আকিদা থেকে বিপ্লবে (৪): নবুয়ত – পুনরুত্থান
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
জনগুলি
19
وماذا يعني تفاضل الأنبياء فيما بينهم؟ الأنبياء هم مجرد وسائل لتبليغ الوحي، وليس لهم أي فضل بأشخاصهم على غيرهم، وليس بينهم تفاضل؛ إذ إن كل نبي يمثل مرحلة من مراحل تطور الوحي، ولا تفاضل بين المراحل، بل تكامل بينها، بل إن المرحلة المتقدمة لأنها أقل رقيا ليست بأفضل من المرحلة المتأخرة لأنها أكثر رقيا، ولا المرحلة المتأخرة لأنها أكثر رقيا أفضل من المرحلة المتقدمة لأنها أقل رقيا، بل إن المرحلة الأخيرة والتي فيها يتم اكتمال الوحي وتتحقق الغاية منه، ليست بأفضل من المراحل السابقة التي لولاها لما اكتمل الوحي، بل ربما كان الأمر أكثر صعوبة في المراحل السابقة عنه في المرحلة الأخيرة، بعد أن تعودت البشرية على الوحي وارتقت بفضله. وكم لاقى من الأنبياء السابقين من العذاب والهوان والقتل ما لم يلاقه آخر الأنبياء، وكم عوقبت أمم الأنبياء السابقين بالطوفان أو الغرق في البحر أو بالربح أو بالجراد والقمل ما لم تعاقب به آخر الأمم. وعند كل أمة نبيها أفضل من جميع الأنبياء؛ لأنها أفضل من جميع الأمم.
20
وقد يمتد التفاضل فيشمل الملائكة والأنبياء والبشر؛ فيأتي جبريل في المقدمة، وبعده ميكائيل، ثم بقية رؤساء الملائكة، ثم عوام البشر؛ وقد يأتي الأنبياء أولا، كل حسب فضله، وفي مقدمتهم خاتم الأنبياء، ثم الخلفاء الأربعة، ثم التابعون، ثم يقل الفضل قرنا بعد قرن؛ وقد يأخذ الأولياء مكانا عليا بين البشر قبل الصحابة أو بعدهم؛ وقد يتفاضل من صحب الرسول من الجن مع أصحابه من الإنس، أو على الأقل يتساوون فضلا؛ فكلاهما صحابة! ويستمر التاريخ في النزول انحدارا من السماء إلى الأرض، وتلحق النبوة بالإمامة، ويصبح التاريخ تاريخ انهيار وسقوط بعد أن كان تاريخ رفع وعلو.
21
والحقيقة أن موضوع التفضيل إنما يكشف عن عقلية التدرج والمراتب، وتصنيف البشر حسب درجات الكمال والشرف، وهو تصور يقوم على أخطاء عدة؛ منها تصور الناس على درجات رأسية، يتفاضلون فيما بينهم علوا وسفلا، مع أن البشر جميعا متساوون لا يتفاضلون إلا أفقيا أماما أو خلفا؛
لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ، وتكون المنافسة على أخذ الدرجات العليا، وليس على السبق إلى الأمام وخلق الأفعال، وذلك كله إحساس بالتعويض والعجز. فالمحاصر في الواقع يفك حصاره إلى أعلى، فيتقدم نحو الوهم، ثم يتشخص ذلك كله في موضوع التفاضل بين الملائكة والرسل، وداخل عناصر كل مجموعة فيما بينها.
كما يظهر التفضيل بين الأنبياء والأئمة. والتفضيل من حيث المبدأ ممكن؛ لأنه تفضيل من نفس النوع؛ أي مفاضلة بين البشر. وتشتد المفاضلة خاصة عندما توضع الإمامة كاستمرار للنبوة، وعندما يوضع الإمام وريث النبي. وإن تفضيل الأئمة على الأنبياء هو تفضيل للفرع على الأصل؛ فالأئمة خلفاء الرسل كما أن العلماء ورثة الأنبياء، ولا إمام ثانيا بلا نبي أولا. وإذا ما اشتد التفضيل وأصبحت الأمة أفضل من الملائكة، فلأن الأنبياء أفضل من الملائكة؛ وبالتالي تكون الأئمة بالضرورة أفضل من الملائكة. وإذا ما تم تفضيل الأنبياء على الأئمة فذلك تفضيل للأصل على الفرع، وللسابق على اللاحق، وللنبوة على تأويلها، ولكن يصبح السؤال نفسه بغير ذي معنى إذا ما كانت نتيجة التفضيل علاقة التساوي بينهما، من حيث إن كليهما بشر لا يألو جهده في تحقيق الرسالة، ولكن يظل للنبي ميزة الاتصال والبداية، في حين أن ليس للإمام هذه الصفة. يوجد النبي في المحورين الرأسي والأفقي معا، في حين يوجد الإمام في المحور الأفقي وحده، ولكن نظرا لظروف المجتمعات المضطهدة فقد يصل الأئمة إلى درجة التأليه؛ فهم قادة الجماعة الذين سيحولون الاضطهاد إلى حرية، ويقلبون الجور إلى عدل، ومن الطبيعي أن تكون الأئمة حركة تصحيح لانحراف مسار النبوة، ولكن في المجتمعات السوية يقتضي التنزيه أن يظل الإمام إنسانا بشرا خالصا؛ تحقيقا لرسالة النبي واستمرارا لها.
22
وكما يظهر التفضيل بين الأنبياء والأئمة تحت أثر الإمامية، فكذلك يظهر التفضيل بين الأنبياء والأولياء تحت أثر الصوفية. وكيف تكون الولاية أفضل من النبوة، والولاية الفرع والنبوة الأصل؟ إن الوضع النفسي والاجتماعي للولي مشابه إلى حد كبير للوضع النفسي والاجتماعي للإمام، إلا أن الولي كان في مجتمع العجز ، وكان الإمام في مجتمع الاضطهاد، وكلاهما مجتمع هزيمة. فإذا كانت النبوة السلاح الرئيسي للنظام القائم والدولة المسيطرة، فقد كان من الطبيعي أن ترتفع درجة الإمام في مجتمع الاضطهاد، وأن يرتفع الولي في مجتمع العجز، فيصبح الإمام والولي أعلى درجة من النبي وأفضل منه. وعلى هذا النحو يمكن للناس اتباع الإمام والولي دون النبي؛ وبالتالي ينضمون إلى المعارضة ضد السلطة، ولكن في المجتمع السوي الأنبياء أفضل من الأولياء لو كان التفضيل يعني الاتصال بالوحي وتبليغ الرسالة، وهذا ما يحدث للنبي دون الولي. وإذا كان الصحابة أفضل من الأولياء، فكيف يكون الأولياء أفضل من الأنبياء؟ النبي كامل ومكمل، في حين أن الولي كامل فقط ولا يكمل أحدا، وليست له رسالة يبلغها للناس. النبي كامل عقيدة وشريعة، تصورا ونظاما؛ فكماله أشمل، في حين أن الولي كامل روحيا فقط، ولكنه ليس قائدا وزعيما ومؤسس دولة كما هو الحال عند النبي. إن موضوع التفضيل لا يتعدى كونه سلاحا سياسيا من أجل الصراع على السلطة، وإن تفضيل القادة إنما يعبر في حقيقة الأمر عن أحقية مجتمع كل منهم في السلطة بقاء أو انقلابا، طاعة أو خروجا.
অজানা পৃষ্ঠা