من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال

মুহাম্মদ দেউসুকি d. Unknown
15

من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال

من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال

জনগুলি

والحق أن الأمر في هذا لا يعدو أن يكون كناية عن المداومة في فعل المجيئ، وفي استدامة الدعاء، وفي عدم انقطاع الرزق عن أهل الجنة، ولا يعني بحال أن يخرج اللفظان عن حقيقتهما الموضوعة لهما في اصطلاح التخاطب، إذ ليس من المعقول أن يظل هؤلاء المتحدث عنهم في آية الأنعام على حال واحدة لا يحيدون عنه ولا يميدون، كما لا يعقل أن يبقى أهل الجنة الوارد ذكرهم في آية مريم يطعمون ويشربون مدة خلودهم الأبدي وبقائهم السرمدي، إذ ذلك - مما لا شك فيه- مما يبعث على الملل ومما يتنافى مع خلق التوسط والزهادة اللذين تربوا عليهما في الدنيا، كما أن فيه مشغلة كذلك عن التمتع بسائر ألوان النعيم الأخرى التي أعدها الله لعباده الصالحين من نحو التسري بالحور العين والتقابل على السرر والأرائك والورود على الحوض ومصاحبة الأخلاء من المتقين والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، بل وفوق كل ذلك وأعلاه السعي لنيل رضا الله سبحانه والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم كما في قوله ﷺ عن رب العزة سبحانه من أنه (يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير بين يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يارب وأي شيئ أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا) (١)، وقوله فيما رواه مسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناديًا يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدًا يريد أن ينجزكموه فيقولون: وما هو؟ ألم يثقل موازيننا ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويُجِرْنا من النار؟ قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم) .

(١) رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

1 / 15