203

والجواب: ليس العلة في قدرة الله تعالى على الإعادة هي قدرته على الإحداث، ولا دليل على ذلك بل العلة كونه قادرا لذاته وأحدنا قادر بقدرة، والقدرة لا تتعلق على التفصيل إلا بمقدور واحد، مع أنهم أقاسوا الشاهد على الغائب وهو عكس الصواب، وأيضا يلزمهم في الكسب مثله على أن في أفعال الله تعالى ما تستحيل إعادته، فيبطل قولهم: إن من قدر على إيجاد شيء قدر على إعادته.

فإن قيل: وما الذي تستحيل إعادته من أفعاله تعالى؟

قيل: هو ما فعل بسبب، والأجناس التي لا تبقى كالصوت ونحوه.

أما الأول: فلأنه لو أعيد ابتداء للزم أن يكون له في الوجود وجهان فيحصل على أحدهما بقادر وعلى الآخر بقادر آخر، وفي ذلك صحة مقدور بين قادرين وهو محال، ويلزم أيضا قلب ذاته لأن احتياجه إلى سببه ذاتي له، وإن أعيد بسبب فإن كان ذلك هو السبب الأول لم يصح، وإلا لزم أن يكون للسبب الواحد في الوقت الواحد مسببان: أحدهما المعاد، والآخر مسبب الوقت، والسبب كالقدرة لا يكون له في الوقت الواحد إلا مسبب لا يتعداه إلى غيره.

قال الإمام (المهدي) عليه السلام : إذ لو صح تعديه في الوقت الواحد إلى أكثر من مسبب واحد لزم أن لا يقتصر على حد فيتعدى، ولا حاصر فيصح أن يولد ما لا نهاية له، فيلزم إذا قدرنا على فعل السبب أن نقدر على ما نهاية له من المسببات، فيلزم ما قدمنا من المحال.

قلت: أراد عليه السلام بما قدمه من المحال أن السبب إذا كان مقدورا لنا لزم منه والحال هذه ممانعة القديم تعالى؛ لأنا إذا قدرنا أنه أراد تحريك جسم وأردنا تسكينه، فإنه كلما أوجد حركة أوجدنا سكونا ثم كذلك، فلا يصح منه تحريكه في ذلك الوقت، وممانعة القديم محال فما أدى إليه فهو محال، والذي يؤدي إليه هو تعدي السبب والقدرة، وإن كان غيره فذلك يقتضي اجتماع سببين على توليد مسبب واحد، فيؤدي إلى مقدور بين قادرين.

পৃষ্ঠা ২০৩