ক্রিড়া থেকে বিপ্লব (১): তাত্ত্বিক প্রবর্তনা
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
জনগুলি
والحقيقة أن كون العلم حالا لا يقضي على موضوعية العلم؛ فالعلم علم بالدليل، وبالتالي لا خوف من الوقوع في الذاتية النسبية. يظل النظر الصحيح حالا مختلفا عن النظر الفاسد ولا سبيل إلى التماثل بين الحالين. النظر حال للناظرين. وهناك فرق بين تصور العلم وحصوله؛ فقد يتصور المؤمن الإيمان دون أن يكون مؤمنا، التصور عقلي وحصوله نفسي. ويدل الدليل بصيغته النفسية، ويمحو كل شبهة. الدليل أيضا دليل وجداني. فإذا كان الدليل هو ما يتوصل إليه بصحيح النظر، فإن السبيل المفضي إلى العلم بوجوب النظر «اختلاج الخواطر في النفس وتعارض الجائزات في الحدس.» النظر علم شعوري؛ لذلك كان العلم صفة للحي؛ أي حالة له وصفة للعالم. تعريف العلم إذن: «اعتقاد الشيء على ما هو به مع سكون النفس إليه.» فإذا كانت الصفة للكائن الحي فالحياة شرط العلم؛ إذ لا علم للأموات وللجمادات، والصفة هي التي يمكن إدخالها بعد ذلك في منطق اليقين تصورا وتصديقا. فسواء كانت نقطة البداية الحالة أو الصفة، فكلتاهما تنتهي إلى تحليل العقل. ويبدو أن إثبات العلم كصفة هو انعكاس لمسألة الصفات في «الإلهيات» حين أثبت الاشاعرة الصفات وأثبت المعتزلة الأحوال. كما أن المسألة انعكاس للطبيعيات، فإثبات الصفة موجه ضد نفاة الأعراض والذين يعتبرون الصفات أجساما.
وقد ارتبطت نظرية العلم أيضا بالعمل والممارسة؛ فإذا كان العلم حالة شعور، فالإرادة أيضا حالة شعور، ومن ثم يكون الشعور مصدر العلم والإرادة معا، ومنبع النظر والعمل سواء. وقد يرمز لهذا التوحيد أيضا في الذات المشخصة في الإلهيات عندما يوحد فيها بين العلم والإرادة. يشمل العلم القدرة، فعل النظر وفعل الإتقان كلاهما مكونان للعلم؛ لذلك فضل البعض جعل العلم «ما يصح ممن قام به إتقان الفعل»، وبالتالي تدخل القدرة على تحقيق العلم. ولا يمكن الاحتجاج على هذا التعريف بعلم الإنسان بنفسه وبالله؛ فذاك أيضا ممكن التحقيق؛ إذ يحقق الإنسان ذاته بتحقيقه رسالته وغايته في الحياة، ومشروع عمره. كما يحقق الإنسان علمه بالله عن طريق تحقيق مقاصد الوحي في العالم، وتحويل الوحي إلى نظام مثالي للعالم، وتحويل العقيدة إلى شريعة، والتصور إلى نظام؛ فالتوحيد ليس نظرا فقط بل عمل أيضا، إدراك وسلوك، فكرة وفعل.
39
أما تعريف العلم بأنه «اعتقاد جازم مطابق لموجب»،
40
فإنه يخرج التصور من تعريف العلم لأن التصديق هو الذي يطابق أو لا يطابق، كما أن الجزم في الاعتقاد قد يحيله إلى تعصب وهو ورفض للحوار، وإذعان للمعارض، والتوقف عن التغير والاتساع طبقا للقرائن الجديدة. العلم ليس اعتقادا جازما، بل معرفة نظرية مفتوحة؛ لذلك عرف الحكماء العلم بأنه «حصول الشيء في العقل.» أو «تمثل المدرك في نفس المدرك.»
41
وهو تعريف صوري خالص يقوم على إثبات الوجود الذهني للأشياء وتحويلها إلى صور ومعقولات، وينكر دور الحس والمشاهدة والتجربة، بل وينكر وجود الأشياء المادية ذاتها والتأثير عليها وتحريكها وتغييرها والعيش معها، ورؤيتها رؤية مباشرة. وهو تعريف تطهري خالص يقوم على عالم المعقولات كبديل عن الإيمان، كما أنه لا يبين مستوى اليقين في هذا الإدراك، هل هو الشك أم الظن أم الوهم أو الجهل أو التقليد؟ فقد تحصل الصور في النفس بإحدى هذه المراتب في اليقين، وقد تكون علما وقد لا تكون علما، قد تكون صورة ذهنية وقد تكون تخيلا . فبالرغم من أن تعريف العلم بالمطابقة يشير إلى الذهن، فإن المتطابق يكون مع وجود الأشياء في الذهن؛ أي تطابق العقل مع نفسه. العلم هنا بناء الذهن أو صورة الشيء في العقل، وبالتالي لا يختلف العلم عن باقي مكونات الحياة العقلية من تخيل وتذكر. ونظرا لهذه الصورية في تحديد العلم، فقد يعني العلم أيضا عدم النقيض طالما أن التحليل الصوري يقوم على الاتساق. والنقيض يحدث في العلوم الجزئية ولكن مطلق العلم لا نقيض فيه. وإذا كان هذا التحديد العقلي للعلم يتجاوز الانطباع الحسي والسكون النفسي، فإنه يصل إلى تحليل المعاني الكلية الخالصة. والحقيقة أنه لا يتحدد العلم بهذا المستوى الصوري الخالص إلا بعد نشأة العلم في الشعور ثم تحويل مناطق الشعور إلى «أنطولوجيا» خالصة. حينئذ يمكن الاستغناء عن العالم الحسي والتجربة الحية وأفعال الشعور. ولا تجعل المطابقة مع الذهن العلم مجرد صورة بل هو معنى أو صفة أو موضوع. وهو ما سيصبح في علم أصول الدين المتأخر نظرية في المنطق، تصورا وتصديقا، فإذا ما أحدث العلم انكشافا في الشعور فإنه يتحول بعد ذلك إلى قضايا عقلية.
تتجه التعريفات السابقة كلها نحو المطابقة، وتظهر المطابقة في العقل وبالشعور ومع الواقع؛ لذلك تفاوتت حدود العلم في ثلاث: المطابقة مع الواقع، والمطابقة في العقل، والمطابقة في النفس. المطابقة مع الواقع تمنع أن يكون العلم وهما أو خيالا. والمطابقة في العقل تجعل العلم متسقا مع نفسه قائما على البرهان، والمطابقة في النفس تجعل العلم تمثلا واعتقادا ويقينا. العلم إذن مطابقة الشعور مع نفسه أو هو سكون النفس وتوطينها واطمئنانها وذلك لأن العقل والواقع مجالان للشعور وقطبان له. العلم في الشعور، والشعور مركز اللقاء بين العقل والواقع. لم تجد التعريفات السابقة للعلم بالمطابقة في العقل ومع الواقع مناصا من التعرض لأفعال الشعور في صورة أنماط للاعتقاد وعمليات التوضيح والبيان؛ فأصبح العلم هو الاعتقاد الجازم أو التبيين والاستبصار أو الفهم والفقه والفطنة والإحاطة والإدراك حتى يصل في النهاية إلى سكون النفس والاطمئنان إليه. فالعلم أوسع نطاقا وأشمل من المطابقة مع الواقع فحسب. إذا وقع العلم بعد الشك كان التبيين والتحقق والاستبصار، وإذا كان عملا للعقل سمي فهما وفقها وفطنة. قد يكون العلم هو العقل أو الإحاطة أو الوجود طبقا للحظة العلم وبنائه في الشعور. ولا يدخل هنا موضوع العلم، القديم أو المستحيلات، بل أفعال الشعور المؤدية إلى العلم. ولا يعني وجود العلم في الشعور اتجاها سلبيا أمام الأشياء، مجرد الحصول على انطباعات حسية منها، وأن الشعور لا يكون إلا محصلا مكتسبا مستقبلا بل هو اتجاه إيجابي نحوها لإنارتها وإدراك دلالتها وتعقيلها وتنظيرها وفهمها. يشمل العلم سكون النفس بالنسبة لشيء ما مع إدراك دلالته. الشعور موطن السكون، والواقع به الأشياء، والدلالة يحللها العقل. وعلى هذا النحو يحمي العلم نفسه أولا من الوقوع في الصورية والتجريد لارتباطه أيضا بالشعور الحي وبالواقع الملموس، كما يحمي نفسه ثانيا من التجريبية الفجة لارتباطه أيضا بالشعور الحي وبالعقل، كما يحمي نفسه ثالثا من الوجدانية الانفعالية الخالصة لارتباطه بالواقع الحسي وبالعقل النظري. للعلم إذن كيانه الذاتي والموضوعي، الصوري والمادي بفضل بنائه الشعوري.
ثالثا: أقسام العلم
অজানা পৃষ্ঠা