إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ لَا أَن شَيْئا من السّنَن يُخَالف الْكتاب. قلت: وَالْحَاصِل أَن معنى احْتِيَاج الْقُرْآن إِلَى السّنة أَنَّهَا مبينَة لَهُ ومفصلة لمجملاته، لِأَن فِيهِ لَو جازته كنوزا تحْتَاج إِلَى من يعرف خفايا خباياها فيبررها وَذَلِكَ هُوَ الْمنزل عَلَيْهِ ﷺ، وَهُوَ معنى كَون السّنة قاضية عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْقُرْآن مُبينًا للسّنة وَلَا قَاضِيا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا بَيِّنَة بِنَفسِهَا، إِذْ لم تصل إِلَى حد الْقُرْآن فِي الإعجاز والإيجاز لِأَنَّهَا شرح لَهُ، وشأن الشَّرْح أَن يكون أوضح وَأبين وأبسط من المشروح، وَالله أعلم. وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن هِشَام بن يحيى المَخْزُومِي: "أَن رجلا من ثَقِيف أَتَى عمر بن الْخطاب فَسَأَلَ عَن امْرَأَة حَاضَت وَقد كَانَت زارت الْبَيْت ألها أَن تنفر قبل أَن تطهر؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ لَهُ الثَّقَفِيّ: إِن رَسُول الله ﷺ أفتاني فِي مثل هَذِه الْمَرْأَة بِغَيْر مَا أَفْتيت، فَقَامَ إِلَيْهِ عمر فَضَربهُ بالدِّرة وَيَقُول: لِمَ تستفتوني فِي شَيْء أفتى فِيهِ رَسُول الله ﷺ". وَأخرج عَن ابْن خُزَيْمَة قَالَ: "لَيْسَ لأحد قَول مَعَ رَسُول الله ﷺ إِذا صَحَّ الْخَبَر". وَأخرج عَن يحيى بن آدم قَالَ: "لَا يحْتَاج مَعَ قَول النَّبِي ﷺ إِلَى قَول أحد إِنَّمَا كَانَ يُقَال سنة النَّبِي ﷺ، وَأبي بكر، وَعمر، ليعلم أَن النَّبِي ﷺ مَاتَ وَهُوَ عَلَيْهَا". وَأخرج عَن مُجَاهِد قَالَ: "لَيْسَ أحد إِلَّا يُؤْخَذ من قَوْله وَيتْرك من قَوْله إِلَّا النَّبِي ﷺ". وَأخرج
1 / 44