আকিদা থেকে বিপ্লবে (৪): নবুয়ত – পুনরুত্থান
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
জনগুলি
وتحيل الخواطر إلى موضوع الحرية والاختيار أكثر من إحالتها إلى موضوع العقل المكتفي بذاته دونما حاجة إلى نبوة؛ فقد يوجد الخاطران متضادين، الأول من الله والثاني من «الشيطان»، وعلى الإنسان أن ينصر الأول على الثاني في معركة الخواطر.
30
وقد يكون خاطر الدعوة إلى الطاعة أمرا خفيا للطاعة من الله، يقابله أمر خفي للعصيان من الشيطان، وقد يكون الخاطر قولا جليا من الله بلا واسطة أو بتوسط رسول مقرون بمعجزة، وقد يكون الخاطران مجرد باعثين في القلب على الإقدام والإحجام؛ أحدهما للطاعة، والثاني للمعصية، من أجل الاختيار بينهما دونما حاجة إلى تجسيم أو تشخيص أو تشبيه، وإلا لزم في حال الشيطان تكليفه بخاطرين؛ واحد من الله والآخر من شيطان آخر، ويتسلسل الأمر إلى ما لا نهاية.
31
والحقيقة أن الخواطر إنما هي البواعث النفسية والمرجحات العقلية التي تجعل الإنسان يختار بينها، وهي أقرب إلى طباع النفس وميولها ورغباتها، وما تميل إليه وما تنفر منه طباعا؛ فالعقل والطبيعة صنوان.
قد يستطيع الإنسان معرفة الحسن والقبح عن طريق التصفية؛ فالأفعال الإنسانية إن كانت خيرة ترتفع نفس فاعلها بحيث تكون أقرب إلى الملائكة والنفوس المجردة؛ وبالتالي لا تحتاج إلى نبوة من خارجها وإلى أنبياء يرشدونها وكان ذلك ثوابها. أما إذا كانت أفعالها سيئة هبطت إلى أسفل واقتربت من عالم الحيوان، وكان في ذلك عقابها، وهي نظرية التناسخ التي هي أقرب إلى النظريات الإشراقية التطهرية الأخلاقية؛ الصعود إلى النور والهبوط إلى الظلمة. لا تحتاج عالما آخر للثواب أو العقاب، بل يتم ذلك في هذا العالم في دورات الحياة المتعاقبة. العقل هنا هو تصفية القلب، العقل الباطني الذي لا يحتاج أيضا إلى نبوة أسوة بالعقل الاستدلالي.
32
والحقيقة أن هذه النظرة لا تصدق إلا على الصفوة العاقلة صاحبة الوعي المتميز، ولكنها لا تصدق على عامة الناس، هي ليست تكذيبا للأنبياء على الإطلاق، ولكنها تبين أن عقل الصفوة قادر على الاستغناء عنها.
33
فبالنسبة للعامة هناك أمور، خاصة العبادات وأشكالها، في حاجة إلى نبوة لبيانها؛ إذ لا يستطيع العقل الاهتداء إليها وإن استطاع معرفة الحكم منها وغايتها، ويظل الأمر بالنسبة للخاصة أن العبادات وأشكالها لا تكون جوهر النبوة التي هي في حقيقتها معارف نظرية يستطيع العقل أن يصل إليها. قد تكون النبوة ضرورية لعامة الناس الذين لم يتعودوا على ممارسة النظر وإعمال العقل، ولكنها ليست ضرورية للخاصة الذين تعودوا على النظر وعلى إعمال العقل، وقد ينشأ هذا التعود إما بالطبيعة وإما بالاكتساب وإما بكليهما معا، وهو ما أكده الفلاسفة أيضا، ومع ذلك يمكن للعامة أيضا بحسها الشعبي وببصيرتها التلقائية أن تدرك حقائق النبوة، خاصة العملية منها، مثل المساواة والعدالة، وهي الحقائق التي تتوق إليها الجماهير الغفيرة نظرا لما تعانيه من فقر وضنك؛ فالخاصة بعقولها، والعامة بضنكها يمكنها إدراك حقائق النبوة، كما يمكن بواسطة نشر التعليم تحويل العامة إلى خاصة، فيصبح كل أفراد المجتمع من الخاصة، وإذا كان العقل يستطيع أن يعرف كل شيء نظرا وعملا، عقيدة وشريعة، فقد تظل ممكنة لإباحة بعض الأشياء يحظرها العقل.
অজানা পৃষ্ঠা