মিন শুক্কুক জালাম

নাহিদ হিন্দি d. 1450 AH
44

মিন শুক্কুক জালাম

من شقوق الظلام: قصة سجين أكثر ما يؤرق فيها أنها لم تنته بعد

জনগুলি

الشق الثاني

السجن

1

ساروا بنا من جديد في العربة عينها التي أقلتنا من المعتقل إلى ضفة أخرى، سيسفح فيها العمر دمه على رصيف الانتظار. وأنا أغادر المبنى اتسعت حدقتاي إلى حد ابتلعت فيه كامل الأفق البعيد حيث تسكن المدينة التي تبني أرصفتها على جماجم الغائبين، وواريت الصورة في جوفي لأتزود بها في قابل الأيام. وما هي إلا دقائق معدودة حتى وصلنا إلى مبنى لا يبدو من واجهته الأمامية سوى طابق واحد علقت على واجهته لوحة خشبية بيضاء كتب عليها بخط أسود: «وزارة الشئون الاجتماعية»، وفي السطر التحتاني: «دائرة إصلاح الكبار قسم الأحكام الخاصة». استفزتني كلمة إصلاح رأيتها مثل لسان يندلع من وجه شيطان يسخر شامتا بنا. أن نقبر هنا أحياء في نزل موتى يسمى عندهم إصلاحا!

لا ضير ولا عجب في ذلك؛ فهذه ليست المرة الأولى في التاريخ. فكل الأفعال القبيحة كانت تخفي قبحها وتضمر زيفها وراء مظاهر خادعة، فأعتى الطغاة كانوا يحكمون باسم الإله مدعين أنهم معينون منه، بينما الأنبياء كانوا مطاردين غرباء تلاحقهم تهمة الجنون يتسكعون مع الصعاليك والمشردين يحملون صلبانهم سلما إلى الحقيقة. إصلاح يعني أننا منحرفون يجب أن نعاقب ونؤدب لنمشي على صراطهم الأعوج ونكون عبيدا للأقوى الأخرق. كلمة إصلاح أزعجتني كثيرا وتخيلت - وأنا أمر من تحتها - صورا لأيام سوداء قادمة وكانت فعلا كذلك في سوادها وأقبح مما تخيلت.

تقيأت أحلامي الكبيرة وأنا أمر من تحت اللوحة الخشبية الساخرة، ودلفنا إلى ممر، كان الظلام فيه واسعا لا تقوى على طرده زمرة مصابيح صفراء شاحبة فرادى، تتدلى من سقف أسود كما في كل الأماكن الأخرى التي سأزورها لسنوات تسع قادمة.

عند أول خطوات أدخلنا إلى غرفة صغيرة، استقبلنا رجل قصير سمين يتدلى كرشه أمامه يلبس زيا خاصا بالحرس وفتح سجلا ليدون أسماءنا فيه. كان له صوت مميز رفيع عال مزعج، وبدأ يدون الأسماء، ويسألنا عن تخصصاتنا العلمية، وعندما عرف أننا طلبة جامعيون بدأ بتوبيخنا: «ماذا تريدون أن تصبحوا وتحصلوا عليه، ألا يكفيكم هذا المستوى؟»

ويجيب نفسه بأننا أصحاب نوايا خبيثة ولم نتلق تربية صالحة وكلمات أخرى بإمكاني الآن أن أنمقها؛ لأني لا أريد أن أعيد سماع قرفها ثانية وأترك الخيال أن يتصور منها من يريد وهي تخرج من لسان جلاد فاشل لم يكمل سوى تعليم متواضع، كما هو واضح من خطه وسؤاله كيف نتهجى أسماءنا وهو يكتبها وظن أنه قد حانت له اليوم فرصة جيدة للانتقام لذاته الفاشلة.

صوته العالي وصداه المزعج يتكرر في الممر الطويل ذكرني تلك اللحظة بأبيات السياب:

ليعو سربروس في الدروب.

অজানা পৃষ্ঠা