মিন শুক্কুক জালাম

নাহিদ হিন্দি d. 1450 AH
50

মিন শুক্কুক জালাম

من شقوق الظلام: قصة سجين أكثر ما يؤرق فيها أنها لم تنته بعد

জনগুলি

أن نركب حقائق عالم على عالم آخر لا يمت له بصلة ونسقط تداعياته عليه بلا وعي فواصل الزمان والمكان والظروف الموضوعية، سوف يدفعنا إلى متاهة لا نهاية لها ويضعنا وسط لغز بلا حل.

كنا أحيانا ندخن بطريقة فكاهية بحق، وأكثر هزلية مما ذكرت؛ إذ عندما تنقطع السجائر عنا نروح نبحث عن بدائل لها. جربت واحدة من تلك البدائل مرة، وبعدها استسخفت الفكرة كثيرا لأمتنع بعدها نهائيا عن التدخين في السجن ولسنوات طويلة. كنا نجمع بقايا الشاي الذي يقدم لنا في الصباح ونجففه تماما، وكان لدينا صنبور ماء عاطل تم نزعه من أحد الحمامات؛ لأنه بالأصل لا يوجد ماء في الحمام، ولسنا بحاجة لهذا الصنبور العاطل ولا لغيره وإن كان صالحا. كنا نضع فضلات الشاي في هذا الصنبور ونحرقه ونسحب دخانه من الجهة الأخرى للصنبور وكأننا كنا ندخن غليونا. كان طعم الدخان لا يمت لدخان السجائر بشيء بل كان مرا لاذعا، ومع ذلك كنا نشعر معه براحة أكثر من تدخين السجائر؛ لأن مخلفات الشاي كثيرة، وكنا نحظى بأكثر من نفس واحد عند محاولة التدخين بهذا الغليون ولا يوجد تزاحم عليه بين السجناء كما كان يحصل في تدخين السجائر.

4

كان الجوع شديدا، يقدم لنا في الصباح حساء عدس وشاي وقطعة خبز صباحية (نسميها صمون باللهجة العراقية). كل صحن كان مخصصا لأن يأكل منه خمسة أشخاص أو أكثر؛ وهو بالكاد يكفي لإشباع شخص واحد. وفي الغداء يقدم لنا رز بمقدار قدح صغير، ومع ذلك لم يكن يصلنا هذا النزر الضئيل والمقدار البخس كل يوم، بل تقريبا مرتان أو ثلاث مرات في الأسبوع الواحد في أحسن الأحوال. عدا ذلك، كانت الوجبة الرئيسية في العشاء أو الغداء، عبارة عن حساء من شيء لا أعرف كنهه بالتحديد، يبدو حين يصلنا في قدر كبير (يسمى قزان بمصطلح السجناء) كأنه ماء ساخن تطفو عليه بضعة رءوس بصل وتسبح معه أشياء دقيقة سوداء، لا يدرى هل هي ديدان أم أشياء تؤكل. منظر القدر بما فيه يبعث على التقزز، ومع ذلك كنا نأكله بنهم شديد؛ لأننا كنا طاويين لحد المسغبة.

في مناسبات قليلة كان يصلنا لحم أو دجاج مرة في الشهر أو أكثر من ذلك، وفي مرات نادرة جدا حظينا بسمك، وكل ذلك لم يكف لسد الجوع أبدا.

الأواني التي نستلم بها الطعام مضحكة، مثلما هي الطريقة التي يسلم بها. كان القزان الكبير يصل إلى باب الزنزانة يدفعه واحد من عناصر الخدمات على صناديق بلاستيكية تسهيلا للحركة، ويبدأ بإعطاء كل زنزانة نصيبها. يقدم المراقب صحنا كبيرا من تحت القضبان لتسلم الرز، وبالطبع هذا الصحن الكبير ليس كما تشي به الكلمة؛ لأنه لم يكن في الحقيقة سوى غطاء لبرميل الماء البلاستيكي.

يبدأ المراقب بعدها بتوزيع الحصص التموينية بواسطة قنينة زيت بلاستيكية (تشبه قناني الماء والكولا حجم لترين) شقت إلى نصفين لتصبح أداة غرف، ويقدم الطعام لكل مجموعة سجناء في صحون معدنية مسطحة. وهكذا الأقداح التي نشرب بها، لها أشكال غريبة عجائبية منوعة مثل أدوات الأكل، ومن الممكن أن تكون عدلت طريقة استعمالها من أي شيء، كأن يكون علبة معدنية أو قعر قنينة زيت، وعلى كل حال لم يكن هناك الكثير من الماء لنشربه.

الماء يصل إلينا عبر خرطوم طويل، الذي يمر نصف ساعة على كل زنزانة لتتزود به بملء برميل بلاستيكي يشد بإحكام إلى الحائط الذي تتواجد فيه فتحات التهوية. ولأن الساحة الخلفية كانت مكبا ضخما للنفايات فكانت تتوافد إلى هذا البرميل حشرات لا عد لها ولا حصر وتموت فيه، ولم يكن هذا سببا رادعا للامتناع عن شرب الماء. كل ما كان يجري هو إزاحتها قليلا قبل الشرب وينتهي الموضوع وكأن شيئا لم يكن مع أنه كان يحصل في كل لحظة.

كان الماء شحيحا إلى درجة لا تصدق، وصل في بعض المرات إلى أن يكون حصة كل سجين نصف لتر تقريبا، وفي أحسن المرات ثلاثة أرباع اللتر في اليوم والليلة الواحدة، يستعملها السجين لكل الأغراض من شرب واستحمام وللشطف بعد قضاء حاجته ولغسل ملابسه وأواني طعامه. ولولا أن المكان كان مظلما لا تزوره الشمس بالمطلق لما أمكن لأي أحد العيش في هذا العطش المتواصل.

يحصل أحيانا أن يصل إلينا الخبز أكثر من المعتاد؛ لذلك لجأ السجناء إلى جمع كل الفتات المتبقي منه وتجفيفه في أكياس (جنفاص) بيضاء تشبه الخيش إلا أنها مصنوعة من خيوط نايلون صناعية، تعلق في أعلى الزنزانة قريبة إلى السقف، توفر لأيام المجاعة، وما أكثرها.

অজানা পৃষ্ঠা