قال أبي رحمه الله: وقد كان صار إلى شعرة أو شعرتان من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ، وسعى بعض القوم إلى القميص ليخرقه في وقت ما أقمت بين العقابين فقال لهم: لا تخرقوه، انزعوه عنه قال أبي: فظننت أنه درئ عن القميص الخرق بسبب الشعر الذي كان فيه ثم صيرت بين العقابين وشدت يداي، وجيء بكرسي فوضع له فجلس، وابن أبي دؤاد قائم على رأسه، والناس أجمعون قيام ممن حضر. فقال لي إنسان ممن شدني خذ ناتى الخشبتين بيدك وشد عليهما، فلم أفهم ما قال: فتخلعت يداي لما شدت ولم أمسك الخشبتين. قال أبو الفضل لم يزل أبي رحمة الله عليه يتوجع من الرسغ إلى أن توفي.
ثم قال للجلادين: تقدموا، فنظر إلى السياط، فقال: ائتوا بغيرها. ثم قال لهم: تقدموا، فقال لأحدهم: ادنه، شد، قطع الله يدك! فتقدم فضربني سوطين ثم تنحى فقال للآخر: ادنه، شد، قطع الله يدك! فتقدم فضربي سوطين ثم تنحى، فلم يزل يدنو واحد بعد واحد، فيضربني سوطين ثم ينتحى. ثم قام حتى جاءني وهم محدقون بي، فقال: ويحك يا أحمد، تقتل نفسك، ويحك، أجبني حتى أطلق عنك بيدي. قال: فجعل بعضهم يقول لي: ويلك، إمامك على رأسك قائم، قال فجعل عجيف ينخسني بقائم سيفه، ويقول: تريد أن تغلب هؤلاء كلهم؟!. قال: وجعل إسحاق بن إبراهيم يقول: ويحك، الخليفة على رأسك! قال: ثم يقول بعضهم: يا أمير المؤمنين دمه في عنقي، قال: ثم رجع فجلس على الكرسي، ثم قال للجلاد: ادنه، شد قطع الله يدك! ثم قام إلي الثانية فجعل يقول: يا أحمد، أجبني، فجعل عبد الرحمن بن إسحاق يقول: من صنع بنفسه من أصحابك في هذا الأمر ما صنعت؟ هذا يحيى بن معين، وهذا أبو خيثمة وابن أبي إسرائيل ..، وجعل يعدد علي من أجاب، وجعل هو يقول: أجبني. قال: فجعلت أقول نحوا مما كنت أقول لهم. قال: فرجع فجلس ثم جعل يقول للجلاد: شد قطع الله يدك. قال أبي: فذهب عقلي فما عقلت إلا وأنا في حجرة مطلق عني الأقياد، فقال إنسان ممن حضر: كنا أكببناك على وجهك، وطرحنا على ظهرك بارية ودسناك! قال أبي: فقلت:
পৃষ্ঠা ৫৮