ক্রিড়া থেকে বিপ্লব (১): তাত্ত্বিক প্রবর্তনা
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
জনগুলি
في عشرين جزءا يعبر عنها بالقول والكلام والفصول، تشمل المقدمات مع الإلهيات ثلاثة أرباع العلم، والسمعيات الربع الأخير، ويبدو أن المقدمات النظرية، أعني نظريتي العلم والوجود، لم تتجاوز جزءا من عشرين جزءا من العلم؛ لأن نظرية العلم تدخل في مسائل العدل، الحسن والقبح، أو النظر والمعارف، والوجود هو المبحث الذي اعتمدت عليه الأشاعرة لصياغة دليل الحدوث أكثر من اعتماد المعتزلة عليه، وما دام العلم ذاته عقليا، فلم يكن هناك داع لتصديره بمقدمات نظرية كما هو الحال عند الأشاعرة عندما ظل العلم لديهم عقائديا، ولفظ الإلهيات لفظ أشعري يغطي مباحث التوحيد والعدل، ولكن المعتزلة لا يضمون الأصلين، التوحيد والعدل، تحت مبحث واحد، هو الإلهيات، من أجل الإشارة إلى ضرورة التمييز بين هذين الأصلين حرصا على عدم ابتلاع التوحيد للعدل كما حدث في علم الكلام على الطريقة الأشعرية، وكما نقاسي منه الآن من اختفاء العدل كلية كأصل مستقل في وجداننا القومي، ولأول مرة يكون التوحيد نصف العدل، ويكون العدل ضعف التوحيد؛ إذ يشمل التوحيد مع المقدمات النظرية الأجزاء الخمسة الأولى، في حين يشمل العدل الأجزاء العشرة التالية، بل إن بعض مسائل التوحيد التقليدية دخلت في مبحث العدل مثل خلق القرآن، وتفصلت مسائل العدل فشملت الإرادة، والتعديل والتجوير، والمخلوق، والتوليد، والتكليف، والنظر والمعارف، واللطف، والأصلح، واستحقاق الذم، والتوبة؛ أي أنها تشمل الموضوعين الأساسيين للعدل، خلق الأفعال، والعقل والنقل؛ أي فعل الإنسان الحر، وعقل الإنسان المستقل، كموضوعات مستقلة، وليس مجرد تطبيقات للتوحيد، فإذا كان التوحيد يشير إلى حق الله، والعدل يشير إلى حق الإنسان، فإن علم أصول الدين الاعتزالي قد أعطى الصدارة لحق الإنسان، وهو ما لم يحافظ عليه علم الكلام على الطريقة الأشعرية عندما ابتلع التوحيد العدل حتى اختفى العدل كلية من وجداننا المعاصر، ويكون علم الكلام الأشعري هو المسئول الأول عن تخلفنا الحالي، وقد حاولت بعض الحركات الإصلاحية قلب الآية، ومعاودة علم أصول الدين الاعتزالي من أجل إعطاء الصدارة للعدل ولكنها لم تؤت أكلها، ولم تؤثر في الناس، فقد ظل نصفها أشعريا في التوحيد، ونصفها الآخر معتزليا في العدل، وتكون هذه الحركات أكثر جذرية وأشد فاعلية إذا ما حاولت أن تكون اعتزالية في التوحيد والعدل من أجل اتساع المجال لحق الإنسان المطلق وإلا قامت حركات الإصلاح بخطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف، وتكون واقفة وهي تسير أو سائرة وهي واقفة.
15
أما السمعيات فإنها تشمل النبوات، والإمامة، وربما المعاد، والأسماء والأحكام، وتشمل النبوات نصف السمعيات نظرا لأهمية إعجاز القرآن، وإلحاق الشرعيات بالنبوة من أجل التركيز على دور الوحي في المجتمع والتاريخ، وليس في علاقاته بالنبي وبالله، فمهمة الوحي أفقية لا رأسية، بلاغ من النبي إلى الناس وليس بلاغا من الله إلى النبي.
16
وعلم أصول الدين الاعتزالي هو الوحيد الذي حاول أن يقيم ذاته على أصول، ويحدد بناء العلم عقليا دون ترك ذلك لفعل التطور والعمل والتاريخ، جيئة وذهابا؛ ومن ثم أمكن تحويل العشرين جزءا الماضية إلى أصول خمسة مشهورة، وهي التي تحدد بناء العلم الشامل مرة واحدة وإلى الأبد، فالمقدمات النظرية الأشعرية عن العلم والوجود موجودة في مقدمات الأصول الخمسة؛ وبالتالي يشترك الاتجاهان في أن بدايات العلم هي في مقدمات النظرية إجابة على سؤالي: كيف أعلم؟ وماذا أعلم؟ ومن حيث الكم تشمل هذه المقدمات النظرية عن أول الواجبات، وهو النظر المؤدي إلى معرفة الله حوالي ثمن العلم، أما التوحيد، وهو الأصل الأول، فإنه يشمل خمس العلم تقريبا، ولكنه بالإضافة إلى العدل، الأصل الثاني، فإنهما يشملان أكثر من نصف العلم؛ وذلك لأن التوحيد نصف العدل، والعدل ضعف التوحيد، فلأول مرة أيضا في أصول الدين يفوق العدل التوحيد، ويتميز عنه في أصل مستقل، وهو ما لم نستطع المحافظة عليه بسيادة علم الكلام الأشعري، وابتلاع التوحيد للعدل، واختفاء العدل كلية من وجداننا المعاصر، وتتفصل في نهاية الأصل الخامس مسائل العدل، القضاء والقدر، أفعال العباد، العون واللطف والمصلحة والتوفيق والعصمة، والآجال، والأرزاق، والأسعار، أما السمعيات باللفظ العشرين فإنها تشمل الأصول الثلاثة الباقية، الأصل الثالث عن الوعد والوعيد أي المعاد، والأصل الثاني عن المنزلة بين المنزلتين أي الأسماء والأحكام، والأصل الخامس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي الإمامة، وهي كلها تبلغ نصف العدل من حيث الكم؛ أي أنها تعادل التوحيد، ويظل العدل هو نصف العلم، والتوحيد والسمعيات نصفها الآخر، وهذا يعني أن العدل، وهو الأصل الثاني، يعادل من حيث الكم الأصول الأربعة الأخرى ابتداء من التوحيد، الأصل الأول، مارا بالوعد والوعيد، وهو الأصل الثالث، والمنزلة بين المنزلتين، وهو الأصل الرابع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو الأصل الخامس. صحيح أن الإلهيات بالمعنى الأشعري تشمل أصلين: التوحيد والعدل، والسمعيات بالمعنى الأشعري تشمل ثلاثة أصول: الوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن يظل العدل، وهو ضعف التوحيد، يوازي العلم كله، إلهياته وسمعياته، أما مسائل التوبة التي تنتهي بها الأصول الخمسة فهي أدخل في الأصل الثالث: الوعد والوعيد.
17
وقد يدور العلم كله على بابي التوحيد والعدل؛ أي يقتصر العلم على الإلهيات بالمعنى الأشعري دون السمعيات، مما يدل على أن السمعيات ليست جزءا جوهريا من العلم، ولو شئنا الاختيار بين محور واحد للعلم لأبقينا الإلهيات ولأسقطنا السمعيات، فالإلهيات عقلية، وبالتالي فهي يقينية، في حين أن السمعيات نقلية، ومن ثم فهي ظنية، والظن لا يغني من الحق شيئا، كان علم أصول الدين على هذا النحو الاعتزالي يمثل تقدما خطيرا في الفكر الديني باستيفاء محوري التوحيد والعدل؛ أي الأصلين الأولين دون السمعيات؛ أي الأصول الثلاثة الأخيرة. ليس معنى ذلك التضحية بالعمل وبالسياسة؛ أي بالفرد والتاريخ لأنه يمكن اللحاق بهما من خلال العدل، بل إن مبحثي التوحيد والعدل كليهما يدخلان تحت اسم «التكليف»، تكليف الله للإنسان مما يشير إلى أن علم أصول الدين على هذا النحو يدور حول محوري الله والإنسان، وصلة التكليف بينهما وهو تحقيق رسالة الإنسان، فإذا كان العلم، وهو التكليف، يشمل تسعة أسفار، فإن المقدمتين النظريتين عن العلم والوجود يشملان السفرين الأولين، وهما حوالي خمس العلم، مما يدل على أهمية المقدمات النظرية وإن لم تبتلع بعد العلم كله كما حدث في علم الكلام المتأخر، ثم هوت واختفت من وجداننا المعاصر، ولكن الوجود يمثل ثلاثة أضعاف العلم مما يدل على أهمية مبحث الوجود، وكيف أنه الوريث الوحيد للتوحيد ونهايته، وليس فقط مقدمة أو سلما له، ثم يأتي التوحيد في الأسفار الثلاثة التالية، الثالث والرابع عن الصفات، والخامس عن الذات، وينتهي الخامس بالكلام في العدل الذي يشمل آخر الخامس والأسفار الأربعة التالية من السادس حتى التاسع عن الحسن والقبح، وخلق الأفعال، والمخلوق، والتولد؛ وبالتالي يمثل التوحيد نصف العدل، والعدل ضعف التوحيد، ومع أنهما متمايزان إلا أنهما متداخلان؛ إذ يأتي الكلام على العدل بعد الذات والصفات؛ أي مع الأفعال، ثم يأتي موضوعا الإرادة والكلام مع مباحث العدل، وكأن صفة الإرادة، هي من صفات الله عند الأشاعرة، هي من مباحث العدل عند المعتزلة؛ لأن المقصود هو الدفاع عن إرادة الإنسان، وليس إثبات إرادة الله، كما أن مبحث الكلام عند المعتزلة من مباحث العدل؛ لأنه إثبات لخلق القرآن، وليس إثباتا لصفة قديمة كما هو الحال عند الأشاعرة، أما من حيث الأصول الأربعة، فيشمل الأصل الأول المقدمات النظرية، والثاني والثالث التوحيد، ذاتا وصفات، والرابع بيان ما لا يجوز عليه، وهنا يظهر العدل متداخلا مع التوحيد؛ فالعدل دفاع إيجابي عن الإنسان ووصف سلبي لله، في حين أن التوحيد دفاع إيجابي عن الله ووصف سلبي للإنسان، ويشمل العدل أكثر من ضعف العلم كله، المقدمات النظرية والتوحيد معا، ويخص العدل بالتفصيل ليس فقط عن طريق الفصول والأبواب، ولكن بالكلام. فهناك الكلام في الأفعال، والكلام في الإرادة، والكلام في القرآن، والكلام في المخلوق، والكلام في التولد، مما يدل على أن هذه الموضوعات التي تكون مسائل العدل ما زالت تكون بطريقة لاشعورية البناء الأساسي للعلم الاعتزالي، ولكنه للأسف لم يظهر في صورة بناء شعوري كما ظهر بناء العلم الأشعري، ومحاولتنا هذه «من العقيدة إلى الثورة» هو انتقال من بناء العلم الأشعري إلى بناء العلم الاعتزالي عن طريق اكتشاف العدل وراء الإلهيات والسمعيات معا، واضعا القرون العشرة الأخيرة «بين قوسين»، وعائدا إلى القرن الرابع القديم، مطورا بناء علم أصول الدين الاعتزالي، ولاحقا بالحركات الإصلاحية الحديثة، دافعا إياها خطوة أخرى إلى الأمام، نحو بناء العلم الاعتزالي بعد أن تركت نصفه اعتزاليا ونصفه الآخر أشعريا، ويكون هذا تطويرا وتحقيقا لمعنى نهاية الكتاب «في ذكر من ذم القدرية».
18
رابعا: من الأصول إلى البناء
بعد تحول الموضوعات إلى أصول كان من السهل تركيب الأصول في بناء، يكون هو البناء النهائي للعلم، وذلك عن طريق إدخال مجموعة من الأصول معا في أصل واحد أعم وأشمل، بحيث يكون عددها أقل ونطاقها أوسع. وقد تم ذلك تدريجيا على النحو الآتي: (1) نظرية الذات والصفات والأفعال
অজানা পৃষ্ঠা