আকিদা থেকে বিপ্লবে (৪): নবুয়ত – পুনরুত্থান
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
জনগুলি
وبالإضافة إلى التصور الإرادي المشخص والتصور المادي المتصل، هناك تصور إشراقي خالص لكيفية الإعادة أقرب إلى الأسطورة منه إلى الدين أو العلم؛ إذ تتحرك النفوس والأشخاص بالشرائع بتحريك النبي والوحي في كل زمان، دائرا على سبعة سبعة حتى ينتهي إلى الدور الأخير ويدخل زمان القيامة. ترتفع التكاليف، وتضمحل السنن والشرائع. وهي وسيلة لبلوغ النفس الإنسانية كمالها درجة العقل، وائتمامها به، ووصولها إلى مرتبه. وتلك هي القيامة الكبرى، فتتحلل تراكيب الأفلاك والعناصر والمركبات، وتنشق السماء، وتتناثر الكواكب، وتتبدل الأرض، وتطوى السماء، ويحاسب الخلق، ويتميز الخير من الشر، والمطيع من العاصي. وتتصل جزئيات الحق بالنفس الكلي، وجزئيات الباطل بالشيطان المبطل. فمن وقت الحركة إلى وقت السكون هو المبدأ، ومن وقت السكون إلى ما لا نهاية له هو الكمال. وفي هذه الحالة، لا يبعث إلا من استطاع بلوغ مراتب الكمال العليا من أولاد آدم وحدهم دون غيرهم، طبقا لقدراتهم على تصفية النفس وتخليد الذات. وهي نظرية في الخلود في العالم عن طريق الكمال، يبلغ عليها الطابع الكوني الإشراقي، وليس الطابع النظري العقلي الخالص.
18
والحقيقة أنه لا يهم كيفية الإعادة، وكيف تعود الأرواح إلى الأجسام، وكأننا في مبحث طبيعي؛ فالإعادة تصور إنساني خالص لتجاوز الموت واستمرار الحياة. هي رغبة إنسانية، وليست حدثا طبيعيا، مطلب إنساني يفرض نفسه على الطبيعة من كثرة التركيز عليه، واقتضاء تحققه، والاستجابة له.
فإذا ما تم الانتقال من الإعادة كموضوع عام إلى الإعادة كموضوع خاص، أي حشر الأجساد، ظهر موضوع الزمان. فهل يعاد الزمان باعتباره عرضا؟ وإذا عاد، فهل يعود بأبعاده؛ الماضي والحاضر والمستقبل؟ هل يعود بأعمار الإنسان والعالم المتتالية، أم في آخر لحظة فيه؟ هل يعود الزمان وحدة واحدة أم في لحظاته المتعاقبة؟ ويثير موضوع إعادة الزمان أشكال التتابع والتتالي والمراحل والتطور. هل يعود مرة واحدة أم على مراحل؟ هل يعود دفعة واحدة أم بالتدريج؟ إن عودة جميع الأزمنة تساعد على الشهادة على الأعمال المتحققة فيها، وما وقع فيها من طاعات وآثام. ومع ذلك قد تصعب إعادته؛ نظرا لاجتماع متنافيات مثل الماضي والحاضر والمستقبل في آن واحد، وهي صعوبة منشؤها قياس الغائب على الشاهد، خاصة لو كان الغائب حالة افتراضية لا يمكن تصورها، ولكن الزمان تيار جارف، وإذا عاد فإنه يعود كذلك. أما الزمان المتوقف فإنه لا يكون حياة، ربما يكون فقط تعاقب الزمان في الإعادة أسرع إيقاعا منه في الدنيا. وينعكس الإشكال نفسه على الحشر كله، هل يتم الحشر دفعة واحدة أم على فترات متعاقبة؟
19
وبالإضافة إلى سؤال الزمان تبرز أشكال الهيئة: هل تكون الإعادة كما كان الحال في الدنيا، أم تكون بصور أخرى متغيرة؛ الكافر يزداد قبحا، والمؤمن يزداد حسنا؟ ولكن الحساب لم يتم بعد حتى تتغير الصور، وعودة صور الدنيا وقبحها وقذارتها وأمراضها وبؤسها استمرار للبؤس بعد أن أنهاه موت البائسين، كما أنه استمرار لبهاء الأغنياء، وكأن الموت لم يكن نهاية للترف ومساواة بالفقراء؛ وبالتالي يعيش البؤساء في البؤس مرتين، كما يحيا الأغنياء في الغنى مرتين.
20
ولماذا يكون حساب يوم الميعاد بمقدار خمسين ألف سنة؟ وما الدافع لتضخيم الحساب؟ هل يرجع السبب في ذلك إلى كثرة العدد؟ قد يكون الهدف هو الدلالة النفسية؛ أي طيلة الانتظار والإحساس بطول الوقت؛ نظرا لأهمية الحدث فيه.
21
وقد ينكر موضوع الإعادة كله، ليس فقط باعتباره كيفية؛ أي استحالة المعدوم من لا شيء، وإمكان ذلك بالتجميع والتفريق للأجزاء، بل إنكار الإعادة من الأساس كموضوع ميتافيزيقي خالص، أو كموضوع جزئي في إنكار حشر الأجساد. ويأتي إنكار الإعادة نتيجة لعدة عقائد سابقة، منها إنكار حدوث العالم؛ فما دام العالم موجودا قديما وباقيا لم يفن، فإنه لا يعود. وهو أقرب إلى المنطق والاتساق ما دامت الإعادة نتيجة طبيعية للقول بالحدوث والإيجاد ومن عدم؛ فالإيجاد من عدم يتلوه طبيعيا الإيجاد بعد العدم. أما إذا ثبت حدوث العالم، ثم أنكرت الإعادة بعد العدم، فإنه يكون بين النتيجة والمقدمة عدم اتساق منطقي؛ فما دام إثبات الوجود من عدم قد تم، فإن الإعادة تكون أسهل؛ وبالتالي لا يمكن إثبات الحدوث وإنكار الإعادة. أما إذا ثبت حدوث العالم وإعادة المعدوم، فإنه لا يمكن بعد ذلك إنكار البعث والقيامة فيما يتعلق بحياة الإنسان بعد الموت، ابتداء من حياة القبر حتى الثواب والعقاب في الجنة والنار؛ إذ لا يمكن إثبات الأساس وهو الإعادة، وإنكار الفرع وهو الحشر، ولا يمكن إثبات المبدأ العام، وإنكار إحدى حالاته الخاصة؛ فالغاية من إثبات الإيجاد من عدم هي إثبات حشر الأجساد. أما إثبات صدق العالم وإثبات الإعادة، ثم إنكار البعث والقيامة وإسقاط الشرائع، فإنه أيضا يأخذ الوسائل دون الغايات؛ فالغاية من إثبات حدوث العالم والإعادة هي إثبات حشر الأجساد، والغاية من إثبات حشر الأجساد هي الثواب والعقاب جزاء على الأعمال طبقا لقانون الاستحقاق، والغاية من ذلك كله إقامة الشرائع؛ فالعقائد النظرية وسائل لتحقق غايات عملية، والتصورات الدينية إنما هي وسائل لأفعال خلقية.
অজানা পৃষ্ঠা