسبت أنه لن يرى وجه النهار ...
وأما ثالثهم فكهل ضرير ناحل البدن، خائر القوة تدور حول صدغيه من أسفل ذقنه إلى قمة رأسه لفائف بيضاء تحتها قطع من القطن، ولعله قدم بها من إحدى «العيادات الخارجية»، واستلقى هنا يطلب الراحة لبدنه بالموت ...
وأما رابعهم فشيخ تدل لحيته البيضاء ويداه المعروقتان وجبينه المغضن على أنه جاوز السبعين، وقد ألقى عصاه بجانبه ووضع تحت رأسه بعض العلب من الصفيح، لعله كان يلعق ما ترك فيها من طعام.
وأما خامسهم فقد آلمني مرآه أكثر مما فعل مرأى سابقيه جميعا، فهو مقطوع اليدين والرجلين كأنه بقية تمثال قديم، ولست أدري كيف يتحرك المسكين وكيف يأكل إن وجد ثمة من أكل!
অজানা পৃষ্ঠা