ক্রিড়া থেকে বিপ্লব (১): তাত্ত্বিক প্রবর্তনা
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
জনগুলি
43
وقد يسبق النظر القصد إلى النظر أو إرادة النظر أو اعتقاد النظر. أول النظر ومقدمته الأولى القصد إليه أو الإرادة له أو الوعي به أو الإحساس بالموقف والحاجة إليه، وهنا تبدو نظرية العلم كنظرية في القصد والاتجاه نحو الوضوح وهو النظر. وقد اعتبر البعض القصد إلى النظر تكليف ما لا يطاق؛ إذ يجب النظر وقد يعاق القصد إليه. والحقيقة أنه ليس تكليفا بما لا يطاق؛ لأن أي فعل من أفعال الشعور ما هو إلا قصد، ولا يمكن وجوب النظر دون القصد إليه. القصد مقدمة النظر وشرطه؛ لأن النظر في نهاية الأمر عمل العقل، والعقل صورة من صور الشعور. لا يمكن أن يكون النظر مجرد الفعل؛ فالنظر عمل الشعور، ولا يتم مصادفة بل بوعي بالموقف وبإحساس بضرورة الحاجة إليه. يحدث النظر بعد درجة من الوعي ثم يزيد الوعي ويجعله أكثر برهانا. وذلك ليس تكليفا بما لا يطاق. القصد إلى شيء هو الذي يكشف أهمية النظر؛ فالنظر لا يكون إلا نظر الشيء.
44
وقد يسبق النظر أو يحدث معه البحث في مقدمات النظر، وهو أول جزء في النظر. قد يكون هو الدليل أو العقل أو عمل العقل. وقد يكون هو النظر في وجوب النظر، فيكون النظر سابقا على النظر؛ إذ يسبق الأنا أفكر عملية الفكر. ولكن هذا السبق ليس أوليا مثل القصد إلى النظر، بل هو تابع للقصد، ويكون جزءا من عملية النظر، وهو الخاص بالاستدلال مع العلم بأن النظر واجب أولي لا يسبقه واجب نظري آخر. المعارف الضرورية هي بداية النظر. وقد يضم النظر والمعرفة والقصد معا في محاولة لوصف النظر في كل مراحله؛ مما يدل على أن النظر ليس مقصورا على مقدماته أو على مساره أو على نتائجه، بل عملية واحدة تشمل الحس والوجدان والشعور والواقع؛ وبالتالي يكون الخلاف لفظيا في أن كل رأي يصف عملية النظر ككل بأحد أجزائها، ويطلق عليه لفظ مثل المعرفة والنظر والقصد والإرادة والاعتقاد.
45
وقد يكون الخوف من ترك النظر هو أول الواجبات؛ نظرا لما ينتج من ترك النظر من مضار. والخوف لا ينشأ إلا بعد إدراك أهمية النظر وقيمته، وقد ينشأ بعد النظر، بعد التحقق من فائدته. كما أن النظر لا ينبني على الخوف ضرورة بل هو تعبير عن طبيعة الإنسان وكماله من حيث هو موجود عاقل، وتعبير عن وجود الدواعي والمقاصد والغايات.
46
وقد يسبق النظر الشك، وبالتالي يكون الشك أول الواجبات. صحيح أن الشك من مضادات العلم، ولكنه في هذه الحالة يكون الشك اللاأدري الذي ينكر وجود الحقائق، أو الشك العنادي الذي يؤمن بوجودها ولكن يعاند في التسليم بها وفي إمكانية معرفتها، أو الشك العندي الذي يؤمن بوجود الحقائق وإمكانية معرفتها ولكن يجعلها نسبية. هذا الشك شك مذهبي يجعل الشك غاية في ذاتها.
47
أما الشك هنا باعتباره بداية للنظر، فإنه يعني تطهير الذهن من الموروث حتى يمكن النظر ابتداء من أوليات العقل وبداهة الحس. فهو شك منهجي يجعل الشك وسيلة لا غاية. الشك هو الدافع على النظر والهادم للتقليد. لا يمكن النظر مع الجزم؛ لأن الجزم ناف للنظر ومستغن عنه. يتوجه الشك أساسا ضد الجزم من أجل القضاء على القطيعة التي لا تقوم على أساس؛ حتى يمكن للنظر حينئذ أن يعيد تأسيس المعرفة وبناء العلم. يحتاج النظر إذن، وهو خطوة إلى الأمام، إلى الشك، وهو خطوة إلى الخلف. وظيفة الشك هنا التخفيف من حدة الموروث، والإقلال من ضغط قوالبه الذهنية التي قد تمنع سيطرتها من النظر ومن البحث الحر. الشك متضمن في النظر، فلا ينظر الإنسان إلا إذا كان فاحصا وباحثا وغير مسلم بالأفكار المسبقة. الشك في القديم الموروث إذن، وفيما جرت عليه العادة والعرف أولى مهام النظر. ولا يقال إن الشك غير مقدور؛ لأن الشك هو البداية الطبيعية للنظر، وبداية الانتقال من القديم إلى الجديد. لا يتم النظر إلا في وضع اجتماعي، ولا يتحقق إلا في مرحلة تاريخية؛ أي إنه نظر في الزمان وبالتالي يكون مقدورا للناظر بل وباعثا له على النظر. الشك نظر مقلوب أو نظر إلى الوراء أو نظر ناف أو تحرر للنظر من الأحكام المسبقة والعقائد الموروثة. ولا يعني إيجاب الشك نفي إيجاب النظر من حيث هو قوة للرفض. ليس الشك قبيحا؛ لأن الناظر لا يعلم صحته، فالشك منهج وليس موضوعا، وسيلة لا غاية، بداية وليس نهاية. ويقبح فقط إذا انقلب إلى موضوع وغاية ونهاية، وتحول من نظر إلى علم. يحدث الشك في البداية كمقدمة للنظر، والنظر طريق العلم، فالشك إذن طريق للعلم. وإذا ظل الشك بداية ونهاية، فإنه يكون قبيحا مضادا للعلم.
অজানা পৃষ্ঠা