আকিদা থেকে বিপ্লবে (২): তাওহীদ
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
জনগুলি
دليل الخلق أو الصنع إذن صورة أخرى من دليل الحدوث لإثبات الخلق أو الصنع. أي أنه يتجاوز إثبات الذات إلى إثبات صفة، قافزا من موضوع الذات إلى موضوع الصفات. وبالإضافة إلى ضعف الدليل وبنيته الداخلية وتصور الله كصانع وليس كخالق، وهو التصور البدائي لنشأة الكون،
70
وإبطال كل فعل للطبيعة، وإنكار لقوانين العلم، وتفسير الظواهر بعلل خارجية وليس بعلل داخلية، فإن مخاطر هذا الدليل وآثاره السلبية على الحياة الاجتماعية والسياسية عظيمة. إذ يؤدي إلى تصوير العالم في حالة ضياع، وأن «الله» هو الماسك له، فكما أنه صانع له فهو مفن له.
71
في حين أن قدم العالم قد يعطي أهمية للعالم لأنه ماسك نفسه بنفسه، إله مثل «الله»، أو يجعل «الله» داخلا في العالم وليس خارجا عنه، وبالتالي ينشط «الله» في العالم وبسببه ومن خلاله وليس من فوق العالم، ورغما عنه، وضد قوانينه. كما أنه يجعل الإنسان يعيش في عالم كله ألوهية وعالمية في آن واحد. ومن ثم يحمي الإنسان نفسه ومجتمعه من الوقوع في مخاطر الازدواجية، والروحانية الفارغة التي تنقلب إلى مادية صريحة كرد فعل أو إلى مادية مقنعة كغلاف وستار.
ولقد تغيرت الظروف والملابسات عند القدماء وعندنا اليوم. كان موضوع قدم العالم الذي دافع عنه الدهريون والطبائعيون والحكماء و«الملاحدة» دفاعا عن الفكر العلمي والإنساني يمثل خطرا على العقيدة الدينية الجديدة كما تصورها المتكلمون في صورة الخلق من عدم كتصور بديل عما كان موجودا في البيئات الدينية والحضارية المجاورة. ظهرت الحجج التفصيلية عند القدماء لتفنيد قدم العالم اعتمادا على الجدل والمحاجة العقلية بمفاهيم عصرهم مثل: الحركة، والسكون، والجزء، والعلة، والسبب، والمؤثر، حتى انتصرت العقيدة الجديدة وانتشرت، ولم يعد أحد اليوم من العامة يعتقد بقدم العالم. ولكن الحال قد تغير الآن، ولم تعد نظرية قدم العالم تمثل خطرا على الأمة اليوم،
72
بل إن الذي يهدد موقفهم من العالم ووعيهم به قد يكون خلق العالم من عدم، فقد تحول في تصور العامة وربما الخاصة أيضا إلى جعل الله ساحرا، خالقا من عدم، كمن يخرج العصفور من كم المعطف أو الذي يفتح يده ويقبض الهواء فيخرج منه شيئا مرئيا، وبالتالي تحولت العقيدة إلى أحد روافد الفكر الغيبي الأسطوري.
73
وأصبح تصور الله قادرا على كل شيء عاملا مساعدا لترجيح القدرة على العلم، مما جعل ذلك يؤثر في النظم الاجتماعية والسياسية في صورة الحاكم القادر على كل شيء، والذي تفوق قدرته علمه! كما تؤدي عقيدة الخلق من عدم إلى تدمير العالم، واعتباره وجد بعد أن لم يكن موجودا، وبالتالي فلا أساس له كوجود، وما دام موجودا من عدم فإنه يصير لا محالة إلى عدم، وبالتالي يؤدي القول بالخلق من عدم إلى الفناء إلى العدم، فيصبح العدم أساس الوجود في البداية والنهاية، ويصبح على نقيض الله الموصوف بأنه موجود، والذي يرمي الدليل إثباته. فقد العالم استقلاله في شعورنا القومي، وغذى ذلك موقف الصوفية منه عندما أصبح التصوف أساس الأشعرية المتأخرة. ولم نستفد من ميزات الخلق من العدم وهي الجدة والابتكار والإبداع، والتمايز الكيفي، واختلاف المستويات، ومحونا صفة الإنسان وانتزعناها منه ونسبناها إلى «الله» مما يكشف عن عجز الإنسان عن الخلق وتعويض هذا العجز عن طريق نسبتها إلى الموجود الكامل وتحققها فيه، لم تعد اليوم مخاطر من قدم العالم، فلا يوجد أحد ينكر أن «الله» موجود، أو يثبت أن العالم قديم كما يتصور القدماء لا خالق ولا صانع له، وجد من شيء مسبق، فقد كسب القدماء المعركة، وما زالت آثار انتصارهم موروثة. لا توجد ديانات أو ملل قديمة يخشى منها. هنا أيديولوجيات مشابهة للمادية القديمة، وهناك فلسفات علوم ولكنها مدعمة بالعلم ولا تمثل خطرا على وجدان المعاصرين، بل إنه يمكن التعرف على مميزاتها وإدراك آثارها، فهي ترد الاعتبار إلى العالم المفقود، وتملأ الوعي الفارغ، وتعيد العالم إلى بؤرة الشعور واهتمام الإنسان، فيصبح الإنسان ميدانا للنشاط، ويجد الإنسان العالم بعد أن فقده، ويعمل فيه بعد أن انعزل عنه، ويدخل إليه بعد أن خرج منه. كما تبعث فيه الفكر العلمي الكمي القائم على الاتصال حتى يتطبع به، ويجد الصلة بين العلة والمعلول، والعلاقة بين التقدم والتأخر. تجعل «الله» قريبا من العالم، عاملا فيه، داخلا إليه، فتعيد إلى الله فاعليته في العالم كما أعادت النشاط إلى الإنسان. ترد الاعتبار إلى المادة وأنها ليست مضادة للروح بل متحدة بها، فتحيا المادة ويعود إلى الروح مضمونها. (4) دليل الجوهر الفرد
অজানা পৃষ্ঠা