215

আকীদা থেকে বিপ্লবে (৩): ন্যায়বিচার

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

জনগুলি

الألطاف في حالة إثباتها قد تكون كل شيء. الخلق لطف؛ فبدون نعمة الخلق لا يستطيع الإنسان أن يدرك أو يفعل أو ينعم بشيء. والطاعة لطف؛ لأن نعمة الطاعة والرضا والسرور لا تعادلها لذة، ولا يساويها فرح. والوعيد لطف؛ لأنه باعث على الفعل وترصد لنتائجه وتفكر في العاقبة. ودعاء المؤمن على الفاسق لطف للداعي؛ لأنه يفرج حزنه ويقويه على خصومه. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لطف؛ لأنه بدونه يتسلط الحكام وتنهار الأمم. والكفارات ليست عقوبات بل لطف؛ لأنها تطهير للنفس وإعادة بناء لها. وإقامة الحد على السارق لطف؛ لأنه تثبيت للوعي وإدراك عملي للحق. والألم النازل بمن يستحق العقوبة لطف؛ لأنه إدراك عملي للقبح وإحساس بآلام الآخرين الناتجة عن فعل القبيح لهم. وما يستحقه الإنسان على فعله من غيره في حكم الموجب لطف؛ لأنه إدراك لما فعله الإنسان للآخر بالتبادل. وإتعاب النفس في المكاسب وطرقها لطف؛ لأنه إدراك لأهمية الفعل عن طريق بذل الجهد. وقد تكون زيادة الشهوة لطفا؛ لأنها إحساس بالحياة وقدرة على فورة النفس خاصة وأن المباح كثير، والعمل الذهني مصاحب لها، وسند لتحقيق رسالة الإنسان في الحياة.

18

ولكن في مقابل هذا المعنى الشامل للطف هناك معنى أضيق يحصر الألطاف في ثلاثة: المعارف النظرية، والنبوة، والتأييدات العملية.

فوجوب المعارف ألطاف؛ لأن المعرفة لطف. ولا تعني المعرفة بالضرورة من الخارج بل هي معرفة داخلية، نعمة الفكر والتأمل والاستدلال. لو لم يكن الإنسان عارفا لما كان سيد الكون، تحق له السيادة والسيطرة عليه وتسخير مظاهر الطبيعة لإرادته، ولكان أقل من الحيوان والجماد. يعلم الإنسان، ويعلم أنه يعلم أي إنه يعلم بالشعور، في حين أن الحيوان لا يعلم بأنه يعلم، يعلم بالغريزة، غريزة المحافظة على البقاء. والجماد وإن كان لا يعلم إلا أنه ليس وجودا مصمتا بل له دلالة، ودلالته معناه، ومعناه هو العلم. والمعرفة بهذا المعنى تكون واجبة عقلا كما تجب بالسمع، وقد تكون أساسا له وأحيانا بديلا عنه . معرفة الله لطف في أداء الواجبات لأنها تدفع الضرر عن النفس، واللطف هو الكرم والجود والعطاء وتقديم الخير على الشر والنزوع الطبيعي نحو الخير. ينشأ وجوب النظر من الرغبة في دفع الضرر، وهذا واقع اجتماعي. كلما كف الناس عن النظر ألحقت بهم الأضرار واستخفت بهم السلطة وسيطرت على مقاديرهم. وكلما نظر الناس وأعملوا عقولهم أدركوا أمورهم وكانوا على وعي بأحوالهم، وكانوا الرقباء على السلطة وما أمكن لأحد الإيقاع بهم أو إيهامهم.

19

والنبوة باعتبارها معارف نظرية وتوجهات عملية هي أيضا لطف. وإن استقلال العقل وقدرته على التمييز تجعل السمع لطفا من الله فيصبح جائز الوقوع وليس ضروري الوقوع. فكما أن النظر والمعارف لطف بالنسبة للعقل بإضافة الاستدلال إلى البداهة، فإن النبوة لطف بالنسبة إلى العقل لأنها يقين البداهة التي يقوم العقل بعد ذلك بتحويله إلى منطق الاستدلال؛ فالصلة بين النبوة والعقل هي صلة الحدس بالبرهان.

20

ولا يفترق في ذلك الخاصة عن العامة إلا في عمق الحدس وتنوع البرهان. النبوة لطف بمعنى تثبيت اليقين وتحويل البداهة العقلية إلى تصديق وجداني. تعطي افتراضات للبرهان تتحقق في الحس والمشاهدة وتثبت بالاستدلال. تحمي العقل من الوقوع في التجزئة والمتناهي في الصغر وتحرص على النظرة الشمولية للحياة. تقصر وقت النظر من أجل تخصيص الجهد وتوجيهه نحو العمل والتحقيق.

أما التأييدات العملية فهي ما يشعر به الإنسان في داخله من توفيق وعون وسداد. وهو التمكين بما فيه من البواعث والدوافع والإمكانيات والوعي والدراية، وكل ذلك سابق على إتيان الفعل. وقد تحدث إمكانيات أخرى أثناء الفعل مصاحبة له، تقويه وتدفعه وتطيل وقته وتجعله أكثر رسوخا وبقاء في التاريخ. فالوقت لا يتجزأ إلى أوقات منفصلة، بل هو شعور دائم ومتصل، يكمن فيه الإحساس بالرسالة المتصلة التي تعبر عن قدرة الإنسان ومصيره. يحدث اللطف في حال الفعل الذي هو حال وجود، أثناء تحققه كقوة متولدة منه، سرعة بديهة في الإدراك، وقوة الباعث في النفس، والرؤية التاريخية على المدى الطويل. ويكون لا شعوريا أولا ثم يراه الإنسان وقد تحقق في نفسه وأمامه، في الواقع وفي الشعور.

21

অজানা পৃষ্ঠা