فوجم الشيخ وأغضى، ثم قال: إذن عدها من هفوات الشباب، فقلت عاطفا: وأرق شعر عربي لم يقل البحتري أصفى منه ديباجة.
فتبسط إهاب وجه الرافعي بعدما تغضن، وراح ينشدنا من روائعه.
أقسم لك يا قارئي العزيز، وليس لك علي يمين: إن بيت الرافعي المائع قد أصبح اليوم عسلا وسكرا ... إن قائله ذكر، والذكر عادة يكون أقل حياء وأكثر وقاحة من الأنثى، فما نسمعه - في أيامنا - من مثل هذه الأقوال التي تبث وتذاع، ليلا ونهارا، ليندى له وجه الفحول العتاق، فكيف بوجوه العوانس والنساء، والعذارى المراهقات. - أنا بحبك، أنا دايبة، متى تجي يا حبيب قلبي، رايحة أموت. - موتي، للقرد العمى في قلبك وفي قلب مين يصغي إليك، لا أقول في قلب من يرخصون لك بإنشاد مثل هذا الكلام؛ لأنه ليس لهؤلاء قلوب.
إن بلدا لا يعنيه إلا حديث البطن وما دون ... فليس بالبلد الذي سيكون بألف خير ... فارفقوا بصغارنا أيها الكبار العقول، وقبل أن تراقبوا السينما راقبوا ما يذاع ويسمع في قدس أقداس البيوت.
ستقولون: هذا ما يطلبه المستمعون، الحق معكم، فكم يسمعنا السواقون - غصبا عن رقبتنا - أمثال هذه الأغاني، وكم من مرة سمعت السائق حين يجيء دور حديث يصرخ: طق حنك، ويرد الباب على المحدث فلا يحدث إلا نفسه.
فما علينا - إذن - أن نفعل؟ وأما علينا رفع الجمهور - بوسائل عديدة - إلى مستوى حديث العقل والقلب معا؟ أما على الإذاعة اللبنانية أن تؤلف لجنة لتنتقي للمستمعين أحاديث طلية جذابة فتحولهم عن إيثار الكلام الرخيص، وعن سماع نساء وبنات يصرخن من أعماق الأعماق: أنا بحبك، تعال يا حبيبي، تعال يا روحي ... - تسلم روحك يا بنت خالتي! خلا لك الجو فبيضي واصفري.
الحياء في النظر ...
25 / 10 / 51
في المطار
من يحزر ماذا اشتهيت لما دخلت المطار، ورأيت لبنان يحدث دول الأرض كأنه وإياهم في سهرة عائلية؟
অজানা পৃষ্ঠা