আকীদা থেকে বিপ্লবে (৩): ন্যায়বিচার
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
জনগুলি
139
ويكون أقرب إلى الشحاذة أو السؤال، الكفان إلى أعلى للاستجداء، والدموع في العينين للاستعطاف، وحشرجة الصوت وانسداد الأنف من البكاء، وإنما البكاء للنساء! إن الدعاء في لحظات الضعف والعجز وقلة الحيلة لا ينفي قدرة الإنسان، بل يثبت قدرة أعظم مكمونة في الحاضر كي تتفجر في المستقبل. الدعاء مقدمة الفعل وإعداد له. ولا يتحقق الفعل إلا بعد أن يتحول الدعاء من مجرد الأماني والأحلام إلى التحقق بالفعل حسب القصود والدواعي.
140
إن وضع الإنسان بين الحركة والسكون، بين الإقدام والإحجام، بين النشاط والخمول، بين اليقظة والغفلة وضع طبيعي. وهما ليستا ملكتين نفسيتين بل حالتان وجوديتان تعبران عن موقف الإنسان في العالم وأن وجوده فعل وإمكانية تحقيق . يجد الإنسان نفسه بينهما في شد وجذب يتصارعانه ويهددان وحدته فيتجه نحو أحدهما بطبيعته واختياره عندما يتبع الدافع الأقوى وتمييز العقل، لأنهما متماثلان ويظل واحدا. ويتحدد مصير الإنسان بنوعية هذه الحركة من ذاته دون تدخل أية إرادة خارجية سواء في صالح السكون أو لصالح الحركة. لو تدخلت لصالح الحركة للبعض ولصالح السكون للبعض الآخر يكون تميزا مسبقا وجبرا على الإنسان وتدخل طرف جديد في معركة غير متكافئة الأطراف. وإذا تدخلت لصالح السكون والإحجام ضد حركة وتقدم أحد الأطراف يكون السؤال: كيف يصدر الشر عن الخير، والقبيح عن الحسن خاصة إذا كان الخير والحسن مظهرين للكمال المطلق، أي صفتين كاملتين مطلقتين؟ كيف تتدخل الإرادة الخارجية في حركة الإنسان دون أن تنكر فعله واستقلاله؟ ولا يعني وجود الإنسان بين واقعين: الإقدام والإحجام، الأمام والخلف، التقدم والتخلف، النهوض والسقوط أية ثنائية متعارضة قائمة على تطهر جانب وسقوط جانب آخر، تؤدي إلى الكبت أو الشذوذ أو النفاق أو التصوف كما هو الحال في الثنائية الرأسية بين الأعلى والأدنى، بل هي ثنائية أفقية يوجد فيها الإنسان حسب قوة الباعث فيه ووعيه الفردي والاجتماعي، فهو ساكن أو متحرك، خامل أو يقظ، مصمت أو حي.
كما لا يدل الشكر على نفي قدرة الشاكر وإثبات قدرة المشكور، بل قد يكون الشكر على تهيئة الفعل وعلى اللطف وحسن المعاملة. هدفه الاعتراف للآخر بفعله وبإعلان أداء واجبه وبحضور المبدأ العام الذي هو أساس سلوك الجميع. الشكر ليس تملقا ولا مدحا فلا شكر على واجب. ولا يدل على وجود يد عليا تعطي ويد دنيا تأخذ، بل هو إعلان لمساواة الأطراف جميعا تحت مبدأ عام هو الواجب وإمكانية تحققه بالفعل.
141 (8)
الوحي. إن القول بأن إثبات الحرية يقتضي بالضرورة إثبات العقل والتمييز والحسن والقبح الموضوعيين، وهذا يكون بالضرورة ضد الوحي الذي يعطينا صفات الأشياء وأحكام الأفعال، هو قول نصفه حق ونصفه باطل. صحيح أن إثبات الحرية يقتضي بالضرورة إثبات العقل والتمييز ووجود الحسن والقبح صفات موضوعية في الأشياء، ولكن ذلك لا يعارض الوحي لأن الوحي هو العقل والواقع، هو القدرة على التمييز. وهو قيم موضوعية وصفات في الأشياء. وهي حجة في نهاية الأمر تخرج من موضوع خلق الأفعال إلى موضوع الحسن والقبح، وتحل مسألة بالإحالة إلى مسألة أخرى، وتثبت شيئا بشيء آخر يحتاج إلى إثبات. فكون الوحي مصدر صفات الأشياء وليس العقل موضوع آخر يحتاج إلى إثبات في مسألة أخرى هي مسألة العقل والنقل أو العقل والسمع أو الحسن والقبح.
142
حتى ولو كان إثبات الحرية يتضمن إثبات العقل وأنه مصدر صفات الأشياء والتمييز بين الحسن والقبح كأساس للفعل الحر المختار، فما العيب في ذلك؟ هل لأن العقل أساس الفعل الحر المختار يلغي هذا الفعل ويثبت الجبر؟ يبدو أن إثبات الجبر يتضمن بالضرورة إلغاء العقل لأن الجبر في الأفعال والأسرار في الأفهام شيء واحد. إن إثبات حرية الفعل للإنسان لا يعني تغيير صفات الأشياء لأن الحرية قائمة على وجود صفات موضوعية في الأشياء يدركها العقل تجعل الفعل حسنا لصفات فيه وقبيحا لصفات فيه، كما أن الفعل في ذاته حسن وقبيح. إن إنكار الحرية يقتضي بالضرورة إنكار الحسن والقبح كصفتين في الأفعال يدركهما العقل.
143
অজানা পৃষ্ঠা