والجواب: أن التخليط وعدم التثبت إنما وقع من السيد محمد بن إسماعيل والمقبلي لعدم تحقيقهما لعلوم العترة الزكية وسائر العدلية، وأما ما ذكره الإمام القاسم وولده -عليهما السلام- فهو الجاري على قواعد العدل، وذلك أن الثواب والعقاب يلازمان المدح والذم، ويستحقان بما يستحقان به من فعل الحسن وارتكاب القبيح، ولذا قالوا في دليل دوام الثواب والعقاب أنهما نظيران للمدح والذم وهما يستحقان دائما، فكذلك الثواب والعقاب لاتحاد جهة الاستحقاق في الكل.
ولا أظن إلا أن السيد محمدا والمقبلي يريدان التمويه بهذه الدسيسة ليتوصلا بذلك إلى منع كون الثواب والعقاب يستحقان عقلا، لكنها دسيسة مكشوفة فإن كتب الزيدية والمعتزلة تزيل التمويه، وتدفع التشكيك بلا كلفة، بل ذلك أشهر من نار على علم.
هذا القرشي في (منهاجه) والسيد مانكديم في (شرحه) اللذين حكى عنهما السيد محمد ما تقدم مصرحان في كتبهما عنهما وعن علماء العدل باستحقاق الثواب والعقاب عقلا، وأنهما يستحقان بما يستحق به المدح والذم، ولهذا أثبت أهل العدل دوام الثواب والعقاب.
وأما قاضي القضاة فمذهبه أن العقاب لا يثبت إلا عقلا، وسيأتي تحقيق هذا كله في مواضعه، وبهذا يتبين لك أن ابن الأمير والمقبلي لم يشنعا إلا على أنفسهما، ولم يرجع لومهما إلا عليهما.
পৃষ্ঠা ১১৯