عابر سبيل
قالت له نفسه الكريمة: «سر يا رفيقي على هداك حتى تبلغ، لست من هؤلاء الناس، ما أنت في الحياة إلا عابر سبيل ...!»
قبل أن يسفر الصبح من ليلة العيد، استهل الصبي صارخا لأول ما يرى الدنيا، وقالت القابلة: «يا بشرى هذا غلام!» فانبسطت وجوه، وابتسمت شفاه، ودب المرح في جنبات الدار!
وضمته أمه إلى صدرها النابض فقبلته وقالت: «ستكون سعيدا يا بني، إن الحياة لتبسم في وجهك، هذا يوم العيد أشرق صبحه ...!»
وعاد «الشيخ» من المسجد يدب على عصاه ، في لسانه تكبير وتسبيح، وفي قلبه صلاة قائمة ودعاء خاشع. واستقبلته ابنته بالبشرى: «إنه صبي يا أبت! أتريد أن ترى أخي؟» وسبقته إلى حجرة الوالدة!
وأدنى الشيخ من جبين الصبي فما يختلج بالشكر، فقبله والدمع يترقرق بين أهدابه، والكلمات تحتبس في لسانه؛ وأطال النظر في وجه الوليد فقال: «لقد أبطأت طويلا يا بني حتى أدركني الهرم، ولكني بك اليوم سعيد! لئن كنت موشكا أن أمضي إلى الدار الأخرى إنني لحي بك في دنياي جيلا جديدا، فعش واسعد يا ولدي وابتسم للحياة!»
ورفع الشيخ رأسه إلى السماء وقال: «اللهم هذا دعائي لهذا، وأنت أرحم الراحمين!»
مضى الطفل يعدو وراء الأيام تجاذبه أثواب الطفولة، فإذا هو غلام يلهو في فناء الدار مع لدات من الصبيان.
وقال له صبي: «ما هذا معك يا رفيقي؟» فانبسط وجه الغلام، وقاسم الصبي حلواه ومليماته! وعرف الأطفال أن صاحبهم جواد، فأقبلوا عليه واجتمعوا على وده. وهمس أحدهم فيمن يليه: «إن معه لكثيرا من ذاك!» فتعود الأطفال أن يسرقوه!
ومضى الصبي إلى أبيه يبكي: «ولدي! ما يبكيك؟» - «أبكي المليمات يا أبي!» - «غدا أعطيك غيرها يا بني، إن عند الله كثيرا من المليمات للأولاد الصالحين!»
অজানা পৃষ্ঠা