আকীদা থেকে বিপ্লবে (৩): ন্যায়বিচার
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
জনগুলি
180
وكما أن القدرة الواحدة في الكسب لا تقدر على المتماثلات والمختلفات، فإنه أولى بها ألا تقدر على المتضادات؛ فالقدرة على شيء ليست قدرة على ضده؛ لأن كل قدرة تحتاج إلى قدرة خاصة في وقت الفعل، ولأن القدرة قدرة بشيء ولا بد من تعلقها بمقدور، والمقدور لا يكون مقدورين وإلا كانت هناك قدرة بلا مقدور أو فاعل بلا فعل وهو محال. وإذا كانت القدرة مقارنة للفعل فالمقارنة لا تكون للضدين وإلا لاستحال الفعل، ومن ثم كانت المقارنة لأحد الضدين فحسب. والخطأ هنا عدم التفرقة بين الممكن والفعل؛ فهناك قدرة ممكنة وإن لم تكن متعلقة بفعل، فإذا تحققت القدرة تعلقت بفعل. وعندما يتحقق أحد الضدين فمعنى ذلك أنه تحقق طبقا للباعث الأقوى. وتتحدد قوة الباعث بالفكر والغاية ودرجة التمثل له. أما أفعال النائم والساهي فإنها ليست أفعالا لأنه ينقصها الروية والتدبر والقصد والغاية. وإذا وقع فعل الإرادة دون الكراهية أو فعل الكراهية دون الإرادة، فلاختلاف الباعث والغاية والفكر أي لاختلاف الأساس النظري للفعل أو إن شئنا لاختلاف القيمة. لا تعني القدرة على الضدين القدرة على متناقضين طبيعيين كالسواد والبياض بل القدرة على فعلين مختلفين في القيمة من حيث الشرف كالظلم والعدل، أو القهر والتحرر. وهذا هو مناط الحرية، التحرك بين سلم القيم واتباع أعلاها أي أوسعها مدى وأكثرها تحقيقا لكمال الطبيعة. وإذا كانت القدرة بالضرورة متعلقة بأحد الضدين استحالت الحرية.
181
لذلك في الجبر أيضا القدرة غير صالحة للضدين لمقارنة القدرة بأحدهما ضرورة ووجوبا. ولا ينفع تجويز البدل في الأفعال لإثبات قدرة الإنسان؛ لأن البدل لا يجوز في الماضي الذي تم، بل في الحاضر المستدرك أو في المستقبل المنتظر الذي لم يتم. وما فائدة حرية في الماضي الذي وقع؟ ولماذا يكون أحدهما أولى بالوقوع من الآخر؟ وما المخصص؟ أليس ذلك كله تكليفا بما لا يطاق؟
182
ولا تفيد التفرقة بين نوعين من القدرة البدنية مثل الصحة وسلامة الحواس والأعضاء وبين ارتفاع الموانع النفسية، وهي مجموعة البواعث والأفكار والغايات، فتكون الأولى قادرة على الضدين في حين تقدر الثانية على فعل واحد فقط لإثبات الكسب. وذلك لأن تحريك اليد أو تسكينها ليس فعلا كاملا، بل هو فعل بدني خالص وليس له أية دلالة على السلوك الإنساني، في حين أن الفعل القائم على البواعث والغايات هو الفعل الإنساني الذي يعبر عن طبيعة الإنسان ووجوده . الفعل الحقيقي هو فعل الباعث والغاية، وهو ما زال في هذه التفرقة لا يقدر على فعل الضدين لمقارنة قدرته لأحد الفعلين.
183
ولا يمكن إثبات أن القدرة لا تقدر على الضدين مع الإبقاء على القدرة الممكنة قبل تحقق الفعل ودون حاجة إلى خلق قدرة جديدة للإتيان به؛ فطبيعة الإنسان واحدة، والقادر على تحرير الشعب لا يقدر على استعباده، والقادر على العلم لا يقدر على الجهل. الطبيعة موجهة للفعل كما أن الفكر موجه للسلوك، وكما أن الطبيعة لا تتغير فكذلك المبادئ لا تتغير، وكما أن الغاية باعث على الفعل، والغاية واحدة ماثلة حاضرة لا تغيب؛ فالفعل كذلك واحد. لا تصبح القدرة قادرة على الضدين إلا إذا تغيرت البواعث والمقاصد والأهداف. يستطيع الإنسان بقدرته أن يفعل الشيء ونقيضه باستثناء البواعث والغايات؛ فالقادر على الحركة قادر على السكون، والقادر على الكلام قادر على الصمت، ولكن القدرة البدنية ليست إلا إحدى مكونات الفعل، بالإضافة إلى الباعث والغاية. بل إن عدم وجود الباعث والغاية يصيب الإنسان أحيانا بالعجز عن الحركة؛ وبالتالي بتراخي القدرة البدنية؛ فالأفعال تتخلق بالبواعث والغايات. لو خلقت القدرة في لحظة الفعل كما هو الحال في الكسب بصرف النظر عن البواعث والغايات لحدث فعلان متضادان في وقت واحد. وإذا قيل إن الفعل لا يصلح إلا لذاته دون ضده رجع الكسب إلى الجبر، وأصبح الإنسان يخلق قدرة خارجية فيه غير قادر إلا على هذا الفعل دون غيره.
184
وفي الكسب أيضا القدرة على الفعل ليست قدرة على الترك؛ لأن الفعل يحدث بقدرة خارجية تجعل الفعل واقعا ومهيئا. ولا يجوز بعد ذلك ألا يحدث الفعل. وهو نوع من الجبر لأن الفعل الحسن هو الفعل الذي يقدر الإنسان فيه على الفعل والترك على السواء مع اعتبار الطبيعة وأنها موجهة برسالتها، وهذه هي الحرية الباطنية.
অজানা পৃষ্ঠা