আকিদা থেকে বিপ্লবে (৪): নবুয়ত – পুনরুত্থান
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
জনগুলি
3
والنوع الثاني من أحواله قبل البعثة هي أمور في صفاته، مثل الصدق والأمانة والعفاف والشجاعة والفصاحة والسماحة والزهد، وبلوغه النهاية في العلوم والمعارف، وتمهيد المصالح الدينية والدنيوية. وهي صفات عامة لا تميز النبي عن غيره، ولا الرسول عن باقي البشر؛ فقد كان الصحابة كذلك. وهناك شجاعة القادة، وفصاحة الخطباء، وسماحة الأتقياء، وزهد الأولياء، وأمانة الأمناء على بيت المال، وصدق المخلصين، وعفاف المؤمنين، وعلوم الحكماء، ومعارف الصوفية، ودفاع الفقهاء المحتسبين عن المصالح الدينية والدنيوية، وإلا كان الكل أنبياء ورسلا، ولم يتميز عنهم خاتم النبوة بشيء، ولكانت النبوة سمات إنسانية خالصة، وقيما إنسانية رفيعة تستهوي الناس كما تستهويهم سير الأبطال والقادة والعلماء.
4
أما النوع الثالث من أحواله قبل البعثة وهي الأمور الخارجة عنه، فهي تجمع بين الصفات الجسدية العضوية ومظاهر الطبيعة، وذلك مثل شق بطنه وغسل قلبه. والحقيقة أن ذلك لا يتعدى صورة معنوية للطهارة، كما هو الحال في الأمثال العامية. فالقلب ليس في البطن بل في الصدر، والشرور ليست في القلب عالقة به فيغسل منها، ولكنها صفات في الأفعال يدركها العقل وتختارها الإرادة. وإن كان الرسول خيرا محضا دون شر، فقد انتفت حرية إرادته واختياره بين الخير والشر، وامحى منه التكليف وضاع منه الاستحقاق. وهي صورة رمزية للعصمة التي ستصبح إشكالا نظريا فيما بعد عندما يتحول صدق الرسالة إلى عصمة الرسول. أما إظلال الغمامة فوقه فهي صورة للحماية والحفظ والرعاية، ولكن هل الحماية من مظاهر الطبيعة فقط أم الحماية من شرور البشر وضغائن الأعداء؟ وهل الأمراض من حرارة الشمس وحدها؟ وأين الحماية من البرد وسائر الأمراض؟ وكيف توجد الغمامة في الحر القائظ وعدم وجود البخار من البحار؟ وكيف تظلل الغمامة وهي تسير بسرعة الريح إنسانا يسير بسرعة الإبل؟ أما تسليم الحجر والمدر عليه فهو نوع من تعرف الطبيعة وحساسيتها للنبوة في مقابل جحود البشر والتنكر لها. وحديث الطبيعة مع النبي معروف في تاريخ الأديان من قبل، مثل حديث سليمان مع الهدهد والنمل. وحديث الحجر أعجوبة في مجتمع صحراوي فيه الحجارة في وحشة الصحراء، وسلام المدر أيضا أمنية في مجتمع صحراوي يرنو فيه الإنسان للبعيد إذا ما عز القريب.
5 (3) هل له معجزات بالمعنى القديم؟
إذا كانت المعجزة بالمعنى القديم وفي المراحل السابقة على ختم النبوة هي خرق قوانين الطبيعة والجريان على غير المألوف، فإن هذا المعنى لا يكون ساريا في آخر مرحلة من مراحل النبوة عندما يكتمل الوحي وتتحقق غايته، وهو استقلال العقل وحرية الإرادة، وإلا كان ذلك ارتدادا للماضي وعودا إلى التبعية وحاجة الإنسان إلى وصايا خارجية، وذلك إنكار للتقدم والتحقق وقدرة الوحي على تربية الإنسانية وكمالها ورقيها. المعجزة يقين خارجي لا ينفع في مرحلة اكتمال الوحي واستقلال العقل والإرادة، بل إنها تكون مناقضة لهما؛ فالإسلام دين العقل والحرية، ولا تنفع معه خرق قوانين الطبيعة التي تنهدم بها قوانين العقل، ويكون الفعل فيها لقدرة خارجية وليس لقدرة الإنسان؛ فالمعجزة مستحيلة من حيث المبدأ في آخر مرحلة من مراحل النبوة، ولكن هل هي واقعة؟
6 (أ) استحالة نقل المعجزة بالآحاد أو بالتواتر
إذا كانت المعجزة واقعة بالفعل، فليس هناك من سبيل إلى معرفتها إلا بالنقل، ولا يكون النقل إلا بأخبار الآحاد، أو بالأخبار المتواترة. وأخبار الآحاد لا تورث إلا الظن ولا يحدث بها اليقين، وتظل محتملة الصدق والكذب. وكثير من روايات المعجزات أخبار آحاد، وأخبار غير متواترة؛ لذلك كانت كلها في الأحاديث وليست من القرآن؛ لأن القرآن خبر متواتر نقله الكافة عن الكافة، وليس كالحديث الذي به الآحاد والمتواتر. والآحاد لا يورث علما؛ ومن ثم لا يكون الآحاد طريقا إلى العلم بوقوع المعجزة.
أما المتواتر، فليس مجموع آحاد، بل له شروط أربعة في مقدمتها الاتفاق مع الحس والعقل، بالإضافة إلى العدد الكافي الذي يستحيل معه التواطؤ، واستقلال الرواة عن بعضهم البعض، وتجانس انتشار الرواية في الزمان. لا يمكن إذن إثبات المعجزة بالتواتر؛ لأنها تعارض شهادة الحس وبداهات العقل ومجرى العادات، وهي أحد شروط التواتر، والتواتر فيها ليس مثل التواتر على شجاعة علي؛ لأن شجاعة علي تطابق الحس ومجرى العادات، وليس فيها ما يناقض أوليات العقل أو قوانين الطبيعة. وكثير من روايات المعجزات كانت في أصلها آحادا ثم أصبحت متواترة.
7
অজানা পৃষ্ঠা