ক্রিড়া থেকে বিপ্লব (১): তাত্ত্বিক প্রবর্তনা
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
জনগুলি
علم الكلام إذن من حيث المرتبة ليس بأشرف العلوم، لا من حيث الموضوع ولا من حيث المنهج، ولا من حيث الأولوية، ولا من حيث الفائدة، بل إنه أخطر العلوم العقلية النقلية القديمة من حيث تشويه الوحي والتعمية عن واقع المسلمين.
سابعا: وجوبه
(1) العامة والخاصة
يكاد يجمع القدماء على قسمة الناس إلى عامة وخاصة، يستوي في ذلك المتكلمون والفلاسفة والصوفية والفقهاء؛ فالعامة غير قادرة على الاشتغال بالأمور النظرية، ولا يجوز إدخال الشك إلى عقائدها بالبحث والنظر، أو الاستدلال على صحتها بالبرهان كما يقول علماء الكلام، كما أنها غير قادرة على إدراك المعقولات الخالصة والأمور المجردة؛ لأنها تحتاج إلى حس ومشاهدة، وغير قادرة على التأمل العقلي، فدورها في العبادة، وإقامة الشعائر كما يقول الفلاسفة، والعامة أيضا غير قادرة على إدراك الحقائق القلبية والعلوم الكشفية، يكفيها مسطحات الأمور في العقائد والفقه كما يقول الأصوليون، وهي أيضا عاجزة عن أن تفتي أو تجتهد، يكفيها سؤال المفتي أو المجتهد وتقليده كما يقول الفقهاء، فالعامة عند الجميع خارجة عن نطاق العلوم كلها أيا كانت موضوعاتها ومناهجها، يكفيها الإيمان والتصديق والاعتقاد، يكفيها الإذعان والانقياد والتقليد دون تشويش عليهم بالعلوم العقلية والأمور النظرية.
1
وقسمة الناس إلى عامة وخاصة قسمة ضيزى، تقوم على الإقرار بالجهل الاجتماعي والتسليم به دون تغييره والقضاء عليه، فالعامة تحتاج إلى تثقيف وتنوير دون أن تنهر عن العلم أو عن التفكير، وتلك هي مسئولية الخاصة؛ فالخاصة هم طليعة العامة، ولا تكون طبقة مستقلة عنها، متعالية عليها وأعلى منها، لكل منها علم أو حقيقة، بل لكليهما نفس العلم، إن لم يكن بصياغته فعلى الأقل بمحتواه. إن وجود طبقتين في المجتمع، طبقة جاهلة، وهي الأغلبية، وطبقة متعالمة وهي الأقلية؛ لتؤدي بالضرورة إلى سيطرة الأقلية على الأغلبية. إن ترك العوام على ما هم عليه، وتحريم الفكر والنظر عليهم ضد التنوير، وتثبيت للأمر الواقع، ورفض لتغييره، وإيمان على علم خير من إيمان على جهل، العامة ليست طبقة ثابتة ومعطى كائن بذاته، بل توجد العامة لنقص في التعليم، وتتلاشى بالتنوير، يمكن القضاء عليها بتثقيفها ومحو أميتها، ونقلها من الاعتقاد الأعمى إلى الإيمان المستنير. قسمة العامة والخاصة ليست قسمة مانعة جامعة، عازلة مغلقة، بل هي قسمة مفتوحة متحركة، تسمح بالانتقال منها وإليها، فكثيرا ما تفرز العامة قادتها، وكثيرا ما ينبغ من العامة مفكروها وعلماؤها وقوادها، وكثيرا ما يخرج من الخاصة جهالها، ليست كل قسمة دائرة مغلقة على نفسها تحتوي على أفرادها بالطبيعة والضرورة، وكيف يطلب من العامة السلبية التامة وقبول ما يعطى لهم وعدم تجاوزها، والإيمان بالتقديس، والتصديق، والاعتراف بالعجز، والسكوت عن السؤال، والإمساك عن التصرف، والكف عن التفكير، والتسليم لأهل المعرفة؟ إن مأساتنا مع جماهيرنا الحالية هو إيمانها بالمقدسات التي وصلت إلى حد المحرمات
Tabous
التي لا يمكن تناولها أو التفكير فيها أو التعرض لها بالبحث والتحليل، وعلى رأسها مقدسات ثلاث: الله، والسلطة، والجنس.
2
ولن تتقدم الجماهير إلا بتناول هذه الأمور وعرضها عرضا عقليا خالصا، وتحليلها تحليلا علميا صرفا حتى تخرج من دائرة الشعور إلى دائرة ما فوق الشعور، وحتى لا تعمل كدوافع باطنية في الخفاء، وتكون علنا ظاهرا على مستوى الفكر والافتراض العلمي، وإلا نشأت الحركات الدينية والسياسية السرية وعم المجتمع مظاهر الانحلال والفساد في الخفاء، وإن من مآسينا المعاصرة أيضا التصديق بما يقال دون طلب للدليل أو البرهان في حين أن ما لا دليل عليه يجب نفيه كما قال الأصوليون القدماء، وأن البرهان هو أساس اليقين، التصديق بلا برهان عجز، وإنكار للعقل، وإهدار للنظر، وكيف نعترف بالعجز عن الإدراك والتوصل إلى الحقائق العلمية، في حين أن قيمة الإنسان مرهونة بثقته بالعقل وبقدرته على الاكتشاف؟ إن التسليم بالعجز لفيه نهاية للإنسان من حيث هو قدرة على البحث والتحصيل، وإعلان للهزيمة في معركة لم تبدأ بعد، وانسحاب من الأرض والعدو لم يحتلها بعد! أما السكوت عن السؤال فهو ضد التفلسف، وضد التفكير، وضد تحديد المسئولية، التساؤل هو الكشف، ويحتوي على نصف الجواب إن لم يكن الجواب كله ، أما الإمساك عن التصريف فهي عبودية للحرف، وخضوع للنص، وهدم للعقل أساس النقل، وإنكار للمعنى الذي هو المقصود من اللفظ، وإلا فكيف يمكن الوصول إلى المعاني العامة، والنظريات الشاملة دون جمع للألفاظ تحت موضوع واحد؟ وكيف يمكن فهم الوحي طبقا لروح العصر دون تفسير أو تأويل؟ أما الكف عن التفكير فهو أيضا قهر للذات بلا مبرر، وطلب المستحيل بالنسبة إلى الإنسان، فالإنسان هو هذه القدرة الباطنة على الطرح والتساؤل، وعلى التعالي على المستوى المادي، وتجاوز الأمر الواقع، التفكر الباطني هو أساس الكشف، وهو عالم النظر والافتراض، وأخيرا يأتي التسليم لأهل المعرفة إذ يجعل الإنسان مقلدا لغيره، والتقليد ليس مصدرا للعلم أو للمعرفة.
অজানা পৃষ্ঠা