নকল থেকে সৃজনশীলতায়

হাসান হানাফি d. 1443 AH
149

নকল থেকে সৃজনশীলতায়

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث

জনগুলি

يتحدث ابن رشد عن هذا الرجل ويقصد أرسطو دون تبجيل أو تعظيم بلقب الحكيم أو المعلم الأول، رجل يأكل الطعام ويمشي في الأسواق دون تأليه أو تعظيم أو إعجاب. ويشعر ابن رشد بمسئولية جيله وزمانه في تبديد الشكوك. وضعف نظر الناس وقلة حكمتهم سبب التشكك عليه، ورد قوله بما يظهر لهم. ويزداد الضعف إذا لم يظهر للمتقدمين؛ وبالتالي يكون التاريخ جهلا مركبا، جيلا وراء جيل. وأسوأ شيء للمتأخر الاضطراب عن تعليم أرسطو وسلوك طريقة أخرى، وكأن ابن رشد يدافع عن نمطية الفكر في التاريخ دون بدائل. لقد انحرف الفارابي عن مسار أرسطو في المنطق كما انحرف عنه ابن سينا في الطبيعيات والإلهيات.

ويتبع ابن رشد مسار فكر أرسطو من البداية إلى النهاية مستدلا معه وبمنطقه لبيان اتساق الحجج وسلامة المنطق، وأن قول أرسطو واضح بذاته؛ فلم يرد أرسطو أن يكون القياس منتجا من سالبتين لا بالقوة ولا بالفعل. يبحث ابن رشد عن الوضوح وما هو بين بنفسه؛ فإن كان غامضا أظهره، يبين الاستدلال، ويضع المقدمات، ويستنبط النتائج. ومسار التاريخ من أرسطو إلى المشائين مسار من الوضوح إلى الغموض، ومن متقدمي المشائين إلى متأخريهم مسار من الغموض إلى الأكثر غموضا، مع أن المتقدم معين للمتأخر وليس سببا في حيرته، وعامل مساعد له لاستخراج الحق؛ فتاريخ الحقيقة سقوط وانهيار من الحق إلى الظن، ومن الصواب إلى الخطأ، ومن الحقيقة إلى الوهم. وتكون مهمة ابن رشد التاريخية هو العود من الغموض إلى الوضوح، ومن الظن إلى الحق، ومن الخطأ إلى الصواب، من الوهم إلى الحقيقة. ونادرا ما يخطئ ابن رشد أرسطو ويصوب الشراح. ويبين ابن رشد غرض أرسطو وقصده؛ أي اتجاه أقواله؛ فالقول ليس فقط لفظا أو معنى، بل هو اتجاه وقصد يجمع بين اللفظ والمعنى والشيء. ويصح قول ابن رشد إذا ما اتفق مع قصد أرسطو، ويصح قول أرسطو إذا ما اتفق مع قول ابن رشد. وتخطئ أقوال المفسرين إذا ما حادت عن قول أرسطو، ولكن لا يخطئ قول أرسطو إذا ما حاد عن قصد المفسرين؛ فالقول ليس خاصا فقط بأرسطو، بل إن ابن رشد أيضا يقول كما يقول السائل افتراضا. وبيان القصد بطبيعته يكون موجزا؛ لأنه يتجه إلى الكلي وليس إلى الأجزاء.

64

وربما كان ابن رشد قاسيا على الشراح ظانا أن الشرح هو المطابقة وليس القراءة، في حين أن الشرح هو قراءة للآخر من منظور الأنا، وإعادة كتابة للنص في بيئة ثقافية مخالفة ولأهداف مغايرة ؛ فلا يوجد فهم صحيح أو خاطئ، ولكن هناك تأويل في ظروف مغايرة، وهو بداية الإبداع؛ فما يسميه ابن رشد سوء تأويل ابن سينا أو غيره قد يكون قراءة له أو ابداعا منه.

65

وفي الموروث يتصدر الفارابي ثم ابن سينا. ويحال إلى كتاب القياس للفارابي.

66

يبدو الفارابي شارحا أرسطو؛ لأنه يأتي بعده مباشرة وقبل الإسكندر وابن سينا. والإحالة إلى قياس الفارابي تعادل الإحالة إلى قياس أرسطو. ويروي الفارابي عن الإسكندر سوء تأويل موقف أرسطو في المقول على الكل؛ فمعرفة ابن رشد بالإسكندر عن طريق رواية الفارابي، المعلم الثاني. والحقيقة أن كليهما، أبا نصر والإسكندر، يسيء تأويل أرسطو بطريقتين مختلفتين؛ فعند أرسطو يكون المحمول موجبا أو مسلوبا من كل ما هو جزء للموضوع أو يتصف بالموضوع، عند الإسكندر بالفعل، وعند الفارابي بالقوة وبالفعل. وقد ظن الإسكندر أن أرسطو أراد بالمطلقة الوجودية فقط، وأنها مطلقة من اللفظ لا من الضمير؛ ويعني بذلك المقدمات الكلية المخصوصة بالوجود في الزمان. وهذا كله سوء تأويل لأرسطو؛ فأرسطو يتحدث عن الأخلاق دون تحديد بزمان، ولكن طبيعة الذهن البشري ومسار التاريخ يؤديان إلى الانتقال من الصوري إلى المادي، ومن المطلق إلى المعين. لقد توهم الفارابي أن المقول على الكل ما وصف بالموضوع، وأنه معنى زائد على مفهوم المقدمة الكلية، بين الدلالة الأولى والدلالة الثانية، وهو في ذلك تابع لثاوفرسطس وأوديموس من القدماء، والإسكندر من المحدثين، مؤرخا لهم وراويا عنهم، وشارحا قول الإسكندر إن حذف الجهة دليل عليها. وهذا سائغ في اليونانية وليس في العربية دون إشارة صريحة إلى التمايز بين اللغتين. يعيد ابن رشد الوافد إلى الموروث، ويتمسك بظاهر اللفظ وبمنطق اللغة. وقد عني أرسطو بتقسيم المقدمات إلى ثلاثة أقسام بحسب انقسام طبيعة الموجودات، وليس فقط حسب طبيعة الاعتقاد؛ أي ما يوجد في النفس، توحيدا من أرسطو بين المنطق والوجود، وكأن ابن رشد يقرأ أرسطو قراءة هيجلية. وقد خالف الفارابي أرسطو. ويعتذر ابن رشد عن ذلك بسوء التأويل، وهو منهج إسلامي خالص في اتفاق النقل الصحيح مع العقل الصريح دونما حاجة إلى تأويل النقل حتى يتفق مع العقل. تأويل الفارابي تقول عليه، وخروج على ظاهر اللفظ وعلى الأمر نفسه. وقد توهم الفارابي أن الخطأ في القسمة حتى يشرع في التأويل. هنا يبدو ابن رشد ظاهريا.

67

لقد شرح الفارابي أرسطو ولخصه ابن رشد، وكان خطؤه أنه تصور أن الوجودية مخصوصة بزمان معين. أراد الفارابي تحويل المنطق الصوري إلى منطق مادي، وإدخال الوجود والموضوع والزمان في مادة القضايا، وذلك ليس خروجا على أرسطو، بل تطوير له وإبداع فيه. وتلك علاقة الخلف بالسلف، إبداعا لا تقليدا، وتطويرا لا تبعية، مثل علاقة المسيحية باليهودية، وعلاقة الإسلام بالمسيحية. ويبدو المنهج الإسلامي واضحا في المقالات؛ العودة إلى النص الأول لأرسطو تطهيرا له من سوء تأويل الشراح، مثل العودة إلى النص القرآني الأول تخليصا له من براثن المفسرين. كما أن منهج الحكم بين المتخاصمين، أرسطو وشراحه، ومقارنة أدلة كل فريق بأدلة الفريق الآخر، والتحقق من صحتها ثم إصدار حكم بالبراءة لأرسطو وإدانة الشراح، هو منهج أبي الوليد قاضي قضاة قرطبة. كما أن اللجوء إلى ظاهر قول أرسطو هو منهج القاضي الظاهري. وتبدو الأمثلة الفقهية مضحكة أحيانا كما هو الحال في الفقه الافتراضي، مثل «ولا مفكر واحد غراب» سالبة ضرورية لا وجودية. وربما تشير الوجودية إلى الإحساس بضرورة الواقعية في المنطق، وأهمية المواد مع الإشكال.

অজানা পৃষ্ঠা