নকল থেকে সৃষ্টিশীলতায়
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
জনগুলি
يقول الجميع بالفاعل والكمون ولكن الخلاف في علاقة الاثنين بعضهما بالبعض الآخر. وهناك طرفا نقيض ووسط مما يدل على بنية الفكر، المطابقة للتاريخ أو جواز اكتمال عناصر البنية دون تحققها في التاريخ، ولا يضع ابن رشد أسماء الفرق التي تقول بالكمون، هل الطبائعيون اليونان أم أصحاب الطبائع من المعتزلة؟ ولا يقول كل المتكلمين بالاختراع. وابن رشد نفسه يقول بالاختراع في دليل العناية والاختراع الذي يثبت به وجود الله ضد أدلة الأشاعرة الضعيفة، الجوهر والأعراض، والجزء الذي لا يتجزأ، والممكن والواجب. وابن رشد أقرب إلى أرسطو الذي يجمع بين الكمون والاختراع. كما يضع ابن رشد ابن سينا والفارابي مع أفلاطون لقربهم من اعتقاد المتكلمين من أن فاعل الأشياء واحد، وأن الأشياء لا تؤثر في بعضها البعض حتى لا تتسلسل الأسباب الفاعلة إلى ما لانهاية، مما أدى إلى القول بفاعل غير ذي جسم. ويرى ابن رشد أن إثبات فاعل غير ذي جسم لا يتم بهذه الطريقة لأنه لا يمكن أن يغير العنصر إلا بواسطة جسم غير متغير وهي الأجرام السماوية. وتستحيل الصور المفارقة أن تعطي صورا مخالفة للهيولى. ويقول أرسطو وجالينوس بالقوة الطبيعية في الزرع وهي النفس النباتية وهو موقف ابن رشد.
والموضوع الثاني الذي يعرض فيه ابن رشد للمتكلمين هي نظرية المثل عند أفلاطون أي موضوع الصور المفارقة ونفي أرسطو وابن رشد لها. وهو لا ينفصل عن الموضوع الأول ، وهو العلة مع بعض الاستطراد والتكرار. وقد أدى توهم اختراع الصور إلى القول بواهب الصور، والإفراط في هذا التوهم هو الذي دفع المتكلمين إلى القول بالخلق من عدم وليس الحكماء، وفي الملل الثلاث وليس المسلمون وحدهم، فابن رشد يحكم حكما حضاريا عاما. ويقرأ ابن رشد المتكلمين من جديد بمصطلحاته الخاصة مثل الإبداع والاختراع كما عرض في «مناهج الأدلة». يعتمد المتكلمون على قياس الأولى، إن جاز اختراع الصورة فالأولى اختراع الكل. ويرى ابن رشد أن توحيد الفاعل جهل بتعدد الأسباب، جهل بعلاقة العلة بالمعلول والتعليل المتبادل، ووقوع في الاغتراب بالقضاء على العلل المباشرة في سبيل العلة القصوى التي تفعل أفعالا متضادة ومتفقة لا نهاية لها؛ وبالتالي إنكار التعليل. ضحوا بالكثرة من أجل الوحدة، وبالعلل المباشرة من أجل العلة الأولى، وبالأفقي من أجل الرأسي. ويرجع السبب في ذلك كله إلى إعطاء الأولوية للعلم الإلهي على العلم الطبيعي، كما ينكر المتكلمون الإعدام أي الفناء وهو ما يقابل الخلق، فالفاعل لا يقدر على الإعدام؛ ومن ثم يقعون في تناقض، الانتقال من العدم إلى الوجود ممكن، والانتقال من الوجود إلى العدم مستحيل. وعند ابن رشد إذا كان الإبداع من القوة إلى الفعل ممكنا فإن الإعدام من الفعل إلى القوة ممكن أيضا. الصور موجودة بالقوة في المادة الأولى وبالفعل في المحرك الأول. فالخلق طبيعي، والحقيقة أنها كلها حجج جدلية لإثبات سوء استعمال المتكلمين للعقل على نحو جذري وليس فقط وفقا لأهوائهم، وهو يشبه نقد ابن حزم للأشاعرة لإنكارهم السببية. ربما لا يختلف بديل ابن رشد، العناية والاختراع عن الخلق والعلة الأولى إلا في الألفاظ، ربما قصد هز القناعات القديمة الموروثة في الثقافات الشعبية وطرح البدائل من جديد لاستئناف الفكر الفلسفي.
162
ويأخذ ابن رشد السوفسطائي غاريقون مناسبة يرتكن عليها للتوجه من الخارج إلى الداخل. فقد أثبت أن القوة عند الفعل فقط وأنكر تقدمها بالزمان. وهو نفس موقف الأشاعرة دون اتباعهم للوافد تقليدا. الدافع مختلف، والغاية متباينة، والإطار الحضاري متنوع. فإذ ما فند ابن رشد الرأي الوافد فإنه يقصد إلى نقد نفس الرأي الموروث بعرض حجته، وجود الشيء والقوة معا وهو مستحيل دون تقدم القوة على الفعل، ومخالف للطباع في الاعتقاد والعمل، تنأى عنه الفطرة. يستعمل ابن رشد نقد الوافد لنقد الموروث وليس لمجرد العرض الفلسفي النظري بل لإعادة استخدامه لنقد الموروث. الوافد وسيلة والموروث غاية.
163
وينقل ابن رشد الموضوع كله من مستوى الميتافيزيقا إلى مستوى الأقاويل، ومن الفكر الفلسفي إلى تحليل الخطاب سواء في الوافد أو في الموروث. من الوافد تأتي شهادة الجمع أي الإجماع مما يسهل بعد ذلك تركيب الوافد على الموروث. ثم يتم تحويل شهادة الجمع إلى الطبع والفطرة كمعيار للصدق، ولا يستطيع بعض الناس أن تتجاوز بفطرها الأقاويل الجدلية إلى الأقاويل البرهانية. فإذا اعترفوا بالمعقولات فإنهم يعترفون بها من جهة أنها مشهورة أو إنكار كثير منها متى كانت أضدادها مشهورة. وفي الموروث يتم الانتقال إلى علم الأشعرية كنموذج للأقاويل المشهورة لهذا النوع من الكلام المسيء بعلم الأشعرية مثل: إنكار تكون الموجود من لا شيء أي من العدم مع أنها قضية أجمع عليها الأوائل، إنكار بعض الفلاسفة «ممن يتعاطون الحكمة» سخرية بهم أنها أولوية، إنكار اختصاص الصور النوعية بموادها مثل قول ابن سينا بالتولد الطبيعي موافقة لأهل زمانه قبل مباشرته لعلم الأشعرية. وهناك أشياء أخرى يطول تعديدها عن علاقة ابن سينا بعلم الأشعرية. ويلاحظ أن الأشعرية لا تنكر الخلق من عدم بل أصحاب الطبائع، وأن إنكار ابن رشد للخلق الطبيعي ودفاعه عن نظرية الخلق التقليدية لا يتفق مع القول بقدم العالم.
وبعد أن ينتقل ابن رشد من المتكلمين إلى علم الكلام، ومن الفرقة التاريخية إلى نمط الفكر، ومن الميتافيزيقا إلى الأقاويل يحلل الأسس النفسية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية للمعرفة الإنسانية. فما يعوق الإنسان عن معرفة الحق في المعارف الإنسانية ما تعود عليه الناس منذ أيام الصبا من آراء تتجاوز أحيانا الفطر الذكية وتصرفها في المعرفة.
164
واستعمال الألغاز في التعبير عن الحق النظري أسهل لتعليم الجمهور، وأشد إيحاء إقناعا وتأثيرا لنيل الفضائل العملية لأن الآراء الواردة في علم ما بعد الطبيعة آراء ناموسية وضعت لغاية عملية وهو طلب الفضيلة وليس للبحث النظري المجرد عن الحق. والكل لا يصلح للآراء النظرية؛ لذلك لم يطالب الشرع بها. في حين أنه لا يتم وجود الناس إلا بالاجتماع، ولا يتم الاجتماع إلا بالفضيلة، ومن هنا أتت ضرورة الفضائل للناس.
165 (ه) التأويل والشريعة
অজানা পৃষ্ঠা