الفصل الثامن: في لواحق بها يكمل الكتاب
اعلم أن هذه المعارف الشريفة ؛ والمقامات العالية المنيفة : لا تسكن إلا في القلوب الطاهرة؛ والأبدان المستعملة في مراضي الله تعالى من الأعمال الصالحة، ولا تسكن في قلب ملوث بالشهوات محشو بمحبة العلو والاستتباع والرئاسات، ولا في قلب معلق بشيء من العوالم السفليات، إلا في قلب صادق في طلب رب السماوات، لتقر عينه بلقائه ويحظى لديه بخصائص التقريبات.
وعلامة صاحب هذه الهمة: كمال التقوى والمحاسبة ورعاية الجوارح السبعة: العين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل كما مر أولا - عن جميع محرمات الشرع ومكروهها، ومع ذلك فيكون قواما على قلبه بالرعاية التامة والمراقبة للهمم الدينية والخواطر النفسانية، يراعي اطلاع الرب تعالى عليها، فهو يتقيه ويخشاه في سره كما يخشاه في علانيته، فهذا علامة الصديقين الطالبين المستعدين لهذه المعارف السنية؛ والأحوال العلية.
وكل من لم يحقق هذا الأصل؛ ولم يدخل فيه: لا يصلح لهذا الشأن إلا أن يشاء الله له ذلك، فإن علامة المرادين لهذا الأمر : قيامهم على الخواطر حتى ينقوها من المكاره، ثم من الفضول، ثم ينطلق من أسرار النفس فتبقى سماوية ذاكرة ذكر اللذات.
পৃষ্ঠা ৭৫