নকল থেকে সৃজনশীলতায়
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
জনগুলি
أما الموروث فقد ذكر الكندي أولا، ثم علي بن أبي طالب مما يبين أصوله الشيعية، ثم الحسن البصري وأبا بكر الصديق وعثمان الدمشقي، ثم امرأ القيس والنابغة والنبي أيوب، الأنبياء مع الشعراء.
33
يأتي الكندي في المقدمة؛ مما يدل على استمرار التراكم التاريخي ابتداء من الكندي كبديل للوافد، مع أن الكندي لم يركز كثيرا على الأخلاق، واستبعاد الفارابي وابن سينا، وهما اللذان أوغلا في الأخلاق، ربما للحسد المعروف بين مسكويه وابن سينا، وربما لرغبة مسكويه تأسيس الأخلاق على العقل والعلم، كما فعل الكندي في تأسيس الفلسفة بعيدا عن إشراقيات الفارابي وابن سينا. والغريب أيضا عدم الإحالة إلى الرازي الذي حاول تأسيس الفلسفة أيضا مثل الكندي ابتداء من العقل والعلم. وقد تكون الإشارة إلى الكندي، وليس إلى الرازي أو الفارابي السابقين عليه، أو ابن سينا المعاصر له، إما تخفيا وتقية من التشيع، أو اختيارا للكندي الأخلاقي، وليس الرازي الطبيعي، والفارابي المنطقي، وابن سينا الإشراقي. ويستشهد مسكويه بالكندي في موضوعين؛ معرفة المرء عيوب نفسه، والحيلة لدفع الأحزان، ويذكره بعد جالينوس وكخاتمة له؛ فالوافد بداية الموروث، والموروث نهاية الوافد؛ الوافد وسيلة، والموروث غاية. ويقتبس مسكويه نصا للكندي بألفاظه، وهو ربما الوحيد الذي يقتبس نصا من المخزون الموروث فاصلا بين ما له وما لغيره دون التجميع الذي يخلط كل شيء مع كل شيء. ويذكره باسمه الكامل، أبو يوسف ابن إسحاق الكندي. ويقطع نص الكندي حتى يسهل إعادة توظيفه واستعماله، ويعلن عن النص مرتين في بدايته وفي نهايته. والموضوع كيف تكون الأنا مرآة للآخر، والآخر مرآة للأنا، في التعرف على الفضائل والرذائل؛ حتى لا ترى الأنا عيوب الآخرين دون عيوبها، ولا تدرك فضائلها وإغفال فضائل الآخرين؛ فإذا فعل الآخر سيئة كان تحذيرا للأنا، وإذا فعل حسنة كان تشجيعا للأنا. تراجع الأنا أفعالها كل يوم لتقييمها وتصحيحها. ودون هذه المرآة المزدوجة يصبح الإنسان في مواجهة الكتب والدفاتر فقط، تفيد غيرها وهي عادمة لها.
34
وفي موضوع الحزن يقتبس أيضا نصا من الكندي يفيد أن الحزن ليس من الأشياء الطبيعية، وأسبابه ليست ضرورية، بل يجلبه الإنسان ويضعه وضعا، مثل فقد مملوك، الملكية سبب الحزن حرصا عليها وخوفا من فقدها، ومن لا يملكون لا يحزنون، والقضاء على الحزن مرهون بالقضاء على الملكية والعودة إلى الحالة الطبيعية.
35
ثم يأتي الموروث الصوفي بعد الموروث الفلسفي، الحسن البصري نموذجا في أقواله المأثورة عن آفة النسيان في موضوع اللذة التي تطيقها الشريعة، قليلة الحروف، كثيرة المعاني، فصيحة البيان، مستوفية شروط البلاغة؛ فالحسن البصري مصدر للأخلاق كما هو الحال في الحكمة الشعبية، لا فرق بين الصوفية والخلفاء. كما يستشهد بأقوال علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، ويصفه بألقاب أمير المؤمنين والإمام، صلوات الله عليه، في حقيقة الشجاعة، وإن ألف ضربة بالسيف على الرأس أهون من ميتة الفراش. كما تؤخذ شخصيته نموذجا في المزاح والدعابة حتى لقد عابه البعض عليه. ويضرب به المثل، علي ونسله، في ضرورة الموت؛ لأن الأرض لا تسع للأحياء كلهم في موضوع علاج الخوف من الموت. وقد يكشف ذلك مرة أخرى عن تشيع مسكويه وولائه لأهل البيت. ويستعمل أيضا قول أبي بكر الصديق إن الملوك أشد الناس فقرا، بل إنهم أشقى الناس في الدنيا والآخرة؛ فالملك يزهد فيما في يده، ويرغب فيما يد غيره؛ يشطر أجله، ويشقق قلبه، ويحسد على القليل، ويسخط بالكثير، ويسأم الرخاء، ولا يضار إن انقطعت عنه اللذة، ولا يسكن إلى الثقة، جلد الظاهر، حزين الباطن، واقع تحت الحساب مع قلة العفو؛ لذلك كانوا أوجب الناس بالرحمة. ويحال إلى ابن عثمان الدمشقي، مترجم أرسطو، باعتباره عربيا؛ فالمترجمون عرب، حلقة الصلة بين الوافد والموروث.
36
ويذكر مسكويه امرأ القيس والنابغة في معرض الحديث عن الشعر وصلته بالأخلاق، وهو الموضوع الشهير في سورة الشعراء عن الصلة بين الشعر من ناحية، والغواية والخيال والفصل بين القول والعمل من ناحية ثانية؛ فرواية الشعر الفاحش وقبول أكاذيبه واستحسان قبائحه ونيل لذاته، كما هو الحال في شعر امرئ القيس والنابغة، ثم إقرار ذلك من الرؤساء، وإجزال العطايا للشعراء وأقران السوء الذين يساعدون في اللذات الجسمانية؛ ومن ثم يحذر مسكويه من معاشرة أهل الشر والمجون، والمجاهرين باللذات وركوب الفواحش، والمفتخرين بها، والمنهمكين فيها، أو الإصغاء إلى أخبارهم ورواية أشعارهم وحضور مجالسهم؛ لإضرار ذلك بالنفس، بحيث لا يكون علاجها بعد ذلك صعبا، ويحتاج إلى زمن أطول. وكانا سببي فساد الفاضل المحنك، وغواية العالم المستبصر، وفتنة للحدث الناشئ الذي يتوق إلى النصح والإرشاد. ويحذر النظر في الأشعار السخيفة التي تذكر العشق وأهله، والذي يوهم بأنه ضرب من الظرف ورقة بالطبع معه مع أنه مفسدة للأحداث، إنما تتطلب الأخلاق سماع محاسن الأخبار والأشعار التي تبعث على الأدب وحفظها. وينقد مسكويه لا أخلاقية الشعر، وارتباطه بالشرب والمجون، والتكسب به عند الأمراء. وفي نفس الوقت يطالب الأطفال بحفظ الشعر الجيد القائم على الأخلاق.
37
অজানা পৃষ্ঠা