মিন আকিদা ইলা থাওরা (৫): ঈমান ও আমল - ইমামাহ
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
জনগুলি
ولا ضير أن يقع خطأ في الحواس؛ فشدة الانفعال وفقد الاتزان من هول قتل الأئمة وذبحهم يفقد الحواس القدرة على الإدراك السليم، ويصبح الخيال بديلا عن الحس، والتمني سائدا فوق الواقع، ويخلق الموضوع في الذات بدلا من أن تدرك الذات الموضوع. وفي هذه الحالة لا يهم من الإمام، هذا أم ذاك، ومن من الأئمة هو الحي الخالد؛ فإمام كل فرقة بعد استشهاده هو الحي الخالد. المهم هو الواقعة الحية والتجربة الإنسانية، وليس الحدث التاريخي، الشخص المعين باسمه ما دامت الظروف النفسية واحدة، والأشخاص ما هي إلا «معلقات» عليها وحوامل للدلالات. وإن الاختلاف في الإمام مات أم لم يمت يدل على الصراع بين الموقفين الحسي والخيالي، الواقعي والحالم، عقلية معتدلة أو نفسية متأزمة، موضوعية ومواجهة أو ذاتية وهروب. وإن اختلاف الفرقة في موت الإمام، مات أم لم يمت، لا يحتاج إلى تحقق تاريخي لواقعة الموت؛ لأن الأمر لا يتعلق بحادثة تاريخية موضوعية، بل بموقف ذاتي خالص تعبر فيه الجماعة عن رغبتها في الانتصار على الموت، ورفض الهزيمة عن طريق التمني وبصياغة الخيال. إن كان قد هزم الإمام بالفعل فإن إرادة الجماعة لم تنهزم، وإن كان حسه قد صدم فإن خياله لم يتوقف؛ وبالتالي تتحول الهزيمة في الحاضر إلى انتصار في المستقبل. وتكون الصدمة عندما يموت الإمام الحي فتفترق جماعته فرقتين؛ الأولى تنكر الموت، وأن الذي مات شخص آخر؛ والثانية تثبت الموت، وتنكر الجماعة وتخرج عليها، وتفيق من الخيال. لا يهم إذن الاختلاف في نهاية الأئمة، فتلك ظروف نسبية جزئية تكون مجرد حوامل للظروف النفسية، وأمام واقعة الموت تتهاوى كل دعاوى الخلود، وأمام أهواء البشر ينقشع الغمام، وتظهر الحيل، وتنكشف الاحتيالات، وتفيق الجماعة. وتظل الجماعة متأرجحة بين الواقع والخيال، لا تقوى على مواجهة الواقع، ولا تستطيع الفكاك من الخيال، وتشتد الحيرة، ويقع التشرذم، وتنشق صفوف المعارضين.
3
ويتضخم الإمام الحي الراجع، ويضم مظاهر الطبيعة، ويتشخص فيها. فيصبح الإمام الحي هو السماء وبرقها ورعدها وحركتها، بجبالها وأنهارها ووديانها، بسهولها وسواحلها، بأشجارها ونباتاتها، وبحيواناتها المتوحشة. فالسماء رمز للعلو، وتعويض عن سفل الأرض، وتمسك بالأعلى في حالة ضياع الأدنى والاستئصال منها. فالإمام في السحاب، رمزا للصفاء والبياض والطهارة والنصاعة والشفافية والخلفة والوفرة والخير، في المطر؛ الرعد صوته، والبرق سوطه. الإمام حي في منطقة نائية في جبال رضوى، فالجبل رمز للصمود والفخامة، والضخامة والعظمة، وهي جبال «رضوى» تشخيصا للرضا عن الإمام. أسد عن يمينه ونمر عن شماله يحفظانه، يأتيانه رزقه غدوة وعشية إلى وقت خروجه. وهي الصورة الشعبية الموجودة حول كل فارس ممثل للإيمان تحفظه الأسود والنمور، ويركب الخيل مقاتلا التنين والوحوش الكاسرة، والتي تدل على رغبة جامحة في الانتصار، وعلى وجود شعور بالبؤس أو إحساس بالشقاء، وعلى ضرورة الانتصار حتى ولو كان بالتمني يصنعه الخيال، ويمثل الحق الضائع والأمل فيه عن طريق خلق صور فنية له قد تكون لحيوانات واقعية مثل الأسد والنمر، أو خيالية مثل التنين يشرب من عينيه، عين من الماء وأخرى من العسل، صور من الجنة ومن الصحراء. إن الإيمان بإمام حي مشخص في الطبيعة على هذا النحو تعويض نفسي عن تقتيل الأئمة الذين خرجوا على الحكم الأموي، وتخيله بعيدا في الصحراء عن وحوش المدينة، تحرسه وحوش حقيقية أكثر أمانا من وحوش بني أمية، يعيش مع نفسه، رمزا للصفاء الخالص بعيدا عن شرور الدنيا وآثامها. الإمام المنعزل رمز للطهارة الضائعة التي آثرت العيش في الصحراء بعد أن استحال لها العيش في المدينة. وقد تكون هذه العزلة عقابا للإمام على رضاه عمن ظلموه وظلموا الأئمة من الحكام، وبيعته لبعضهم ورفضه الاستمرار في المعارضة والثورة المستمرة. تكون العزلة حينئذ عن البشر وعن الناس وكأنه سجين الصحراء. وكيف تكون العقوبة الخلود؟ وكيف يرتكب الإمام الذنوب وهو معصوم؟ إن الخيال الشعبي لا يعرف التناقض، ولكنه يصوغ وقائع وحوادث كتجارب حية في الشعور، ويصورها بالخيال دون أن يوجد لها نسقا عقليا مطابقا. كل موقف له بنيته النفسية الخاصة كحالة فردية.
4
ولا يخص ذلك الأئمة وحدهم، بل الصوفية كذلك، ما دامت الظروف النفسية والاجتماعية والسياسية هي التي تخلق العقائد، بل ولا يقتصر ذلك على الشيعة والصوفية وحدهم، بل يمتد إلى كل من يخضع للظروف نفسها، مثل بعض أئمة الخوارج الذين لا يستأنفون القتال فيتحولون إلى شيعة.
5
تنشأ هذه العقيدة من تضخم الذاتية خارج الموضوعية، والقضاء على استغلال الطبيعة، ثم تشخيصها أو السيطرة عليها بالخيال، وتصورها بالافتراض والتمني. كما تخضع الملائكة للإمام تعويضا عن رفضه خضوع البشر له، وتحييه وتبايعه تعويضا عن إنكار البشر لبيعته ورفضهم لها. يعينه بشر، كل منهم يحمل اسما أعظم. له مؤمنون، سبعة عشر رجلا بإيمان صادق تعويضا عن الآلاف بلا إيمان مرتشين. النصر للقلة المؤمنة على الكثرة الباغية. الأرض لهم في المستقبل إن لم تكن لهم في الحاضر. ويبلغ الإمام درجة القرب من الله بحيث يتعاملان معا حسيا وجسديا، يمسح الله بيده على رأسه تحببا إليه. كما يبلغ درجة النبوة؛ إذ يطلب الله من الإمام التبليغ عنه في دار التبليغ. والنطقاء بالشرائع، أي الرسل، سبعة، يعين كل منهم سبعة أئمة يتممون الشريعة. ويوجد في كل عصر سبعة يقتدى بهم؛ إمام يؤدي عن الله، وحجة يبلغ عنه، وذو مص يمص العلم، وأكبر يرفع درجات المؤمنين، ومأذون يأذن العهود على الطالبين، ومكلب يحتج إلى الداعي، ومؤمن يتبعه. ومظاهر الطبيعة أيضا سبعة؛ السموات والأرض وأيام الأسبوع والكواكب السيارة ... إلخ. وقد تحتاج الإمامة إلى الإقامة، ويتلو الإمام القائم. الإمام يعرف الحقائق العلوية والسفلية، والقائم يعرف الكليات في الجزئيات.
6
والرجعة تدل على رغبة في العودة إلى النضال والانتقام والنصر، وأن الهزيمة ليست فاصلة ولا حاسمة ولا نهائية. وما دام حيا لا يموت فهو أزلي من البداية، أبدي في النهاية؛ فخلود الإمام يؤدي إلى الرجعة. الإمام حي قائم خارج أرض الظلم والنفاق في أرض الطهارة والصفاء، يعود حتى يعود الحق معه ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. ويكون القتل الثاني بالحق لا بالظلم. ولا يؤثر فيه السيف كرد فعل على تقتيل الأئمة بالسيوف قبل الخلود والرجعة. ولا يتمتع الإمام وحده بالخلود والرجعة، بل أيضا كل من يتصل به من أهله وأنصاره، بل والعالم كله من أجله، فالخلود يسري بالاتصال، وينتشر بالتبعية، ويعم بالتضامن. كل من اتصل بالخالد فهو خالد مثله، وكأن الإمام يشع خلوده على الآخرين، وتسري عدوى خلوده في جماعته. ليس الخلود إذن صفة ثابتة، بل صفة مشعة. وإن القدرة المطلقة للإمام بعد موته رد فعل على عجزه المطلق في حياته، وتعويض نفسي عن الإحساس بمرارة الفشل. لا بد للحياة من أن تنتصر على الموت، والأمل على اليأس، والروح على البدن. وقد يتجاوز الخلود الإمام أو الموتى إلى الدنيا كلها. وهو إحساس ينتج عن تعويض نفسي بعد فقد الأئمة وتابعيهم لكل شيء في الدنيا. ينقلب الضد إلى الضد، ويتحول العدم إلى وجود، وعندما يضيع الابن يخلد بالصورة. يعود الأصحاب مع الإمام، وتعود الدنيا كلها إليهم، لهم المصير نفسه والمستقبل نفسه.
7
অজানা পৃষ্ঠা