মিন নাকল ইলা ইবদাচ তাদউইন
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
জনগুলি
95
وهناك بعض الدراسات العلمية الجادة قام بها بعض علماء اللغة المقارنة تخرج عن نطاق التخصص في علوم الحكمة، ولكنها من الدراسات المساعدة مثل كتب تاريخ الأدب السرياني.
96
ومن ذلك أيضا الدراسات اللغوية الخالصة في فقه اللغة المقارن والتي تقوم بها أقسام اللغات القديمة، اليونانية واللاتينية، والشرقية، مثل السريانية والعبرية. ويمكن الاستفادة منها واستنتاج دلالتها في النقل الذي لا يقدر عليه اللغوي وحده، بل يستطيع ذلك الناقل الفيلسوف مثل حنين بن إسحاق والمترجمين الأوائل.
وعيب هذه الدراسات أنها تخلو من الرؤية، ولا تقوم على تفلسف، ولا تتجه نحو هدف، ولا تضع افتراضا، ولا تقيم برهانا، تكرر نفسها وتنقل عن غيرها. يحفظ الطلاب، وتوزع دور النشر، ويطبع الأساتذة على نفقاتهم حتى يستحوذوا على كامل الربح. تحول إلى التجارة، وانتقل الهدف من ميدان البحث إلى ميدان الرزق. وهي تعبر عن العيب الرئيسي في الدراسات الجامعية التي لا ترتبط بمشروع حضاري شامل يربط أجزاءها، وينسق بين موضوعاتها، وتصب جميعها في تحقيق هدف مشترك وهو توظيف القديم لصالح الجديد، ومعرفة كل علوم الوسائل بما في ذلك الفلسفة الغربية الحديثة من أجل تطور علوم الغايات، واستعمال الآخر لتطوير ثقافة الأنا.
وما زال يقع الباحث تحت الأوهام والأحكام الخاطئة التي تلقى له وهو ما زال في مرحلة الدراسة الجامعية. إن الفلسفة الإسلامية شرح لليونان دون إعطاء البراهين والأدلة، ودون تحليل لغوي للنصوص، وإخراج النصوص الرياضية والطبيعية من النصوص الفلسفية بدعوى أنها أدخل في تاريخ العلم عن العرب تحت أثر مؤرخي العلم الغربي، وتقسيم الفلاسفة إلى فلاسفة المشرق: الكندي والفارابي وابن سينا، وفلاسفة المغرب: ابن باجة وابن طفيل وابن رشد طبقا لقسمة المؤرخين الغربيين العالم الإسلامي إلى مشرق ومغرب للفصل بين جناحيه، والإيحاء بالقطيعة المعرفية بين الاثنين، المشرق أقرب إلى إشراقيات إيران، والمغرب أقرب إلى عقلانية الغرب، وانتهاء الفلسفة بعد ابن رشد وكأن صدر الدين الشيرازي والطوسي وغيرهم لا وجود لهم، والسخرية من عصر الشروح والملخصات، عصر التدوين الثاني، وهو موضوع دراسة وتحليل، لكيف تعيش الحضارة على ذاتها، تجتر ما ابتدعته سلفا وتدونه بالذاكرة الجماعية بعد أن عز الإبداع، وصعوبة تصنيف الغزالي، وهو متكلم مع المتكلمين، فيلسوف مع الفلاسفة، أصولي مع الأصوليين، صوفي مع الصوفية ... إلخ. وغياب العلاقة مع فارس والهند والصين، وكأن الغرب اليوناني أكثر حضورا فينا من الشرق الآسيوي، والتركيز على اليونان دون الرومان إسقاطا من أولوية الغرب على الشرق في وعينا السياسي المعاصر.
إن الذي أمات الفلسفة هو الكتب المقررة للكسب والرزق، والرسائل الجاهزة سلفا بلا خطة أو رؤية. وما يحييها هو البحث الوطني الذي يقوم على رؤية للأنا ومسارها في التاريخ، والمشاريع القومية العامة التي تعد لنهضة فلسفية مواكبة لمرحلة جديدة يقوم بها المحدثون لوراثة القدماء.
97
أما الإحالات إلى الذات، والأعمال السابقة، دراسات ومقالات، فإنها لا تعني أية نرجسية أو غرور أو ثقة زائدة بالنفس، أن يكون الباحث هو مرجع نفسه، بل يعني أن «من النقل إلى الإبداع» هو جزء من مشروع «التراث والتجديد»، وأن اللاحق يعتمد على السابق، وأن السابق يؤدي إلى اللاحق، وأن الدراسة السابقة أو المقال السابق هو جزء من كل حتى يكتمل البناء دون تكرار اللبنات أو الأدوار السابقة ودون تكرار ما قيل سلفا على وجه الخصوص. كما أن ذلك يفيد في ربط أجزاء المشروع الممتدة على أكثر من ثلاثين عاما منذ ثلاثية الشباب «مناهج التفسير» و«تفسير الظاهريات» و«ظاهريات التفسير»، منذ منتصف الستينيات، حتى «من النقل إلى الإبداع» في أواخر التسعينيات. وقد يصل التذكير إلى حد التكرار تنبيها وإرشادا.
ولم تتم الإحالة إلى الآخر الغربي في صلب التحليل لإعادة قراءة النص الفلسفي القديم من داخله وبناء على ظروف العصر دون تطوير له من الخارج باستعمال مناهج أو استخدام مفاهيم وإسقاط تصورات وضرورة تجاوز أن تكون الثقافة الغربية المعاصرة إطارا مرجعيا لكل تجديد كما هو الحال في الفكر العربي الحديث، رؤية الأنا في مرآة الآخر، وتطوير ثقافة الأنا من خلال ثقافة الآخر. ومع ذلك أمكن التنبيه على احتمال قيام هذه المقارنات أسفل الصفحات لبحوث قادمة مستقبلية تقوم بوضع منطق جديد للحضارات المقارنة.
অজানা পৃষ্ঠা