4 / 5 / 51
يساق
إذا كان الانتظار يضيق الصدر في العراء فكيف به متى كان في غرفة لا تتجاوز خمسة أذرع طولا في أربعة عرضا، حركة بلا بركة، ياور يروح ويجيء تطربه خشخشة مهمازيه، وصلصلة سيفه؟!
كان يطل علي كل ربع ساعة ليرى كيف أنا ومفتاح الفرج، فأبتسم حين يظهر، فتموج البشاشة تحت جلدة وجهه السمراء ولا تجرؤ على الظهور، أما فمه فما كان يمثل لي أكثر من شق التينة، وغاب ثم آب فما شعرت إلا أني قلت له: من عند أفندينا؟ فحملق أولا ثم ثاب إلى حاله وأجاب: عنده ... عنده ... ثم عبس وتولى.
فأثبت في مستنقع الصبر أرجلي
وقلت لها من تحت أخمصك الحشر
وبينا أنا في حيرة الواقف عند مفرق الطرق لا يعرف أيتها يسلك، إذا بصوت عريض يملأ الرواق. واقترب فسمعت تلك الشخرة والنخرة، فقلت: هذا صوت البيك، إن صدق الظن، نعم هذا هو، أهلا بسعادة البيك!
وقعد سعادته وقال وهو يلهث: الدرج حرق ديك أنفاسي، فقلت: يا بارك الله عظامك حاملة فوق قدرتها.
وجاء القولاغاسي مسلما، فأشار البيك بيده نحو قاعة المتصرف مستفهما، فأجاب سعيد بك: يساق. وضحكا حتى انفلقا، أما أنا فضحكت على الريحة.
ولملمت موجة المرح أذيالها فقال لي البيك: رأيتك ضحكت معنا كأنك تعرف الحكاية. فأجبته: لا. قال: إذن سماع. ثم انشق فمه كعادته ساعة يقبل على القص، قال: يظهر أن عند الباشا واحدة حلوة فاسمع حكاية يساق كما سمعتها أنا في سطمبول.
অজানা পৃষ্ঠা