وكان صباح، وجاءها ساعي البريد بخطاب ...
ونظرت الفتاة في غلافه قبل أن تفضه فأطالت النظر، وكأنما أحست وراءه عينين تنظران إليها نظرة لم تفهم معناها ولا رأت مثلها لذي عينين، وقرأت على الغلاف «الآنسة خديجة» وحسب ...
من يكون صاحب هذا الخط ...؟ وترددت برهة، ثم همت أن تفضه لتعرف ما فيه، ولكنها لم تفعل، لقد خيل إليها أن أربع عشرة عينا تنظر إليها لتعرف قبلها ما في هذا الخطاب، إن زميلاتها في المدرسة على مقربة ...! وتصنعت عدم المبالاة ووضعت الرسالة في حقيبتها وما قرأتها ...
ولأول مرة أحست خديجة أنها في حاجة إلى أن تبتعد عن أطفالها لتخلو إلى نفسها برهة؛ وكما تحاول الأم أحيانا أن يبعد عنها أطفالها وهم أحب إلى قلبها لتخفي عنهم بعض أسرار الأمومة، كذلك فعلت خديجة ...
وأوت إلى ركن قصي تقرأ رسالتها:
عزيزتي خديجة!
ترى هل تذكرين؟ أو تعرفين ...؟
إن أياما لا أتمتع فيها بمرآك ليست من الحياة، إن هذا القدر الذي أبعدني عنك إلى حين قد صدع صدعا في أيامي!
وفجأني الفراق بين غفوة الأمل وصحوة الحلم، فلم أودعك يا عزيزتي، ولم أتحدث إليك، وسافرت وما تدرين ...
ترى بماذا تحدثك نفسك الآن يا عزيزتي ...؟ ليتني قريب منك، فأرى، وأسمع، وأعلم ... بل إنني لأعلم علم قلبي وإن لم تحدثيني ... وستعرفين عذري، وتغفرين لي ... وسنلتقي من بعد يا عزيزتي فأحدثك وتحدثينني، وأضحك وتضحكين معي حين نتذكر هذا الحاضر بعد أن تطويه الأيام في مدرجة الماضي ...
অজানা পৃষ্ঠা