মিন নাকল ইলা ইবদাচ তাদউইন
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
জনগুলি
كما يمكن إبداع نص جديد كلية بتجاوز حكمة القدماء وبنيتها الثلاثية القديمة أو الجديدة إلى بنية أخرى نظرا لتعامل الحكيم الآن مع الغرب الحديث. قد تكون الحكمة أيضا ثلاثية: المثالية والواقعية وفلسفات الحياة (الإرادية أو العملية أو الوجودية) الرئيسية في الفلسفة الغربية كما كشف عنها الوعي الأوروبي.
75
خامسا: التبويب والأسلوب (1) التبويب الموضوعي
عادة ما يتم التبويب، خاصة إذا ما استعمل المنهج التاريخي التقليدي، عن وعي أو عن لا وعي، على نحو تاريخي زماني ابتداء من عصر الترجمة وانتقال التراث اليوناني إلى العالم الإسلامي، من المركز إلى الأطراف، ثم توالي الفلاسفة، واحدا تلو الآخر، ابتداء من فلاسفة المشرق: الكندي (252ه)، والفارابي (339ه)، وابن سينا (482ه)، ونهاية بفلاسفة المغرب: ابن باجة (533ه )، وابن طفيل (581ه)، وابن رشد (595ه)، ولا يكاد يذكر شيئا عن أبي بكر الرازي (313ه) أو الرازي صاحب الحكمة المشرقية (606ه)، وأبو البركات البغدادي (547ه)، وأبو الحسن العامري (391ه). ولا يكاد يذكر شيئا عن المترجمين الفلاسفة، مثل: يحيى بن عدي (364ه)، وثابت بن قرة (288ه)، وابن ناعمة الحمصي (القرن الثالث) وغيرهم. ولا يكاد يذكر شيئا عن الفلاسفة بعد ابن رشد نظرا لازدهارهم عند الشيعة في إيران، مثل: الطوسي (672ه)، ملا خسرو (885ه)، صدر الدين الشيرازي (1059ه)، وغيرهم. ولما كانت الشخصيات لا تضع حكمة، بل تعرض وتصف، فإن التبويب طبقا للأشخاص هو أسهل أنواع التبويب وأسوؤها في آن واحد، وأدلها على الكسل والترهل العقلي. وبالرغم من أن كل فيلسوف يمثل عصرا إلا أن العصر أدل من الفيلسوف. والفيلسوف كاشف للعصر وأدل عليه وليس صاحب مذهب فردي خاص به. وقد ارتبط الفيلسوف بالمذهب لدرجة اشتقاق اسم المذهب من اسم الفيلسوف مثل السينوية والرشدية كما حدث من قبل في علم الكلام من اشتقاق اسم الفرقة عادة من أسماء رؤسائها.
76
وبهذه الطريقة في التبويب بحجة المنهج التاريخي يتم تقطيع الموضوعات وتجاهل البناء واستحالة التفكير على علوم الحكمة، وكأن الباحث عارض سيئ لأجود بضاعة. كما يستحيل استيفاء حق كل فيلسوف في كم متناسب نظرا لاختلاف الأهمية، ولعظم أهمية ابن رشد على الكندي، وابن سينا على ابن طفيل، والفارابي على ابن باجة. وفي كل الحالات يغفل هذا التبويب ظروف العصر التاريخية والإطار الاجتماعي للمعرفة، وكأن الفلاسفة نجوم مضيئة في ليل بهيم.
أما التبويب الموضوعي فإنه التبويب الفلسفي المطابق لعلوم الحكمة في مرحلة الذروة، مرحلة «الشفاء»، والذي استمر بعده حتى ابن خلدون. يكشف عن البناء، ويدعو الباحث إلى التفلسف، وإلى أن يصبح جزءا من موضوعه، من الداخل وليس من الخارج، من أهل الدار وليس من المتفرجين أساتذة الجامعات العرب أو الغرباء المستشرقين. وهو التبويب الذي يقوم على تجميع الموضوعات، والكشف عن البناء. قد يصعب ذلك في الكندي والفارابي وابن رشد ويسهل في ابن سينا الذي وضع البنية الثلاثية لعلوم الحكمة وعند إخوان الصفا الذين وضعوا البنية الرباعية لها. ومع ذلك يمكن تجميع موضوعات السابقين واللاحقين لابن سينا في بنية «الشفاء»، وجمع المتناثر المتفرق في كل واحد متجانس. التبويب الموضوعي هو الذي ينبثق من الموضوع ذاته وهو يتخلق في الوعي الفردي والوعي الجماعي، ويتحول إلى بنية للحضارة. وهو التبويب الطبيعي الذي يصاحب الأشياء. التبويب والموضوع شيء واحد. التبويب موضوع مرئي، والموضوع تبويب ذهني. وهو لا يبتعد كثيرا عن تبويب القدماء وقسمة ابن سينا الحكمة إلى نظرية وعملية. النظرية تشمل المنطق والطبيعيات والإلهيات. والعملية تضم الأخلاق والسياسة وتدبير المنزل. وهذه البنية وراء كل حكمة يونانية أو إسلامية أو غربية. وصلت إليها الفلسفة الغربية الحديثة في مرحلة الذروة عند هيجل عندما قسم الفلسفة إلى منطق، وفلسفة للطبيعة وفلسفة للروح.
77
مشروع «التراث والتجديد» يعيد بناء العلوم القديمة كأنساق كما تم ذلك من قبل في «من العقيدة إلى الثورة» كأنساق للعقائد وليس كتاريخ للفرق الكلامية المسماة في معظمها بأسماء رؤساء أصحابها. وعلوم الحكمة علم متكامل له نسقه بصرف النظر عن أشخاص المتكلمين والفلاسفة.
ولما كان أحد عيوب «من العقيدة إلى الثورة» هو الإسهاب، وأي قارئ يستطيع قراءة خمسة مجلدات، حتى ولو كان مؤلفها القاضي عبد الجبار صاحب العشرين مجلدا في «المغني في أبواب التوحيد والعدل»؟! ومن ثم كانت الخطة الأولى أن يأتي «من النقل إلى الإبداع» في مجلدين: الأول «النقل»، والثاني «الإبداع». الأول عن الحكمة النقلية، والثاني عن الحكمة المنطقية والطبيعية والإلهية. الأول تحليل للنصوص والثاني تركيب لها. الأول رصد للوافد، نقلا وتعليقا وشرحا وتلخيصا وعرضا، والثاني تفاعل الوافد والموروث تأليفا وإبداعا ونسقا. الأول يغلب عليه المنهج التاريخي ومنهج تحليل المضمون، والثاني يغلب عليه المنهج البنيوي ومنهج قراءة النصوص. الأول حفر البئر والثاني تفجير النفط بلغة أغنياء العصر. للموضوع إذن مرحلتان: الأولى رد الاعتبار إلى الفلسفة وإلى دورهم الحضاري في تمثل الوافد واستعماله للتعبير من خلاله عن الموروث؛ فقد كانوا زعماء حداثة. والثانية الحوار معهم، فكرا لفكر، وندا لند، وعصرا لعصر. الأولى نقل الخارج إلى الداخل، والثانية نقل الداخل الماضي إلى الداخل الحاضر. هناك إذن استدراك على ما فات، وتقدم من المجلدات الخمسة في «من العقيدة إلى الثورة» إلى مجلدين في «من النقل إلى الإبداع». ومجلدان بالنسبة لمجلدات «الشفاء» التي تفوق العشرة تقدم بالنسبة إلى كم القدماء. إن ضخامة إنتاج القدماء وبعض المحدثين لأن كلا منهم لديه مشروع متكامل وليس مجرد كتاب مقرر غير مترابط، ولا هدف له كمتطلب حرفة وليس لتحقيق رسالة. ومشروع «التراث والتجديد» به هذا النفس الطويل من القدماء، من «المغني في أبواب التوحيد والعدل» للقاضي عبد الجبار، ومن «الشفاء» لابن سينا، ومن «إحياء علوم الدين» للغزالي، ومن كتب التفسير والحديث والفقه المطولة. وفي كلتا الحالتين، القراء هم الضحايا. الأول يبدأ من صورة الفكر، النقل، والثاني يتعامل مع مضمونه، الإبداع. ولا تقل معرفة شكل الفعل عن مضمونه؛ فالفكر شكل ومسار واستدلال قبل أن تكون له مادة أو موضوع. الأول يحفر ويؤسس والثاني يبني ويشيد. الأول يستقرئ الجزئيات، والثاني يستنبط الكليات. الأول يغلب عليه النقل وتحليل المادة القديمة، والثاني يحاول الخروج من النقل إلى الإبداع عن طريق القراءة.
অজানা পৃষ্ঠা